يقال الوحدة عبادة،وأكثر تقربا لله تعالى  ،وحين تتوحد الروح مع خالقها، تلجأ إليه ذليلة صائغة وتناجيه بصدق وشفافية دون حواجز ولا وسائط ،ولا مواعيد ودون بروتوكولات بشرية ، تتوسل إليه طلبا للرحمة و المغفرة ،وأنا حين أكون وحيدة أناجي خالقي أتوسل أتذلل له ،و أصلي ساجدة بفرح وسعادة لا يتذوق طعمها إلا من سجد لله صادقا خائفا ،حين أكون وحيدة  أدعوه وحده أبتهل لله أن يغفر لي ما تقدم من ذنبي وما تأخر ،وأتوب إليه وأدعوه أن يحفظ أبنائي وأحبتي ،وأسجد مستسلمة لما قدره لي من خير وشر ،وأنا أقرأ القرآن أشعر  بنفحات الإيمان والسكينة تحيط بي والابتهال لله وحده خالقنا ومدبر أمورنا،أتلذذ بالسجود وأدعو من يبغي الخير أن يفعل مثلي .
دائما وأبدا حين أكون وحيدة أفتقد أمي وأبي رحمهما الله وما قدموه لي من نعم وما بذلوه من جهد لتربيتي والصبر على ما قد أزعجتهم به في طفولتي ،وأشتاق لأحبتي ،وأفتقد  فلذات كبدي أولادي وزوجي حبيبي الحاضر الغائب في حياتي ،أفتقد رفاق أيام دراستي في المدرسة والجامعة وأستذكر تلك الأيام التي قضيناها معا في عنفوان الشباب واللهو البريء والمرح الدائم ،وأستذكر مرارة الفراق والغياب عن الأحبة ،وأستغرب كيف يتحول الحب إلى كره من موقف معين ،والعكس صحيح ،وأستهجن كيف كنت أحب سابقا وكيف تحول الحب إلى قسوة ،أستذكر في وحدتي أشياء كثيرة بين الكد والعمل والتفكير والسهر وتجهيز الحقائب للسفر والعودة بعد غياب ،أمور كثيرة تختلط مع بعضها جميعها تتقارب وتتلاقح في وحدتي ،لإنها الأشد وطأة علي الإنسان في الغربة وفي الوحدة وفي ساعات المساء والسهر استذكر أمي ونصائحها لي في صغري حول كافة مراحل حياتي منذ طفولتي حتى أصبحت أما ولدي أحفاد قادمون للحياة ،لهذا تكون وحدتي أكثر ورعا وأكثر تقربا لخالقي ،وأكثر خوفا منه سبحانه كي يحفظني ويمنحني المزيد من عطاءه علي حتى مماتي ،وحين أكون وحيدة أرى النور أكثر ضياء والقلم أكثر بلاغة حين يعبر عما في داخلي ،هي حساسية مفرطة أم حدس ما في داخلي بأن القادم أجمل بإذن الله.