استطاعت المرأة المغربية اكتساب العديد من الحقوق وربح العديد من الرهانات وتحقيق نتائج مهمة في مجالات عدة على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي ، وذلك بعد مواجهة العديد من التحديات من أجل فرض المساواة في الحقوق، جاءت نتيجة لعدة سنوات من النضال المتمثل عبر الحركات النسائية الديمقراطية والحقوقية وحضورها الفاعل والمكثف وقد ذهب البعض لتسميتها بالثورة البيضاء.
بداية سنة موفقة
عرف شهر يناير/كانون الثاني من السنة الجديدة بعض المكتسبات الجديدة التي ستضاف إلى الرصيد الحقوقي للمرأة المغربية، ففي سابقة من نوعها ثم تعيين أول امرأة مغربية بمنصب والي جهة وهو المنصب الذي ظل حكرا فقط على جنس الرجال طوال سنوات من تاريخ المغرب، وفي نفس السياق و بعد سنتين من الضغط بواسطة الهيئات الحقوقية و منظمات المجتمع المدني بعد القصة المؤلمة للشابة أمينة الفيلالي التي أقدمت على الانتحار بمارس/آذار 2012 بعد إرغامها على الزواج من مغتصبها وهي القضية التي عرفت تعاطفا دوليا ووطنيا خاصة وانه بموجب الفصل 475 من القانون الجنائي المغربي كان يتم إفلات المغتصب من الملاحقات القانونية، وقد صوت البرلمان المغربي بالإجماع لصالح تعديل القانون الجنائي السابق الذكر الذي يمنح لمرتكب جريمة الاغتصاب الإلغاء والإعفاء من عقوبة السجن إذا تزوج من الضحية .
مازال الطريق طويلا
إن الحديث عن مكتسبات النساء المغربيات في مجال الحقوقي يعتبر إلى حد ما ايجابي مقارنة مع نظيراتها في بعض الدول بالمنطقة العربية إلا أنه مازال غير كاف، فعلى اثر الحراك الشعبي الذي عرفته المنطقة العربية في سنة 2011 والذي نتج عنه عدة تغييرات جذرية غيرت ملامح السياسية بالمنطقة، كان للشعب المغربي وللمرأة المغربية نصيبا منها، فالدستور الحالي الذي جاء بعد ما يسمى الربيع العربي يتوفر على الكثير من الإيجابيات بخصوص حقوق المرأة التي لا ينبغي إنكارها، كالاعتراف بمساواتها المنصوص عليها في الفصل 19، لكن يبقى أكبر عائق هو تطبيق و إعمال ما جاء به الدستور من مقتضيات وتفعيله، فبالرغم من أهمية التنصيص القانوني يبقى وحده غير كافي حين تهيمن العقلية الذكورية وفي أحيان أخرى تغيب الإرادة السياسية وتتدخل بعض التقاليد و العادات الاجتماعية أو ما يسمى بالأصوات المحافظة.
لدى فان المسيرة النضالية للنساء المغربيات مازالت مستمرة وطويلة ففي آخر إحصائيات رسمية لسنة 2012 تشير إلى أن ستة ملايين امرأة من أصل 34 مليون نسمة في المغرب تعرضن للعنف، أغلبيتهن في الإطار الأسري، مما يدعو إيجاد إستراتيجية شاملة للنهوض بحقوق المرأة ونشر قيم الإنصاف والمساواة بين الجنسين لحماية النساء والفتيات من العنف كأحد الخيارات الضرورية التي تتحملها مكونات المجتمع المدني والمنظمات الغير الحكومية و الحكومية على حد السواء، في حين مازال الجميع ينتظر إلى ما ستؤول إليه نقاشات الحكومة المغربية بخصوص مشروع قانون جديد "لحماية النساء المغربيات من التحرش الجنسي" والموجود حاليا قيد الدراسة قبل إقراره من طرف البرلمان المغربي.