عبّرت مجموعة من نساء العراق عن سخطهن الكبير على قانون الاحوال الشخصية الجعفري، موضحات أن هذا المشروع يحرم المرأة من حقوق عديدة في الزواج والطلاق والارث والحرية الشخصية وينزل بدورها في المعاشرة الزوجية الى مرتبة دنيا، مشددات على أنهن سيعملن على اسقاطه مثلما فعلن في السابق، حينما وقفن بالضد من اراد الغاء قانون الاحوال الشخصية النافذ، واستنكرن موقف البرلمانيات في مجلس النواب اللواتي فضلن السكوت.
وقالت الشاعرة والناشطة سمرقند الجابري: "اعلنت ناشطات في المجتمع المدني الحداد بمناسبة عيد المرأة احتجاجًا على القانون الجعفري الذي يحول المرأة الى كائن بلا حقوق وكرامة في الوقت الذي انضم فيه العراق الى معاهدة سيدوا التي تناهض العنف الاسري والاجتماعي والموافقة على إستراتيجية العنف ضد المرأة، وجاءت تلك الوقفة في قصر المؤتمرات بحضور هناء ادور، رئيسة منظمة الامل، ونبراس المعموري، رئيسة منظمة اعلاميات عراقيات، وبحضور شاعرات وإعلاميات برفع مطالبهن الى رئيس البرلمان اسامة النجيفي".
واضافت الجابري: "أسجل اعتراضي الشديد حول عدم العمل بقوانين الدستور العراقي وتطبيقها قانونيًا بأن تلقى المرأة حقها في أن تعامل ككائن مستقل وله حقوق، وأن تعامل المرأة بهذه العبودية واستغرب المواقف الصامتة لعضوات في البرلمان العراقي وناشطات المجتمع المدني".
وتابعت: "جاء عيد المرأة عندما حققت النساء انتصاراً على سجانهن.. كيف نحتفي ونحن لم نخرج بعد من تلك العبودية القامعة؟، كيف لا نرتدي السواد ولا نعتصم ونقف احتجاجًا ونحن نعود الى زمن الرقيق؟، انا كمثقفة أتعرض لأنواع عديدة من العنف ومصادرة الحقوق.؟. هل احتفي بعيد المرأة واحمل الورد كأن حقي ووجودي كامرأة هو بين يدي؟
تهميش واستلاب
وقالت المحامية سهام المالكي: "يمر علينا يوم المرأة العالمي والنساء العراقيات يتعرضن الى محاولات لسلب حريتهن وحقوقهن واضطهادهن وتهميشهن، ومن المؤسف أن تقوم النسوة العراقيات بارتداء ملابس الحداد في عيدهن العالمي الذي من المفروض أن يكون فرحاً وسعادة بحصولهن على حقوقهن كاملة وتكون لهن كلمة مسموعة في الاوساط المختلفة وبالاخص منها السياسية، ولكن للأسف جاء العيد وهناك من يريد أن يقسوا عليهن بشكل غير طبيعي، حينما يريدون سن قانون لانتهاك كرامة المرأة بشكل غير معقول".
وأضافت: "انا اؤكد أن لبس الحداد في عيد المرأة العالمي له معناه، خاصة أن مجموعة من النساء ذهبن الى البرلمان العراقي وهنّ بثياب الحداد ولافتات الاحتجاج على هذا التهميش والاستلاب، واعتقد أنهن محقات، وأنا اؤيدهن ولا بد لنا أن نرفع اصواتنا عالياً ضد الظلم بأي شكل كان، وعلينا أن نتذكر ايام مجلس الحكم والدعوة التي اطلقها احدهم لإلغاء قانون الاحوال الشخصية النافذ... ويومها اسقطنا المحاولة بحراكنا الفاعل والناشط لمنظمات المجتمع المدني".
