يؤسف أن بعض الأوطان العربية مازالت تعاني من أرقام بين أفراد أميين لا يجيدون القراءة والكتابة، بل مما يؤسف له أن تسمع وتقرأ عن أرقام لأطفال محرومين من أبسط حقوقهم الإنسانية، وهي الذهاب للمدرسة لتعلم القراءة والكتابة، هذا الوضع يعطي دلالة حقيقية على الاهتمامات غير الناجحة لهذه الأوطان، وأن الميزان ليس في نطاقه الصحيحة أو ليس في مكانة الأسلم والأمثل، وأقصد بالميزان ميزان الإنفاق، وبالتالي توزيع الميزانية المالية العامة على جوانب حيوية كالصحة والرعاية الاجتماعية والتعليم.
الأمر ليس له دخل بالتعثر الاقتصادي أو الفقر، خصوصاً إذا علمنا أن معظم دول العالم التي لديها أرقام فلكية في الأمية، عدم معرفة القراءة والكتابة، تنفق مليارات سنوياً على التسلح، وعلى مشاريع غير حيوية ولا مستقبل لها.
الذي يؤلم بحق أن نشاهد العالم قد تجاوز مفهوم الأمية في مجال القراءة والكتابة، حيث باتت دول كثيرة تصنف القراءة والكتابة بأنها مهمة تم إنجازها، فلا أحد على أرضها إلا ويجيد القراءة، لذا نراهم قد تطوروا، ليكون المفهوم «الأمية الرقمية» بمعنى أنهم حسموا الأمية التقليدية منذ سنوات طويلة، ووضعوا نظاماً صارماً في تعليم الأطفال والنشء.
قبل أيام قرأت خبراً يقول: حذر خبراء في مجال الإنترنت والبرمجة من إمكانية انتشار «الأمية الرقمية» وتخلف البلاد رقمياً، ودعوا إلى تعليم تلاميذ المدارس البرمجة.
وقال الخبيران مارثا لاين فوكس، مؤسسة موقع لاست مينيت دوت كوم، وإيان ليفينغستون الذي صممت شركته لعبة «تومب رايدر» في مقال نشر على موقع سكاي نيوز إن على الأطفال في المملكة المتحدة أن يتعلموا برمجة الكمبيوتر، وعبرا عن خشيتهما من أن يتخلف تلاميذ المدارس في بريطانيا عن أقرانهم في مناطق أخرى من العالم.
وشدد الخبيران في مجال الإنترنت على ضرورة تعلم التلاميذ مهارات البرمجة، موضحين «أن الأطفال قد يخسرون وظائفهم المستقبلية إذا لم يتعلموا مهارات التشفير والبرمجة».
ما المشكلة التي تشغل ذهن هذين الخبيرين؟ ببساطة خشيتهما أن يتخلف الأطفال في المدارس البريطانية عن أقرانهم في العالم في مجال البرمجة، وبالمقابل ما الذي يشغلنا في العالم العربي حتى اليوم؟ تزايد الأطفال الذين لا يذهبون للمدارس لتعلم ولو حرف واحد فقط.
أي مستقبل ينتظر هذه الأوطان التي لم تستثمر في هذا الإنسان؟ وأي مستقبل ينتظر هذا الطفل الذي يتم حرمانه من حقه في التعليم؟ الهوة واسعة، ولكن الأمل يبقى.