من أرق المخلوقات على الأرض وأكثرها حنانا وعطفا "الأم”وتستعد الدنيا في الحادي والعشرين من أذار كل عام للأحتفال بعيدها ،حدد،يكون هذا اليوم بداية فصل الربيع،فصل الجمال والخصب والعطاء بلا حدود ، وسمي "عيد الأم" على هذا النحو لإنه في الربيع تتزاوج الكائنات الحية ويكثر الخصب وتلبس الأرض ثوبها الأخضر المزركش بالأزهار الطبيعية الرائعة المنظر ذات الرائحة الطيبة ،ومما لا شك فيه فإن هذا اليوم لا يرد لها جزء من جميلها الذي يطوق أعناقنا ،ولا منحها جزء مما منحته إيانا من الحب والحنان منذ صرخة الولادة الأولى حتى نكبر ويشيب الشعر وينحنى الجسم بحياتها وهي تبذل لإجلنا الكثير الذي لا يعد ولا يحصى ،في آذار من كل عام تحتفل الأرض بالمرأة وأكثر النساء أحقية بالإحتفالات هي الأم ليس في إذار فقط بل في كل يوم بالعام ،أستذكر أمي دائما دموعها وإبتسامتها حين ترى أحد منا يبكي أو يفرح ترقص لفرحنا مثل فرح قوس قزح بعد المطر والثلج ، ويبتهج إحتفالات بهما، ويزهو بألوانه بين السحب ويتلون بألوانه التي سميت ألوان الطيف السبعة بعد إنقشاع الغيوم وصفاء السماء وشروق الشمس بعد غيابها فترقص الدنيا إبتهاجا لفرحها حين تفرح بنا وتحزن حين نتألم ونحزن ،فما أعظمك يا أمي رحمك الله ،كم مرة هطلت السماء أمطارا غزيرة من عيونها إذا مسنا شيء شوكة ،موجة حزن ،ألم حين فتبكي معنا وتتألم لإلمنا ،هي أمي وحدها من الناس تشعر بهذا كل لحظة ،أستذكر مراحل متعددة من حياتي كانت تحزن معي وتبكي إذا أخفقت أو وقعت أو سافرت لأنسى حين ضمتني لصدرها حين غادرت مغتربة ،حينها أحسست أني طفلة تبكي على صدرها الحنون وأحسست بحاجتها دوما لرضاها ووجودها وهي رحلت دون أن آراها رحمها الله، أمي مثل كل أمهات العالم ،للآن للآسف عقوق الأم أصبح عاديا لدى البعض ، لسبب ما يغيبون عنها دون ذريعة غير مقنعة ،فكيف يسعون للنجاح والرضى وأمهم غاضبة عليهم ،كيف لا يفكرون برد جزء من مما منحتنا إياه في كافة مراحل عمرنا فنكبر ونتزوج وننجب وننسى أنها هي سبب وعنوان وجودنا تحتاج لنعوضها خيرا بحبنا ووفاءنا لها، وحين قال سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم "الجنة تحت أقدام الأمهات "وهو الذي لم يعش طفولته معها وماتت بعد ولادته لكنه أيقن أن هذه المرأة التي منحته الحياة في ضيق وصبر وألم مخاض يفتك بها تستحق أن تكون الجنة تحت أقدامها بالرضى والبر والطاعة ومنحها الحب بالحب والعطاء بالعطاء دون إذلالها والتهاون في التعامل معها على أنها إنسان عادي مثل باقي الناس ،وقد يفضل زوجته أو عمله دون رعايتها وينسى هو كيف سهرت كي تقر عينه بالنوم ،وكم جاعت كي يأكل هو ويشبع ،وكم حلمت به رجلا يعتمد عليه وهو تناسى طفولته ومنازعاته لها في صغره ،حين يدرك البشر دور الأم تصبح الدنيا من المؤكد كلها بخير وتعمر فكل عام وأنت الحب يا أمي بل أنت عنوان الحب يا أمي رحمك الله وإلى جنات الخلد يااارب آمين