ابتعاد النساء عن ازواجهن
اما سلامة فاضل، موظفة في وزارة البيئة، فقد قالت: "انا ارتديت ملابس الحداد وتوجهت الى العمل لانني شعرت فعلاً أن الحزن يوجعني بعد أن قرأت قانون الاحوال الشخصية الجعفري، فلماذا لا يفكر الاخرون بهذه المرأة وحقوقها، وهي الام والأخت والزوجة والحبيبة، هل يعقل أن الرجل يفكر بهذه الطريقة التي تهين هذه المخلوقة، وهناك من يريد اعادة الزمن الى عصور وأد البنات، هناك وأد على طريقة الالفية الثالثة وانا اعجب لهذا السلوك الغريب".
وأضافت: "الاحتجاج بالسواد في يوم المرأة العالمي الذي يحمل دلالاته الكبيرة افضل طريقة، ولولا الحياء لأعلنت بالفم المليان وطلبت من نساء العراق في هذا اليوم الابتعاد عن ازواجهن وغرف الزوجية احتجاجًا على سكوتهم على مثل هذه الإهانة، ان تعلن النساء طرق احتجاج حضارية لكي يرضخ الرجل للحقيقة والا كيف يقبل لمن تعيش عمراً بكامله أن لا ترثه وهي التي كانت تحتويه وتوفر له سبل الحياة الجميلة والنجاح".
نعيش فترة مظلمة
الاعلامية والناشطة في مجال المجتمع المدني اسماء عبيد، قالت: "نعيش فترة مظلمة سوداء وقوانين غير مدروسة تعبر عن تخبط الحكومة ومجلس النواب والمسؤولين، وأنا بدوري سأرتدي السواد في تظاهرة مماثلة ستقام صباح يوم السبت انطلاقًا من نادي العلوية إلى ساحة كهرمانة وتظاهرة أخرى يوم الجمعة في شارع المتنبي".
واضافت: "نحن نرفض قانون الأحوال الجعفري الذي يجيز زواج القاصرات ابتداء من عمر 9 سنوات، وهم يتعكزون على حديث للنبي صلى الله عليه وسلم والرسول قاله في حينه لمناسبته ووقته ولظروف معينة وله في ذلك حكمة أتصور أنه كان يريد بزواج البنت بعمر صغير آنذاك تخليصها من وأد البنات لأنه في الجاهلية وبداية الاسلام كانوا يغضبون عند ولادة البنات واحيانًا يتم وأدهن وهن رضع واحيانًا تصبح اعمارهن 7 أو 8 سنوات ويوأدن، أما الان فما الداعي لهذا القانون الذي سيتيح لرجال بيع بناتهم، وهنّ صغيرات للتخلص من معيشتهن فيزوجونهن؟ وهناك شيء آخر أن هذا القانون كتبوا عليه باسم الشعب وهم لم يأخذوا رأي الشعب بذلك، وإذا قيل إن النواب هم ممثلو الشعب، فأنهم اثبتوا بالأدلة القاطعة المتكررة أنهم لا يمثلوننا، وسنواصل العمل والاحتجاج حتى الغاء هذا القانون حماية للصغيرات على الأقل".
ليس عيدًا بل عزاء
من جانبها اعربت الصحافية من جريدة المدى غفران حداد، عن اسفها بأن تحتج المرأة من اجل كرامتها بعد سنوات طويلة من حصولها على حقوقها، وقالت: "إن الضرورة تطلبت الاحتجاج بملابس الحداد، وهو تعبير على فقدان كرامتهن وحقوقهن في المجتمع العراقي كمثل التي فقدت ولدها بل الموضوع اكبر من ذلك لأنه فيه غبن واضح لحقوق المرأة، وكلنا سنرتدي ملابس الحداد حزنًا على اهانة المرأة والتقليل من شأنها".
واضافت: "اتمنى أن يسمع الرجل صوت المرأة وأن يفهم معاناتها ويتفهم مطالبها، وأتمنى التريث بهذا القرار وان كنت اظن انه لن يلغى، هذا إحساسي، واتمنى أن اكون مخطئة فيه، واتمنى أن يحزن المسؤول وهو يشاهد النساء يرتدين الملابس السود في عيدهن، وأن يفهم ان الشعور بالحزن هو ليس عيداً بل عزاء، وأنا اعتقد أن طريقة الاحتجاج هذه لا بأس بها، وهي افضل من الصمت ويجب أن يكون للاعلاميات دور مؤثر للاحتجاج في الاعلام العراقي.