أعربت نساء عراقيات عن شعورهن بالتهميش والاقصاء والاضطهاد الذي يواجهنه في المجتمع الذكوري، ومن تسلط الرجل، مؤكدات أن الكثير من حقوقهن ما زالت مسلوبة.
على الرغم من مرور أكثر من عشر سنوات على التغيير الكبير الذي حدث في العراق، إلا أن المرأة العراقية ما زالت تبحث عن حقوقها المشروعة وتطالب الآخرين بها، بل أنها ترفع في كل مكان وزمان شعارها الأثير إلى نفسها: (تغييب المرأة العراقية دعوة إلى الرجعية والتخلف)، في محاولة للفت انتباه القائمين على البلد، ولكن بلا فائدة، وتؤكد النسوة الناشطات في منظمات المجتمع المدني على ضرورة ادخال الكوتا النسوية بنسبة لا تقل عن 40%.
نائبات: جذور تاريخية لتهميش العراقيات
فقد اكدت النائبة الدكتورة، ازهار الشيخلي، على أن التهميش له ابعاد تاريخية، وقالت: "إن مطالبة المرأة برفع مستوى الكوتا الى 40% مسألة صعبة جداً، لانها تحتاج إلى تعديل دستوري وتعديل الدستور العراقي النافذ مسألة عسيرة وإن لم تكن مستحيلة، ونحن كنساء نسعى فعلاً الى أن ترفع نسبة المشاركة السياسية للمرأة، وللعلم أن الـ25% هي الحد الأدنى الذي تمسكت به الاحزاب والكتل السياسية، ويمكن دستورياً وواقعياً ان تزداد النسبة، وليس هناك أي مانع إلا في عقلية الرجل العراقي".
وأضافت: "أما في ما يتعلق بالتهميش والاضطهاد، فهذه مسألة لها ابعاد تاريخية ومجتمعية وسياسية وقانونية، وعلينا أن نحلل الاسباب التاريخية والمجتمعية المتمثلة بالموروث والفكر السلبي تجاه المرأة من اجل الوصول إلى حلول قانونية متمثلة، وهي أولاً: الغاء كل النصوص القانونية التي تمس كرامة المرأة وتحط من انسانيتها، وثانياً: ايجاد اعتراف بواقعها وحمايتها من العنف الواقع عليها بكل أشكاله، وإلغاء كل اشكال التعسف والظلم وهذا كله يحتاج الى ارادة سياسية واعية".
من جانبها، أشارت النائبة فيان دخيل، إلى أن الدفاع عن حقوق المرأة مجرد كلام، وقالت: "برأيي الشخصي أن المجتمع الذي نعيش به لا يزال مجتمعًا ذكورياً بامتياز، ولا مجال للمرأة بالإبداع به رغم أن كل القادة والسياسيين هم مع حقوق المرأة إلا أني أجدها لحد الآن مجرد كلام بعيد نوعًا ما عن الواقع، والدليل على ذلك لم نجد أية كتلة قد رشحت مثلاً امرأة لرئاسة قائمة انتخابية أو كتلة سياسية، والمسألة الأخرى أن المراة نفسها لديها ثقة بالرجل أكثر من ثقتها بامرأة تمثلها سواء سياسيًا أو أجتماعيًا، ناهيك عن أعباء المرأة من كل الأوجه سواء في البيت أو خارجه".
اعلاميات: نقص في الثقافة المجتمعية
أما رئيسة منظمة صحافيات بلا حدود، انتظار مالك بادي، فأكدت على أن المرأة العراقية تعاني التهميش، وقالت: "تمثل المرأة اكثر من 60 بالمئة من المجتمع العراقي، ولم نطلب 60% بل 40%، ومطالبتنا بالكوتا بسبب أن الشارع والمجتمع لا يتقبلان المرأة وتنقصنا ثقافة مجتمعية والنساء بصورة عامة ليست لديهم الثقة الكاملة بالنساء لتمثيلهن في البرلمان، وقد تحارب المرأة من قبل النساء أنفسهن".
