تكتسب السياسات الموجهة لتطوير وتنمية المرأة الريفية أولويةً متقدمةً خلال المرحلة القادمة ، في إطار منظومة العمل الوطني المصري، وتستمد هذه الأولوية مبرراتها من اعتباراتٍ موضوعيةٍ ترتبط من ناحية بعلاقتها بتوفير الاحتياجات الإنسانية للمرأة الريفية ، وتحقيق الطموحات التي تتبناها القيادة السياسية للإصلاح الاقتصادي والسياسي والنهضة للمجتمع المصري، ومن ناحية أخرى لارتباطها بالوفاء بالالتزام الوطني تجاه الأهداف الإنمائية للألفية.
وتُشير الإحصائيات إلى أن المرأة الريفية عامةً وفى صعيد مصر على وجه الخصوص ، هى الأقل نمواً اقتصادياً وتعليمياً واجتماعياً وثقافياً ، لهذا فإن أي سياسات لتطوير وتنمية المرأة الريفية ، ينبغي أن تأخذ في اعتبارها تلك التفاوتات بين الشرائح والخصوصيات الإقليمية والجغرافية.
وللمرأة الريفية احتياجاتٍ هامةٍ ، يجب أن تعمل الدولة على تلبيتها، تتمثل في:
• احتياجاتٍ تعليميةٍ ، وتثقيفيةٍ ، وتأهيليةٍ (مواصلة الدراسة- مراكز محو أمية- دعم مادي للأسر الفقيرة لتعليم بناتها).
• احتياجاتٍ ترتبط بالصحة العامة، خاصةً الصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة (إرشاد وتثقيف صحي– توفير وسائل تنظيم الأسرة).
• احتياجاتٍ اقتصاديةٍ ( الإقراض - فرص العمل - تحسين دخل الأسرة ).
• احتياجاتٍ مؤسسيةٍ (دعم القطاعات البحثية، التعاونية والزراعية).
• احتياجات المساندة القانونية والسياسية.
كما يجب أن يُوضع في الاعتبار عند التخطيط لتنمية المرأة الريفية ، أن مشكلاتها من الأنواع المركّبة التي تُولّد مشكلاتٍ جانبيةٍ ، فتردّى الخصائص الاجتماعية للمرأة الريفية خاصةً الأمية والفقر ، يؤديان إلى توليد مشاكلَ جانبيةٍ متتاليةٍ مثل: انخفاض سن الزواج والذي أدى بدوره إلى ارتفاع معدلات الإنجاب ، وكبر مُعدلات حجم الأسرة، وزيادة أعباء إعالة الأسرة والعائلة ، مما أثّر سلباً على الحالة الصحية والنفاسية للمرأة خاصةً بالريف.
ويتبنى المجلس القومي للمرأة عدة برامج لتنمية المرأة الريفية منها:
أولاً: برنامج تنمية القرى الأكثر احتياجاً: يستهدف البرنامج النهوض بقريةٍ أو أكثر من القرى الأكثر فقراً ببعض محافظات الجمهورية ، لتحسين الأحوال المعيشية للأسر الفقيرة والمهمشة بها ، وذلك عبر إقامة حزمة من المشروعات والأنشطة التنموية لتطوير تلك القرى ، وتحويلها إلى نموذج يُحتذي به، ورفع المستوى الاقتصادي للمرأة بتلك المحافظات ، عبر توفير مصادر دخل لهنّ ، تتنوع ما بين البقالة وتجارة ملابس جاهزة وتربية أغنام ودواجن ، وتجارة فاكهة وخضروات ، وماكينات خياطة وتريكو وإقامة صُوباً زراعيةً .
وتفعيلاً للبرنامج وقّع المجلس عدد 6 برتوكولات تعاون مع محافظات قنا- المنيا- الوادي الجديد – الأقصر- الغربية وشمال سيناء ، للتنسيق والتعاون في تنفيذ المشروعات التنموية المستهدفة.
ثانياً: مشروع معاونة المرأة المعيلة: يهدف المشروع إلى رفع المستوى الاقتصادي للمرأة المعيلة وأسرتها بالقرى من خلال تنفيذها مشروعاتٍ منتجةٍ ، تُحقق البعد التنموي باستخدام الموارد البيئية المحلية ، على أن تتناسب مع إمكانيات المرأة واحتياجات القرى والتي من شأنها تعزيز التمكين الاقتصادي للمرأة المعيلة، والنهوض بعائلات ومجتمعات بأكملها من براثن الفقر، وتم تنفيذ المشروع في عدد 73 قريةٍ على مستوى 21 محافظةً بالتعاون مع 74 جمعيةٍ من جمعيات تنمية المجتمع المحلى بالقرى، استفاد منها عدد 9000 امرأة معيلة، وتقوم الجمعيات حالياً بتنفيذ حالاتٍ جديدةٍ من حصيلة الأقساط المحصلة .
ثالثاً: مركز تنمية مهارات المرأة: يضم المجلس "مركزاً لتنمية مهارات المرأة" يعتمد في إدارته على أسلوب إدارة المنظمات غير الهادفة للربح، و يعمل المركز من أجل تنمية قدرات المرأة المصرية ودعمها بالمهارات اللازمة، بهدف تعظيم مشاركتها في تنمية الاقتصاد القومي، وزيادة دخل الأسرة، ورفع مستوى معيشتها.
حيث ينفذ المركز ورش عمل لتدريب السيدات على مختلف الأعمال الفنية اليدوية بأقل تكلفه للخامات، بهدف تصنيع منتجاتٍ متميزةٍ تزيد من دخلها.
رابعاً: إقامة جمعيات تعاونية بفروع المجلس بالمحافظات لخدمة المرأة الريفية: تم حتى الآن اشهار عدد 24 جمعية في مختلف محافظات الجمهورية، وجاري إشهار عدد 4 جمعيات، كما تم البدء في إنشاء اتحاد نوعي للمرأة الريفية.
إن تبنى الدولة لسياسات موجهة لتنمية وتطوير المرأة الريفية ، له آثارٌ إيجابيةٌ مؤكدةٌ على كفاءة منظومة العمل الوطني ، في التعامل مع القضايا التي تواجه مسيرة التقدم والتحديث للمجتمع المصري ، كما أنها تُعزز قدرات الدولة في الوفاء بإلتزاماتها أمام الأهداف الإنمائية للألفية.