يربط علماء الاجتماع تزايد حالات الطلاق بظاهرة التفكك التي واجهها المجتمع العراقي منذ بدء حروب الخليج، وتداعياتها الكارثية التي في المقدمة منها الحصار الاقتصادي الجائر الذي استمر لأكثر من عقد من الزمان؛ ليتسبب في إصابة الاقتصاد الوطني ومنظومة التربية والتعليم والمؤسسات العلمية بالركود والتفكك. وهو الأمر الذي أثر بشكل سلبي على رؤى وسلوكيات المواطن العراقي، فضلا عما أعقب انهيار النظام السابق في عام 2003 م، من ظواهر جديدة لم يألفها مجتمعنا مثل الطائفية وتهجير العوائل القسري. وقد كان لدخول التكنولوجيا الحديثة إلى مجتمعنا على خلفية انفتاح العراق على العالم في اعقاب عزلة دولية استمرت أكثر من ثلاثة عقود من الزمان، حيث ظهرت لأول مرة الصحون اللاقطة في أسطح منازل العراقيين، فضلا عن تيسر خدمات الشبكة الدولية ( الانترنت ) وأجهزة الهاتف المتحركة، ما أفضى إلى شيوع كثير من أنماط الحياة الغربية التي تبيح بعض المحذورات مثل سعي بعض الشباب لإقامة علاقات عاطفية مع أكثر من فتاة، وتبني الإناث بعض الرؤى والتوجهات التي تجعل منها أكثر استقلالية.
ويلعب زواج الاقارب دورا مهما في ثنايا هذه المشكلة؛ لانتشاره في بلادنا بشكل واسع، ولعل من أبرز محاذيره هو أجبار الفتاة على الزواج من أحد أقاربها على الرغم من اختلاف الرؤى وسعة البون في التحصيل الدراسي، إضافة إلى سماح هذا النوع من الارتباط العائلي الرجل في إقامة علاقات عاطفية أخرى لإشباع نزواته. ولا يمكن نكران نجاح بعض زيجات هذا الزواج، إلا أن محاذيره تتجاوز بعض الأحيان مسألة البناء الاجتماعي، لتصل إلى صحة ابناء الزوجين الذين ربما يولدون غير أصحاء. ويشكل تعرض الفتيات إلى العنف البدني أو النفسي أو المادي أحد الأسباب المهمة الأخرى التي تؤول في النهاية إلى الطلاق، ولاسيما حين تكتشف الزوجة تعدد علاقات زوجها العاطفية على الرغم من جمال ذكريات حكايات الأمس الحالمة بعش زوجي سعيد وحياة زوجية هانئة. وعلى الرغم من تداخل العوامل المؤدية إلى حدوث استحالة العيش المشترك، فإن الزواج المبكر وصغر عمر المتزوجين يؤدي في غالبه إلى زواج سريع وطلاق أسرع؛ بالنظر لمحدودية تفكير الشباب وانغماس أغلبهم في إفرازات الثورة التكنولوجية المعاصرة والعيش رهينة معطياتها، ما تسبب بفتح كثير من الأبواب التي تقود تهميش العلاقة الزوجية.