كثير من الظواهر الاجتماعية التي كانت تصنف أنها جاهلية وتنم عن الغباء وسطحية التفكير، تظهر بين وقت وآخر حتى وسط المجتمعات الأكثر توهجاً وحضارة.
يومياً نسمع بأخبار تذهلك من شدة وقعها وعلامة الاستفهام التي ترسم أمام مخيلتك مدى سطحية تفكير من يمارسها، بل تلازمك علامات كثيرة من التعجب والاستغراب لهذه المرحلة التي تراجع فيها العقل الإنساني وسط هذا الزخم المعرفي وكل هذا التقدم الحضاري.
من هذه الظواهر، إذا صح تسميتها ظاهرة، رصد حالات غير قليلة من ممارسات غبية ضد الأجنة في بطن الأم الحامل، عندما يكتشف أن حملها أنثى وليست ذكر، أين تم رصد حالات الإجهاض هذه؟ في بريطانيا، فقد قامت صحيفة ديلي ميل البريطانية بنشر تقرير أكدت خلاله على معلومات مصدرها تصريحات لنساء تحدثت إليهن والبعض منهن اعترفت علناً بأنها قتلت جنينها، عندما علمت بعد الكشف على حملها في مستشفى حكومي بأنها أنثى، وأخرى موظفة بنك اسمها آشا وعمرها 33 عاماً، قضت على جنينها إجهاضاً في إحدى العيادات، لأنها خافت من عائلتها التي ترغب في مولود ذكر، وبررت جريمتها بأنها خافت من العواقب من ولادة أنثى في وسط معاد بشدة للفتيات، بل قالت أيضاً إنها كانت قلقة من أن تعيش طفلتها طوال حياتها في تمييز كما حدث معها.
تقرير الصحيفة البريطانية بين أن هذه الجرائم تنتشر بين العائلات المهاجرة من الهند وباكستان وأفغانستان وبنغلاديش، وأن هذا التفضيل للذكور على الإناث أدى لخفض واضح في معدل المواليد الإناث لمصلحة الذكور إلى درجة اختفى معها أكثر من 4700 جنين أنثوي بالإجهاض، حسب الصحيفة وبحسب تحليل إحصاء سكاني تم في 2011 بالمملكة المتحدة، فقد ظهر أن نسبة مواليد الذكور في بعض المناطق كانت أعلى من المعدل الطبيعي، وهو 105 مقابل 100 من الإناث، وظهر أن النسبة فيها كانت 120 للذكور مقابل 100 للإناث، وأظهر التحليل تبايناً كبيراً في معدل جنس المواليد في بعض الأسر المهاجرة، مؤكداً أنه لا يمكن تفسيره إلا بقيام الأمهات بإجهاض الأجنة الإناث طمعاً في الحمل سريعاً بمولود ذكر فيما بعد.
هذه الرجعية في التفكير وفي النظرة تحدث في مجتمع متحضر فشلت أنظمته وقوانينه من الحد من هذه الجريمة، فكيف هو الحال في المجتمعات الأصلية لهذه الجاليات المهاجرة؟ مؤكداً أنه أسوأ، الإنسان عندما يفتقد العلم والمعرفة يصبح سيئاً جداً بغض النظر عن البيئة التي يعيشها.