عرفت الجمعية العامة للأمم المتحدة العنف ضد المرأة في اعلانها العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة بانه: أي فعل عنيف قائم على اساس الجنس ينجم عنه او يحتمل ان ينجم عنه أذى او معاناة جسمية أو جنسية أو نفسية للمرأة بما في ذلك التهديد باقتراف مثل هذا الفعل أو الاكراه أو الحرمان التعسفي من الحرية .
في الازمنة القديمة كانت السلطة للمرأة في ادارة البيت وشؤون الاسرة عندما كان الرجل يخرج للرعي والصيد فيقضي فترات طويلة خارج البيت فتقوم المرأة بتوفير متطلبات الاسرة من مأكل وملبس وتربية ورعاية الابناء مما ادى تكون صاحبة السلطة العليا في الاسرة وبظهور الزراعة وممارستها من قبل الرجل والتي تتطلب جهداً بدنياً وقوة عضلية وتسلمه المردود المالي الذي يدر به الانتاج الزراعي تحولت السلطة الى الرجل واصبحت الاسرة ابوية وما على المرأة والابناء الا الطاعة والخضوع التام لرب الأسرة فبدأ تسلط الرجل على المرأة والابناء وبشكل تعسفي فكانت المرأة تتعرض للعنف الجسدي الذي يشمل الضرب والاحتجاز وتوجيه كلمات نابية . فالمرأة كانت تتعرض للضرب والاهانة سواء من خارج الاسرة او من داخلها فكثير من الرجال يجدون في ضرب المرأة اظهاراً لقوتهم ورجولتهم واحياناً لتبرير الفشل الذي يلحق بهم في حياتهم اليومية خارج المنزل والذي يؤدي احياناً الى اضرار جسدية للمرأة مثل كسر احد اطرافها او فقدانها لاحد حواسها وفد يؤدي الى موتها كذلك فان من وسائل العنف ضد المرأة هو احتجازها داخل البيت حيث يرفض الرجل خروجها منه دون سبب مبرر وانما لبيان قدرته في الهيمنة عليها .
من أسوء انواع العنف الذي تتعرض له المرأة هو العنف النفسي فاهتمام الأسر بالولد اكثر من البنت واعطاء الولد دور اكبر من البنت يهمش دور البنت في الاسرة أضافة على ذلك إذا كانت الفتاة ليست جميلة او ذات جمال محدود فإنها تتعرض للنقد من قبل الاسرة بمقارنتها بأخواتها الجميلات ومن قبل المجتمع وكأنها هي المسئولة عن شكلها . كما على الفتاة ان تقوم بخدمة اخوتها من الذكور سواء كانوا اكبر منها او اصغر سناً ومن حقهم ضربها والتجاوز عليها ان هي قصرت بخدمتهم مما يسبب تأثيرات نفسية سيئة لها . كما ان التحرش الجنسي الذي تتعرض له الفتاة بإسماعها كلمات نابية تجرش مشاعرها من قبل بعض الشباب وعند الرد عليهم تتعرض لتشويه سمعتها وقد يؤدي الى قتلها .
ومن انواع العنف الذي يهدد مستقبل المرأة هو العنف الاجتماعي وخاصة في الريف فتكون تحت تأثير الأعراف القبلية والعشائرية والتي تتعرض المرأة لعنف قد يصل الى القتل . كما ان النساء في الريف يعملن في المزارع وفي رعي المواشي وقد يتعرضن للاغتصاب من قبل بعض الشباب فتقتل المرأة بلا رحمة خوفاً من المجتمع المحيط بها .
ومن انواع العنف الذي تتعرض له المرأة هو تعدد الزوجات بحجة الاستناد الى الشريعة الاسلامية التي تبيح للرجل بالزواج من اربعة نساء في وقت واحد ولكن في الحقيقة ان ذلك لا يستند الى مصدر شرعي فقد اكد الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم على وجوب العدالة بين الزوجات اذا كانت اكثر من واحدة وعند عدم توفرها يكون الزواج باطلاً . كذلك فان تعرض المرأة للطلاق التعسفي الذي لا ينصف حق المرأة ويضمن حقوقها فهو اجحاف بحقها فلا يجوز ان ترمى المرأة بعد ان قضت زهرة شبابها في خدمة زوجها وابنائها .