وأضافت: "تعرضت المرأة العراقية بصورة عامة للاضطهاد والتهميش على مدى حقبة زمنية منصرمة، فهناك 38 مادة في الدستور كفلت حقوق المرأة، لكنها بقيت مهمشة وغير مفعلة، والسبب هو التكتلات الحزبية والفئوية التي غيبت المرأة، فلم يصوت البرلمان لصالح قانون المرأة والأسرة وبقي في ادراج مجلس النواب لدورتين، وقانون المرأة من غير معيل بقي على رفوف مجلس النواب، ورفض مجلس النواب أن ترفع رواتب الارامل إلى 200 الف بدلاً من 100 في الموازنة، وقانون الأحوال الشخصية الحالي يجيز لمن يغتصب المرأة الزواج منها، وزواج القاصرات خارج المحكمة سلب لحقوقهن فيوجد العديد من المطلقات بعقد (سيد) لم تصدر لأولادهن هويات احوال مدنية، حيث إن المجتمع العراقي اليوم يشهد تزايدًا ملحوظا في زواج القاصرات خارج المحاكم الرسمية، لذلك يستوجب اصدار قانون يحمي الفتيات ويقضي بإحالة المتزوج من قاصرة إلى القضاء وحصولها على كافة حقوقها".
من جانبها، اكدت الكاتبة ايناس البدران، على عدم وجود قوانين تحمي المرأة، وقالت: "عملت النظرة المتوارثة عن المرأة الى تهيئتها لتقبل دور الضحية لتجد نفسها امام مشكلات عائلية مريرة، فدورها داخل الاسرة محدود وسلبي مما نتج عنه مصادرة حقوقها واختلال علاقات التوازن العائلية نتيجة التشوهات الخطيرة في التركيبة الاجتماعية والتدخلات القهرية والعنف بألوانه ضدها في البيت والعمل والشارع، مع عدم وجود قوانين فاعلة تحميها من كل هذا وضعف اداء المؤسسة الرسمية المعنية كوزارة الدولة لشؤون المرأة التي يعد دورها شكليًا هامشياً بكادر محدود وعدم توفر ميزانية تمكنها من تنفيذ برامجها اذا افترضنا وجودها أصلاً".
وأضافت: "المرأة بحاجة لمن يمنحها صوتًا خاصة اللواتي لا يمتلكنه أو لا يستطعن ايصاله لأنهن أسيرات التهميش أو الجهل بحقوقهن، مشكلة أي مجتمع ذكوري هي أنه يمنح المرأة الحماية ظاهرياً مقابل أن تبقي فمها مغلقاً...بالتأكيد لسنا ضد حماية الرجل للمرأة العكس هو الصحيح ما نرفضه هو تسلط قوة الرجل ظلماً على المرأة".
ناشطات: العيب على المجتمع
اما الناشطة في مجال المجتمع المدني، زينب صافي، فقد ألقت باللوم على المجتمع الذي همشها، وقالت: "المرأة مهمشة فعلاً، ولكن لنتساءل عمن كان وراء تهميشها، وأن الآن لدينا وزيرة للمرأة، ولكن اين هي، المجتمع العراقي الآن تبلغ فيه نسبة النساء اعلى من نسبة الرجال، وبالمجمل يمكن القول إنها تحتل نسبة 75% من المجتمع العراقي، وهذه النسبة لا تمتلك الاحقية للمرأة، وهل لا توجد نساء مبدعات وقياديات؟، انا اتوقع أن العيب فيه شقان، الأول: أن المرأة العراقية نفسها تعلمت من خلال المنظومة البيتية (الاسرة) أن لا تطالب بحقوقها ولم تتعلم أن تقول كلمة (لا)، وانما علموها أن تقول (نعم) دائمًا، والمرأة حينما تصطدم بعالم خارج البيت تجده عالمًا ذكوريًا بحتًا، وبامتياز".
