عندما انعدمت الإنسانية، وغلبت المصالح، وتجرد الكثير من الناس من أخلاقياتهم، ولكثرة جحود المعروف، أصبح العالم يبحث عن أيام ليؤكد فيها بعض القيم وليستذكر من خلالها من لهم حقوق تناساها الكثيرون أو ضيعوها، ولذلك أصبحنا نسمع بيوم الأم ويوم الأرض، ويوم الطفل، ومنها يوم المرأة.
فالعالم يحتفل سنويا في الثامن من مارس بيوم المرأة العالمي من باب التأكيد على حقوقها، وانساق وراءهم في ذلك العالم العربي والإسلامي.
البعض يرجع تخصيص هذا التاريخ لليوم الذي خرجت فيه عاملات النسيج في نيويورك عام 1908 للمطالبة بحقوقهن واحتجاجا على الظروف اللاإنسانية التي يُجبرن على العمل تحتها، وآخرون يرجعونه إلى المؤتمر الذي عقده الاتحاد النسائي في باريس في نفس التاريخ عام 1945، ورسميا لم يتم اعتماد هذا اليوم من قبل الأمم المتحدة إلا عام 1977، ليتحول هذا اليوم إلى رمز لنضال المرأة للمطالبة بحقوقها.
ربما يُعذر الغرب بتخصيص هذا اليوم للمطالبة بحقوق المرأة، فلقد كانوا من الناحية الدينية والاجتماعية لا يقيمون لها وزنا، فالكنيسة كانت ترى المرأة كروح شريرة يجب معاقبتها، وكانت المرأة تُورث للأبناء بعد وفاة الزوج كما يورث المتاع، والمرأة في الغرب إنما هي سلعة خلقت ليستمتع الرجل بجسدها، وتعاني المرأة عندهم من عنف أسري ذكرته مجلة التايم الأميركية من خلال إحصائية أشارت إلى تعرض زوجة على الأقل في أميركا إلى الضرب المبرح من قبل الزوج كل 15 ثانية.
بعض العلمانيين والليبراليين العرب تطرفوا كثيرا في دفاعهم عن حقوق المرأة، حتى تجاوزوا الأحكام الشرعية المعلومة من الدين بالضرورة، والتي لا تقبل النقاش أو التغيير، فأخذوا يطالبون بمساواة المرأة مع الرجل في الميراث! وبأن لها الحق في تولي الحكم، وبأن ترتدي ما تشاء من اللباس ولو كان مخالفا للشرع وأن تسافر من غير محرم.
الليبرالي السعودي همه أن تقود المرأة السيارة، وأن تدخل الجامعات المختلطة، وأن تشارك في مجلس الشورى، لكنه لا يطالب برفع الظلم عنها في حقوقها الماليةa بسبب بعض العادات والتقاليد، أو أن تحترم كأم بذلت التضحيات من أجل أبنائها، وأما الليبرالي الكويتي فوجدنا لبعضهم مطالبات شبيهة للمطالبات الغربية والتي تتجاوز حدود الشرع، ولم يبق إلا أن يطالبوا بأن يكون لها الحق في رئاسة الوزراء أو حكم البلاد.
بينما يتقاعس الليبرالي الكويتي عن المطالبة بإنصاف المرأة اقتصاديا وأسريا، فلقد رأينا موقفهم المتخاذل من التقاعد المبكر للمرأة، ومعارضتهم للعودة إلى النظام القديم والذي يسمح لها بالتقاعد بعد 15 عاما، وليتهم قلّدوا الغرب في دعمهم للمرأة ورعايتهم لها في حال الوضع والولادة، ففي الوقت الذي لا تعطى فيه المعلمة الكويتية - على سبيل المثال - إجازة أمومة إلا 4 أشهر وبنصف راتب، ولا يتم إرجاعها غالبا إلى نفس مدرستها بعد العودة من الإجازة، نجد أنه في بريطانيا تمنح المرأة إجازة أمومة من 6 أشهر إلى سنة وبراتب كامل بحسب عدد الأطفال، وفي السويد إجازة الأمومة 480 يوما أي سنة و٤ شهور تمنح فيه المرأة 80 في المئة من راتبها.
للأسف ان الغرب أدرك أهمية دور الأم في الرعاية والتنشئة الأسرية بينما أغفل أصحاب الفكر الليبرالي ذلك وأسقطوه من أجنداتهم وأولوياتهم.
رأيت ملصقا سوفياتيا نشره موقع وكيبيديا يعود تاريخه إلى عام 1932 فيه رسمة للمرأة ومكتوب عليه «الثامن من مارس هو ثورة النساء العاملات ضد عبودية المطبخ» ولا أستبعد أن نرى يوما ما أحد «ليبراليي الخليج» يحمل لافتة مشابهة مكتوب عليها : الثامن من مارس هو ثورة المرأة العربية ضد عبودية الشريعة.