"تونس غالية وعزيزة علينا"، هكذا كان شعار الجلسة التأسيسية لمنظمة "غالية"، المولود الجديد لحركة البعث تونس. أقيمت الجلسة ببورصة الشغل اليوم التاسع من آذار ، وذلك بمناسبة اليوم العالمي للمرأة الذي احتفل به العالم بالأمس. حضر الجلسة عدد من الوجوه النقابية والسياسية، كما تمّ تكريم عدد من النساء، من بينهنّ أرملة الشهيد محمد البارهمي، وأرملة مؤسس حركة البعث بتونس الشهيد فوزي السنوسي.
"غالية" لأن المرأة بمختلف شرائحها غالية علينا"، تقول فاطمة الزهراء الفقيه رئيسة المنظمة، مضيفة "المنظمة تفتح ذراعيها للمرأة البعثية وغير البعثية".
أما الأمين العام للحركة، محمد الحبيب الكراي، فقد اعتبرها ولادة طال انتظارها منذ الخمسينات من القرن الماضي، مع ما لقيته زوجات وأمهات المنتمين إلى حركة البعث من عذاب وقهر، خلال العمل السريّ.
المناضلة شريفة عمار كانت حاضرة في الجلسة التأسيسية، وكانت لنا معها جلسة مطوّلة حدّثتنا فيها عن نضالاتها المتواصلة لإيصال الأدوية والغذاء والحليب لأطفال العراق سنوات حرب الخليج والحصار على العراق، ومدى إحساسها بالإحباط اليوم لما يصلها من أخبار عن واقع المجتمع العراقي وما يحصل داخله، فهو بالنسبة إليها الشعب العربي الوحيد الذي كان "عندما يتكلّم يفعل". وبسبب هذا الإحباط، ورفضها للوضع السياسي في العراق، ولمصافحة "الأيادي الملوّثة" بدم صدام حسين، لم تستطع استكمال نشاطها داخل العراق، إذ تؤكّد لنا حزنها الشديد وألمها لما يحصل.
وفي سؤالنا عن أهمية تأسيس جناح نسوي داخل حركة البعث، أجابتنا الهام مبارك (حركة البعث/لبنان) أن المرأة في الحركة "إنسان مثلها مثل الرجل، ومواطنة لا يختلف دورها عن دور أي مواطن في المجتمع، بعكس نظرة بعض التيارات (الملتزمة) التي تعتبر المرأة مجرد تابع للرجل، وانطلاقا من فكر الحزب، سيضيف التنظيم النسائي الكثير إلى الحراك السياسي والاجتماعي، إذ سيرسّخ مفهوم المرأة كمواطنة وإنسان قبل كل شيء، وأن دورها لا ينفصل عن دور الرجل، على اعتبار أنها الشريكة في البناء والتطوير" مضيفة "تعتبر المرأة البعثية واعية وبالتالي لها دور أهمّ، إذ عليها نشر الوعي بين صفوف النساء والرجال، فالكثير من الرجال لا يعي دورنا، ولذلك فإن جهدنا أكبر لنشر الوعي الإنساني أولا" وتختم الهام مبارك أن تونس مجتمع حاضن لقضايا المرأة من قبل، لذلك فهي قادرة على لعب دورها كما يجب داخله.
من جهتها، أكّدت هدى فاخوري (لجنة مقاومة التطبيع النقابية بعمّان) أنها تؤمن بأنّ العمل السياسي ليس مقتصرا على الرجل دون المرأة مُعبّرة عن رغبتها في اختلاط جميع المنظمات، بحيث لا تفرقة جنسية فيها. "إن الخصوصية التي تعرفها قضية المرأة العربية مرحلية، لأنني أرفض الخضوع لشروط القوى الظلامية في فصل المرأة عن الرجل. ولن تتطوّر المرأة وتحصل على كامل حقوقها إلاّ بنهوض المجتمع وتطوّره، من خلال القوانين التي تحفظ حقّ المواطن بغضّ النظر عن جنسه". وعن أهمية تأسيس جناح نسوي تابع لحركة البعث تقول "إن حركة البعث في تونس لها رؤية تقدّمية لدور المرأة في الحياة السياسية، لكن المرحلة الحالية، والهجمة التي تعاني منها المجتمعات العربية مع سيطرة بعض القوى الظلامية تفرض هذا النوع من المنظمات، وربما التنازل قليلا لنتمكن من الوصول إلى جميع الشرائح الاجتماعية". تختم هدى فاخوري حديثها معنا بمباركتها لحركة البعث منظمتها غالية "التي ستتمكن من خلالها الوصول إلى المرأة في الريف والمناطق الداخلية، وشرح قضية المرأة العربية وانتزاع حقوقها."
هل تحتاج المرأة البعثية لمنظمة تحتضنها، أم أن المرأة التونسية تحتاج لمنظمة نسوية بعثية تحتضنها؟ أسئلة تبقى مطروحة ما دامت حركة البعث لا تعترف إلا بالإنسان والمواطن دون الرجوع إلى مفهوم النوع الاجتماعي، وبما أن الحركة لا تتعامل بمبدأ "الكوتا" في مؤتمراتها الانتخابية.