كثرت البحوث والدراسات التي تبحث في السعادة، بل وتسعى، من أجل تحديد معنى لها يتم الاتفاق عليه، وأخرى تغوص، للبحث عن كيف ننمي هذا الشعور ونقلص من المشاعر غير السعيدة؟
الموضوع بكل ما تعني الكلمة غريب، وأيضاً قديم وتتعدد فيه المقالات والآراء، ذلك أن هناك من يملك جميع مقومات السعادة، ولكن تمر به أوقات يكون خلالها غير سعيد، بل نجد البعض ممن يفترض بهم الفرحة الدائمة، متلبساً بالكآبة أو متدثراً بمشاعر من الحزن العميق من دون مبرر أو سبب واضح.
هناك عدة نظريات في هذا المجال، ومعظمها اتفق على أن السعادة لا يمكن استحضارها بالمال ولا بأي من المكتسبات المادية، قد تفرحك هدية ما وقد يسعدك إنجاز ونجاح، ولكن لفترة من الزمن، ثم تبدأ بالعودة للوضع السائد الذي يتخلله شعور إما بالحزن أو الألم غير الواضح ونحوها من المشاعر. هناك من العلماء من أرجع السبب للمحيط المكاني الذي يعيش فيه الفرد كأن يكون ملوثاً أو مزدحماً ونحوها، ولكننا نعلم أن هناك من يعيش في محيط جميل، سواء من حيث وجود حديقة كبيرة شاسعة أو من حيث البيئة المناخية النقية، ورغم هذا تنتابهم مشاعر غير سعيدة، وهناك من العلماء من يرجع السبب لعوامل وراثية، وأنها تعلب دوراً بالغ الأهمية في مستوى الرفاهية والشعور بالسعادة لدينا.
ما لفت انتباهي في هذا الموضوع، ما نشر مؤخراً من خبر يقول «وجدت مراجعة علمية أجريت في العام 2012، وضمت أكثر من 200 دراسة، وجود ارتباط بين السمات النفسية الإيجابية، مثل السعادة والتفاؤل والرضا عن الحياة، وانخفاض بمخاطر أمراض القلب والأوعية الدموية» بمعنى أنه كلما كنت متفائلاً كلما قلت الأمراض التي قد تصيبك، أستاذة العلوم الاجتماعية والسلوكية في جماعة هارفرد للصحة العامة لورا كوبزانسكي بينت في تصريح لـ CNN هذا الجانب، عندما قالت «الناس الذين لديهم عقلية متفائلة هم أكثر انخراطاً في السلوكيات الصحية، مثل تناول نظام غذائي متوازن، والحصول على قسط كاف من النوم، وممارسة التمارين الرياضية، إن التفاؤل يرتبط بمستويات أقل من الالتهابات».
أعتقد أننا يجب أن نكون أذكى ولا ننخرط في البحث عن مفهوم السعادة وكيف نكون سعداء، بل يجب أن نبادر، لتكون حياتنا محملة بالجوانب الروحية التي نستمدها من القرآن الكريم، وأيضاً بالعمل الجاد المخلص، وأن تكون ضمائرنا خالية من أي تأنيب، وبكل بساطة لنمارس الحياة السعيدة.