في " 8 " مارس من كل عام يحتفل العالم بالإنجازات السياسية والاقتصادية التي حققتها المرأة، على إثر عقد أول مؤتمر للاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي في باريس " 1945م " قبل هذا المؤتمر في عام " 1856م " خرج آلاف النساء في شوارع نيويورك احتجاجاً على الظروف اللاإنسانية التي أجبرن على العمل تحتها، رغم أن هذه المظاهرة قمعت إلا أنها استطاعت طرح مشكلة المرأة العاملة، وفي عام " 1908م " تظاهرت الآلاف من عاملات النسيج في مدينة نيويورك تحت شعار ( خبز وورد ) مطالبات بتخفيض ساعات العمل ووقف تشغيل الأطفال، ومنح النساء حق الاقتراع، تلك المطالبات شكلت بدايات الحركات النسوية داخل الولايات المتحدة الأمريكية.
وفي مارس " 1909م " بدأ الاحتفال تخليداً لخروج مظاهرات نيويورك، وتم تخصيص " 8 " مارس للاحتفال بالمرأة على الصعيد العالمي، لكن هذا المطلب لم يتحقق الا بعد موافقة الأمم المتحدة على تبني تلك المناسبة عام " 1977م " وتحول " 8 " مارس الى رمز لنضال المرأة تخرج فيه النساء للمطالبة بحقوقهن.
ربما يحق للمرأة السعودية الاحتفاء بالمنجزات الكثيرة التي تحققت لها دون نضال حقيقي سوى مطالبات تبدو هادئة ورصينة وعبر المنابر الاعلامية سواء عبر الإعلام التقليدي أو الاعلام الجديد الذي شهد زخماً من المبادرات التي تحمس لها الكثيرون بعضها أحدث ضجيجاً في حينه ثم صمت صمتاً غريباً وبعضها كان جاداً ونجح في تحقيق المطلب عملياً مثل مبادرة ( تأنيث محلات المستلزمات النسائية ) التي أطلقتها العزيزة الكاتبة الاقتصادية ريم أسعد.
أعتقد أن كتابات ومطالبات كاتبات الرعيل الأول، الذي مازال يحمل الشعلة ويركض بعزيمة صادقة، لهن كل الحب والتقدير: فاتنة شاكر، عزيزة المانع، خيرية السقاف، ابتسام حلواني، فوزية أبو خالد، ثريا العريض، مهدت لكتابات ومطالبات الكاتبات حتى يومنا هذا للمطالبة بالعديد من الحقوق من خلال المقالات الصحفية، وأن أصواتهن وأصواتنا لم تذهب هدراً بل لقيت آذاناً صاغية، فالتغيير يحدث من خلال الحراك الفكري بمجمله، ولا يستطيع كاتب أو كاتبة الادعاء أن التغيير في قضية ما نتيجة لكتاباته أو مطالباته، بل الحراك الفكري المستنير هو الذي أحدث تغييراً في قضايا كثيرة، مثل بطاقة الهوية الوطنية للمرأة، والمشاركة السياسية للمرأة، وحق التصويت والترشح في المجالس البلدية وكافة مؤسسات الدولة، فالقرار السياسي هو استجابة لرصد واعٍ للحراك الاجتماعي والثقافي والفكري، وقرار خادم الحرمين الشريفين بتعيين 30 سيدة في مجلس الشورى والسماح للنساء بالترشح والتصويت في الانتخابات القادمة 2015 الدورة الثالثة، يمثل انجازاً للمرأة السعودية يحق لها أن تحتفى به كل عام لتواكب الحركة العالمية للمرأة ،فالمملكة العربية السعودية عضو مهم في الأمم المتحدة وكافة المنظمات الدولية.
حضرت هذا العام احتفاليتين بيوم المرأة العالمي، الأولى، في القنصلية الفرنسية، - للعام الثاني- بدعوة من القنصل العام وحرمه الصديقة السيدة نفيسة بيلين، كان احتفالاً استثنائياً تم فيه تكريم المخرجة والممثلة السعودية عهد كامل وتم عرض فيلميها ( القندرجي) و( حرمة ) كما تم تكريم السيدة سعاد الجفالي لجهودها في المجالات الإنسانية والاجتماعية داخل الوطن وخارجه.
الاحتفالية الثانية أقامتها منظمة التعاون الاسلامي برعاية صاحبة السمو الملكي الأميرة عادلة بنت عبدالله وتم تكريم د. ثريا عبيد، وكانت الاحتفالية بجهود الصديقة الاعلامية مها عقيل رئيسة الشؤون الإعلامية بالمنظمة.
صحيح هناك إنجازات كثيرة تحققت للمرأة السعودية لكن هناك الكثير الذي يحتاج الى تكثيف المطالبة به، مثل مدونة الأسرة، قانون التحرش، قيادة المرأة للسيارة والقوانين المنظمة والرادعة لمن يتعرض لها، الحق في تولي المناصب القيادية، تنوع التخصصات الجامعية، والمزيد من الفرص في سوق العمل، وسلطة الولي المعيقة لحركة المرأة وإجبارها في كثير من الأوقات على قبول ولاية ابنها الصغير أو أخيها الأصغر منها سناً والأقل علما، وحق إعطاء الجنسية لأبناء السعودية المتزوجة من أجنبي، ومساواتها بالسعودي المتزوج من أجنبية، لأن التمييز في هذه القضية مرهق ليس فقط للمرأة السعودية المتزوجة من أجنبي، بل يرهق الأبناء الذين تربوا في حضن الوطن، وتعلموا تقاليده وتراثه ولهجاته ثم يصدمون بمن يعاملهم كالوافدين والغرباء، ويشعرون بالغربة بين أهلهم وأبناء أخوالهم وخالاتهم أي داخل الأسرة ذاتها.
في شهر مارس أيضا ( عيد الأم ) أو ( يوم الأم ) وهو مناسبة للاحتفاء بالأمهات كيوم خاص بهن، هذا العام أصبح الاحتفال بيوم الأم أكثر ظهوراً وحضوراً حتى خارج المنازل، سألت صديقاتي في المساء بعد حصولي على هدية قيمة وباقة ورد جميلة وكيكة طبعاً، هل هذه الاحتفالية أسعدتهن؟ أجبنني بأن سعادتهن لا يمكن وصفها.
احتفلوا إذن بأمهاتكم وبيوم المرأة دون حرج فمن يستطيع تحريم الفرح، وإسعاد الأمهات؟!