ان من اهم الاسباب التي تؤدي الى تعرض النساء الى العنف هي :
1- الفقر: الفقر عامل مهم يدفع بالمرأة الى البغاء والاستجداء مما يجعلها عرضة للعنف بكل اشكاله . فالمرأة المعيلة لأسرتها كالأرامل والمطلقات وزوجات المهاجرين الذين يبحثون عن عمل وزوجات الرجال الذين يعانون من امراض مستعصية تمنعهم من العمل يكون هنالك صعوبة حصولهن على عمل او يكون المردود المالي الذي يحصلن عليه قليل لا يسد متطلبات الاسرة المالية بسبب كون الاعمال المتاحة للمرأة اقل من الرجل .
2- الاعراف والتقاليد القبلية والعشائرية : والتي تلعب دوراً مؤثراً في العنف ضد المرأة وخاصة في المناطق الريفية مثل زواج القاصرات خارج المحاكم الشرعية واجبار الفتاة بالزواج من ابن عمها رغماً عنها و(نهوة) الرجل عن زواج بنت عمه من رجل يتقدم لها من خارج العائلة او العشيرة والزواج (كصة بكصة) وتأثيراته السلبية على الفتاتين واخذ الفتاة (فصلية) ذليلة عند قيام ابيها او احد اخوتها بقتل شخص من خارج العشيرة او القبيلة وغيرها من الممارسات السيئة الاخرى .
3- الجهل: جهل المرأة لحقوقها وعدم حصولها على التعليم وعدم مواكبتها للتطور والتقدم الذي تحصل عليه المرأة في دول العالم لنيل حقوقها كاملة ومساهمتها الفاعلة والمؤثرة في بناء المجتمع وتطوره .كما ان جهل الرجل وعدم تعليمه جعله ينظر للمرأة نظرةً دونية بكون مهمتها الاساسية خدمته وابناءه وانجاب الذرية له .
4- الانظمة والقوانين : والتي تصدرها الدولة والتي لا تنصف المرأة ولا تمنحها حقوقها كزوجة وانسانة لها كرامة عند الاعتداء عليها من قبل الزوج او احد أفراد أسرته كالضرب والسب والشتم وعدم وجود منظمات للمجتمع المدني تناصر المرأة وتقدم لها العون والمساعدة عند تعرضها للعنف من قبل الزوج او احد افراد اسرته . كما ان القضاء يميل دائماً الى جانب الرجل في دعاوي الشرف .
5- انحراف الزوج : تتعرض المرأة الى الضرب والسب والشتم عندما يكون الرجل تحت تأثير المسكرات او المخدرات وقد يؤدي الى اصابات جسمية قد يؤدي العوق والذي يكون ذو تأثير نفسي واجتماعي سيء على المرأة .
6- الحروب : تتعرض المرأة الى الجزء الاكبر من العنف في زمن الحروب فقد تفقد زوجها وبيتها وذويها وفد تشرد بعيداً عنهم لتجد نفسها تحت رحمة العسكر وبغياب الزوج تكون الزوجة مسؤولة عن اطفالها وقد تتعرض للاغتصاب من قبل العسكر عند احتلال بلدها .
ان المرأة هي الام والاخت والزوجة والبنت وقد قيل ان المرأة هي نصف المجتمع ولكن الحقيقة ان المرأة هي كل المجتمع . لبناء مجتمع متطور ومزدهر يجب الاهتمام بالمرأة من جميع النواحي الثقافية والاجتماعية والاقتصادية لأنها مدرسة للأجيال وعلى الدولة اصدار قوانين وتشريعات تحفظ للمرأة كرامتها وتصون حقوقها لكي تساهم مساهمة فاعلة ومؤثرة في بناء المجتمع وذلك بتوفير المدارس وخاصة في المناطق الريفية لزيادة الوعي الثقافي للمرأة الريفية واصدار تشريعات تمنع العنف ضد المرأة بكل اشكاله وقوانين تحد من الاعراف العشائرية والقبلية واعتبار قتل المرأة جريمة كبرى مهما كانت اسبابه كما يتوجب على منظمات المجتمع المدني والشخصيات الفاعلة الوقوف ضد كل من يحاول انتزاع الحقوق التي حصلت عليها المرأة العراقية في قانون رقم 188 لسنة 1959 وتعديلاته سواء المادة 41 من الدستور التي تعطي الحق بتشريع قوانين الاحوال الشخصية لكل مذهب او دين او ما اعلن عن نية الحكومة اصدار قانون الاحوال الشخصية والمحاكم الشرعية الشيعية والذي سوف يؤدي الى تشظي المجتمع العراقي مذهبياً وانتزاع كثير من الحقوق الشخصية التي حصلت عليها المرأة من خلال التشريعات التي صدرت في الفترات الزمنية السابقة .