تلجأ فتيات ونساء مغربيات إلى الوصفات المختلفة للحصول على الجسد الذي يحلمن به، ويعتبرنه مثال الأنوثة الكاملة، أكان نحيفاً أم ممتلئاً، لكنّ لذلك مخاطر على صحتهن في أحيان كثيرة.
امتلاك جسد نحيف، أو جسد ممتلئ، وجهان لعملة واحدة لدى العديد من النساء في المغرب، فكثيرات بتن مهووسات بامتلاك جسد مثالي رشيق يتسم بالنحافة، مقابل أخريات يجدن في الجسد الممتلئ عنصر جمال وأنوثة. للحصول على أحد هذين النوعين، تتبع مغربيات كثيرات وسائل تمتدّ من إرشادات ونصائح الأطباء الاختصاصيين، وصولاً إلى الوصفات الشعبية، والأعشاب التي تباع في محلات العطارة، أو عن طريق نصائح عشوائية من الصديقات والمواقع الإلكترونية، ما أدى بعدد منهن إلى مشاكل صحية غير محمودة العواقب.
وفاء، سيدة ثلاثينية، تقول لـ"العربي الجديد" إنّ هوساً شديداً اعتراها بهدف الحصول على جسد نحيف بعيد عن أيّ ترهلات، خصوصاً بعد حملها وولاداتها المتكررة التي جعلتها تدخل في مرحلة إحباط واكتئاب نجمت عنها سمنة غير إرادية بسبب قلة الحركة، وكثرة المكوث في البيت لرعاية الأبناء. تستطرد أنّها تحت "تهديدات" زوجها بضرورة التخلص من سمنتها، والحصول على جسد نحيف، وإلّا "زاغت" عيناه إلى نساء أخريات، قررت أن تلجأ إلى التخسيس باتباع حمية قاسية وصلت إليها إرشاداتها من إحدى صديقاتها، تقوم على تقليص كمية الأكل والاقتصار على وجبتين فقط في اليوم الواحد.
تتابع وفاء: "لم تمر سوى بضعة أسابيع حتى بدأ وزني يقلّ، فتشجعت واسترسلت في تلك الحمية بالرغم من قساوتها، وحرمت نفسي من مباهج الأكل والشراب تحت ضغط زوجي الذي كان يعتقد أنّه يحسن صنعاً معي. وبعد شهور أصابني الهزال، وبدأت أشعر بآلام في جسدي، اضطررت معها لمراجعة الطبيب". تضيف أنّها صدمت لمّا علمت بإصابتها بمشاكل خطيرة في الكبد والكليتين وبفقر الدم أيضاً، وهو ما دفع الطبيب إلى نهرها بشدة، طالباً منها التوقف عن تلك الحمية، مشيراً لها أنّ الحصول على جسد رشيق ونحيف لا يستدعي المرور في حمية غذائية قاسية، ومحذراً إياها من الإصابة بتلف في كبدها إذا استمرت في حميتها تلك. تقول السيدة وفاء إنّ الحمية التي طبقتها بنصيحة من أعز صديقاتها كادت تنهي حياتها وتُهلك صحتها، لتتراجع عنها بعد تحذيرات الطبيب، وتعود إلى حمية متوازنة بإشراف اختصاصية تغذية، وهو ما جعلها تعود إلى وزن معتدل، لا هو بالخفيف ولا الثقيل، لكنّها تحمد الله أنّها لم تقع فريسة لهوس النحافة الذي كاد يقتلها.
لمياء، حالة أخرى لسيدة مغربية أصابها هوس النحافة، فلجأت إلى اتباع كثير من الحميات على التوالي. تقول إنّها كانت كلما سمعت عن حمية جربتها، وعندما لا تحصل على النحافة التي ترغب فيها من أجل تلبية رغبة داخلية عندها، فإنّها تبحث عن حمية أخرى، وهكذا. تشير إلى أنّ تجربة النحافة كانت تجربة مؤلمة، إذ باتت مهووسة باتباع الحميات بمختلف أشكالها، ومن ذلك تناول الأعشاب "المنحفة". وبالفعل، وصلت إلى النحافة لكنّها كانت نحافة مرضيّة أصيبت على إثرها بأعراض خطيرة، دفعتها إلى ملازمة المستشفى مدة طويلة.
ليس الجسد النحيف ما يغري المغربيات فقط، لكن أيضاً الجسد الممتلئ، خصوصاً في أقاليم الصحراء، إذ تعتبر سمنة المرأة معياراً بارزاً للجمال، وإقبال الرجال عليها للزواج بها، لكنّ اشتهاء الحصول على السمنة، خصوصاً في الأرداف، لا ينحصر بسيدات الجنوب، بل انتقل الهوس إلى مغربيات في جميع المناطق. نعيمة (24 عاماً) على سبيل المثال، متزوجة حديثاً وقد أصيبت بهوس الحصول على جسد ممتلئ بعد اقتناعها بأنّه نمط الجسد الذي سيمنع زوجها من النظر إلى غيرها، لا سيما في بداية الحياة الزوجية، فلجأت إلى تناول أقراص شهيرة باسم "دردك" لمنح جسدها السمنة المطلوبة بشكل سريع. تسرد نعيمة قصتها "في البداية كنت أسمع عن أقراص تسمى "دردك" (مكونة من مادة كيميائية مليئة بالهورمونات) تسمح بامتلاء الجسد، لكنّي لم أسأل عن أصلها أو مخاطرها، لأنّني رأيت بأم عيني فتيات حصلن على جسد ممتلئ بفضل هذه الأقراص، فتناولتها مراراً وأنا أنتظر بلهفة، ومعي زوجي وصديقاتي، نتيجة الدواء السحري". المشكلة التي وقعت لنعيمة أنّها بدلاً من أن تحصل على جسد ممتلئ ومتناسق كما ترغب، تضخم جسدها بشكل غير مناسب، كما أصيبت بمشاكل جلدية خطيرة من جراء التسمم بعد إكثارها من جرعة "دردك" التي تمنح في الأصل للأبقار في المغرب من أجل تسمينها، وهي قضية أخرى خطيرة بدورها.
هذه المخاطر الصحية التي حصلت لمغربيات عديدات، تعتبرها اختصاصية التغذية، ريم صنهاجي، في حديثها، نتيجة لجهل هؤلاء النساء بأهمية الصحة والحمية الغذائية الطبية، إذ بدلاً من الذهاب إلى الطبيب أو الاختصاصي، يتناولن الأعشاب أو يجربن وصفات تقليدية، أو وصفات الجارات ووسائل التواصل الاجتماعي، ما يؤدي إلى مثل هذه الكوارث الصحية. تشدد صنهاجي على ضرورة عدم تناول المرأة أيّ وصفة للحمية الغذائية فقط من أجل تلبية رغبة نفسية بالحصول على جسد رشيق ونحيف أو العكس جسد ممتلئ وسمين، مشيرة إلى أنّ الالتزام بالحمية الصحية هو الطريق الآمن لبلوغ هذا الهدف من دون أضرار صحية جانبية.