يصادف هذا اليوم - 8 آذار - اليوم العالمي المفترض ليكون للنساء عيدا ، وإنني في هذه المناسبة أتقدم بأحر التهاني وأطيب التبريكات للمرأة وهي تخوض نضالاً مستديماً من أجل نيل حقوقها الطبيعية والقانونية ، وإنني معها في دعوتها المشروعة للتخلص من سلطة التاريخ والماضي والتراث - سلطة الذكر - التي قزمت دور المرأة وحدت من نشاطها وعملها ومشاركتها في الحياة .
إن مجتمعاتنا العربية والإسلامية تفننت في تحطيم إرادة المرأة وإخراجها من دورها الطبيعي في البناء والإعمار والتنمية ، ورسمت لها تشاريع العرب أن تكون خادمة للذكر في البيت ومجرد أنثى في الفراش ، ولقد أُدخل الدين عنوة في هذا السباق وليجعل منها في بعض نصوصه هي - الشر - أو الشيطان أو الغواية ، في مراسيم أخذت طابع القدسية في ذهن التخلف والجهل العربي والإسلامي مع إنها ليست صحيحة بالمطلق ، وكم كنت مسروراً بما تحقق للمرأة في عالم الغرب ، وكم تمنيت أن تنال إمرأتنا العربية نصف أو بعض هذا الحق ، صحيح إننا دخلنا القرن الواحد والعشرين زمنياً ولكننا لم ندخل بعد مراميه وغاياته وطموحه ليكون الناس ذكراً وأنثى أحرارا غير منقادين وغير أتباع .
في يوم عيد المرأة العالمي نجدد العهد معها ، ولنعمل من أجل أن تستكمل حلقات فعلها الخيّر من أجل الحرية والعدل والسلام ، لكن مايؤرقنا إن بعضاً من النساء وتحت مُعمى البحث عن الفردوس تتخلى عن حقوقها وتفرط بطبيعتها لمن لا يستحقها ، لقد كنا نأمل من الثورات العربية ان تدفع بالمرأة لتكون رائدة عمل ورائدة بناء ، ولكن هذه الأحلام وتلك الأماني ضاعت حين هيمن الظلام وأنطمست معالم الثورة ، وترجرجت القناعات وتقدم للواجهة ذلك الرجل السلفي المحنط بأقاويل التراث عن المرأة وعن حضها العاثر ، وقد سكنت لهذا الصراخ وبدى ويكأنها تبحث عن رجل ذكر يهيء لها عيشة وطعاماً وخبزاً وملاذ آمن - من غير حق ولا كرامة - ، وفي بلادنا العربية الإسلامية كل شيء يكون فيها عيب على المرأة فعله ، فصوتها ومطالبها عورات وخروجها ومناداتها بالحق تمزيق للشرف وللعفاف .
لكن كل هذا التضليل والخداع الخبري لم يثن البعض من نساء العرب ومن سعيهن لتحرير أنفسهن من تلك الثقافة الهابطة والخطاب التاريخي الرديء ، وهذا وجدناه لدى نساء عراقيات مؤمنات بالحق وبالعلم وبالتقدم ، ورأيناه في ثورة مصر الجديدة وكيف كان لهن دورا في تغيير معالم الطريق كي لا يسرق الحق وتضيع الهوية الوطنية ، وأنا واثق إنه لو أتيح لنساء الشام التحرر من إرهاب الظلام القادم من خلف الحدود لكان لهن دور في التغيير والبناء ، وتاريخ نساء الشام حافل وزاهر في هذا المجال ، وأحيي من بعيد نساء الجزيرة العربية في السعودية وهن يعملن بالسر والعلن لكي يتحررن من أتعس سلطة دينية في التاريخ ألاّ وهي سلطة الهيئة ورجال دينها المتخلفين أصحاب اللحى والعصا والسيف ، وأحيي بالمناسبة نساء الإمارات وأحيي زعماء الإمارات لهذه الروح المنفتحة على الحياة والمؤمنة بتقليص الفوارق وردم الهوة ، ولنساء قطر التحية وأخص بالذكر الشيخة موزة التي هي مثال للمرأة التي تعمل لتكون حاضرة ومتحضرة ، وكذا أجد من الأهمية شكر نساء البحرين ونساء الكويت ونساء عمان وكل نساء العرب من المحيط إلى الخليج ، أحيي دورهن النضالي المستمر في الحياة ليكون حقيقة وليس وهماً .
ولكل النساء العاملات أقف بإحترام وإجلال للأمهات وللزوجات وللبنات والأخوات المكافحات والعاملات النشيطات ، أليكن جميعاً كل إحترامي وأنتن تخضن نضالاً كبيراً ضد الجهل والتخلف والإرهاب ، ولكل نساء العالم هذه تهنئة خالصة من كل ليبرالي ديمقراطي يؤمن بالحياة وبالعدل وبالحرية وبالسلام ، وليكن يومكن خير من أمسكن وإلى أمام ولتعش قوى المرأة العاملة في سبيل الحياة الحرة الكريمة والعيش الشريف ..