وأضافت: "شخصيًا لا اعرف اسم أي برلمانية من البرلمانيات بأحقية، والعيب يقع على المجتمع والمنظومة البيتية، ثم على المرأة أن لا تطالب بحقوقها، بل أن تثبت جدارة لأن الحقوق تنتزع ولا تمنح، وبرأيي الشخصي أن الكوتا يجب أن تشمل نساء يستحقن فعلاً القيادة وليس أية واحدة، بل المميزات في المجتمع العراقي، ولكن هناك من يحارب المرأة في الوسط العراقي ولا يريد لها أن تعتلي مكانة لتصحيح اخطاء الرجل، بل أنهم يريد أن يستمر الخطأ لكي يتم تغييبها على الدوام ويبقون هم في الصدارة".
ومن جانبها، طالبت المحامية اسراء عبد الكريم، أن تكون الكوتا 40%، ليكون للمرأة صوت مسموع، وقالت: "لا يوجد أي تطور للمرأة العراقية، لان مجتمعنا لا يرحم، فلو كان لدينا مجتمع يرحم لجعل المرأة تخرج للعمل مثلما كان سيدنا محمد (ص) وكانت زوجته السيدة خديجة تاجرة، ففي ذلك الزمن كانت هناك حرية المرأة، أما الآن فلا توجد حرية لها،ـ والمرأة في العراق كائن عجيب، ثقافتها محدودة وتطورها محدود والعلم لديها محدود، والزوج الشرقي بالاخص العراقي يريد للمرأة أن تجلس في البيت تخدم اولاده وتغسل ملابسه وتحضر الطعام، وحتى ان كانت مثقفة وخريجة جامعية فهو لا يريدها ان تتطور ولا يساعدها ويحب دائما أن يكون (سي السيد) في تعاملها معها، على الرغم من التطور والديمقراطية لكنني احس أن المرأة في العراق عادت للعصر الحجري.
واضافت: "اعتقد أن المطالبة بزيادة نسبة الكوتا حق للمرأة كي يكون لها صوت مسموع، فكلمة المرأة العراقية غير مسموعة إلى حد الآن، فقط مجرد اعلام، تتحدث وتقول رأيها ولكن بلا فائدة، هي لا تقبل بالخضوع، ولكن هناك الرجل المسيطر الذي لا يردها أن تبرز ويريد أن تكون الكلمة الاولى والاخيرة له، تصور أن الموظفة اذا اصيبت بمرض من المستحيل أن يزورها زميل لها، فهذا امر صعب لا يتقبله الزوج نهائيًا".
اما اسماء جعفر، موظفة في وزارة الصحة، فقد اكدت أن الرجل ما زال يفرض نفوذه بقوة، وقالت : "المرأة العراقية ما زالت مغبونة لأنها لم تأخذ فرصتها الصحيحة وحتى في مسألة (الكوتا) هي مغبونة، فعليها أن ترضح لأوامر الرجال مع العلم أن هناك نساء قياديات وقويات في المجتمع، ولكن التحفظ على المرأة، فالرجل يفرض نفوذه بقوة، وهو المسيطر عليها حتى وإن كانت اعلى منه بالشهادة والخبرة، ولكن لانه رجل لابد أن يفرض نفسه بالقوة، وانا على يقين أن المجتمع الآن يريد التغيير ويريد أن تكون للمرأة مكانة مهمة لأنه يعرف أن المرأة من الممكن أن تقدم الكثير لمجتمعها لأنها مجتمعة.
واضافت: "انا اتمنى أن تأخذ المرأة استحقاقها في الانتخابات ولست ممن يشجعن الكوتا، اقول اتمنى كي لا يعاب على المرأة أنها لا تأخذ حقها بيدها".
إيلاف