تعرف حركة النظرة الإيجابية للجسم تطورا كبيرا في صفوف النساء.
وقال البروفيسور بيورن إنو هيرمانز إن حركة “النظرة الإيجابية للجسم” تشهد حاليا انتشارا كبيرا، لاسيما بين النساء، موضحا أنها تروج لفكرة حب الجسد وقبول عيوبه وعدم الخجل منها.
وأضاف أخصائي علم النفس الألماني أن هذه الحركة تمثل اتجاها مضادا لفكرة السعي المستمر للتمتع بقوام يحاكي قوام النجمات وعارضات الأزياء والمؤثرات على وسائل التواصل الاجتماعي، واللواتي يبدون في قمة الرشاقة والجمال في كل الصور.
وتسعى العديد من النساء لتحسين النظرة الإيجابية لأجسامهن، وذلك بالعمل على إيقاف عملية المقارنة الاجتماعية. وأصبحت جل السيدات يعين أن المشاهد التي يرونها كل يوم، في المجلات واللوحات الإعلانية والتلفزيون أو على وسائل التواصل الاجتماعي، ليست حقيقية وواقعية، بل هناك الكثير من الصور المعدّلة والمزيّفة، لذلك فهمن أنه لا يجب أن يقارنّ أجسامهن بتلك الأجسام المثالية.
ويرى بيورن إنو هيرمانز أن فهم هذه الحركة على هذا النحو الصحيح يمكن أن يؤدي خدمة جليلة، محذرا في الوقت ذاته من أن الفهم الخاطئ لها قد يؤدي إلى نتائج عكسية وعواقب صحية وخيمة؛ فعلى سبيل المثال لا يجوز بأي حال من الأحوال النظر إلى السِمنة المفرطة للجسم بشكل إيجابي لما تنطوي عليه من مخاطر صحية جسيمة.
فقد ترفع السمنة من خطر الإصابة ببعض أنواع السرطان خاصة السرطانات المرتبطة بالجهاز الهضمي كسرطان القولون، بالإضافة إلى سرطان الثدي. كما يمكن أن تزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، ورفع خطر الإصابة بضغط الدم المرتفع والإصابة بالسكتات الدماغية.
ويرى خبراء التغذية أن تناول الوجبات السريعة والأطعمة الغنية بالدهون المشبعة والسكريات، وخصوصا خلال فترة الليل، يمكن أن يزيد من الضرر للجسم لأنها تؤدي إلى زيادة كبيرة في الوزن.
وينصح الخبراء بضرورة تنظيم الوجبات خلال اليوم، وألا تزيد عن 3 وجبات رئيسية ووجبتين خفيفتين، ما يساعد على تعزيز عمل التمثيل الغذائي وحرق المزيد من الدهون. كما أنه من الضروري إدراج الكثير من الفيتامينات الصحية في النظام الغذائي وخصوصا تلك الموجودة في الخضار والفواكه، ما يساعد على تحسين البشرة ويحافظ على الرشاقة.
ويرى الخبراء أن تحسين شكل الجسم يمكن أن يعزز من النظرة الإيجابية له. وذلك يمكن أن يحدث من خلال اختيار أنواع الرياضة المناسبة له، والتي يمكن أن تساعد على إعادة نحت تفاصيله وإبراز جماله. فالرياضة يمكن أن تستهدف مناطق معيّنة من الجسم، وتعمل على حرق الدهون فيها، ما يساعد في الحصول على قوام رشيق وجذّاب.
وقد تساعد النظرة الإيجابية للجسم في القضاء على الصورة السلبية التي يحملها البعض عن أجسامهم، وذلك عندما يشعرون بأن مواصفات أجسامهم لا تتناغم مع مواصفات ومعايير الجمال المتعارف عليها عند المشاهير، وتسهم وسائل الإعلام من خلال الإعلانات عن الوزن المثالي ومواصفات الرشاقة في تعزيز الشعور السلبي تجاه صور الجسد.
ويمكن أن يلعب تكوين نظرة إيجابية للجسم دورا بارزا في تعزيز الثقة بالنفس وبالقدرات، كما يمكن أن يزيد من الإنتاجية ويؤثر إيجابا على الأداء اليومي.
ويؤكد خبراء علم النفس أن للشعور السلبي لصورة الجسم طويل الأمد تأثيرا كبيرا على الصحة العقلية والبدنية للشخص، ويمكن أن يتجلى ذلك من خلال صعوبة التركيز والعزلة الاجتماعية والتوقف عن ممارسة الأنشطة الصحية التي تتطلب منه إظهار الجسد؛ مثل ممارسة السباحة، والذهاب إلى الطبيب، مما يؤدي إلى الاكتئاب والقلق وفقدان الشهية والإفراط في تناول الطعام.
وينصح الخبراء بالابتعاد عن الأصدقاء أو حتى الأقارب الذين لا ينفكون عن التفكير بشكل سلبي وينتقدون الجسم ويتحدثون عنه بالسوء. ويعتبرون ذلك من بين العوامل التي لن تسمح للفرد بتحسين النظرة الإيجابية لجسمه. وفي المقابل يرون أنه على الشخص الذي يرغب في تحسين النظرة الإيجابية لجسمه إحاطة نفسه بآخرين يعززون من تفكيره الإيجابي.
ويعتقدون أن الشخص الذي يتمتع بنظرة إيجابية لجسمه، يملك اعتقادا وحقيقة حول جسمه وهو راض عنه، كما يشعر بأن من حوله يملكون نفس المشاعر، مما يعني أن هذا الشخص سعيد وراض عن مظهره وشكل جسمه، حتى وإن لم يطابق ذلك ما يعرض على مواقع التواصل الاجتماعي أو ما يعتقده الأصدقاء والمحيطون من حوله.
ويؤكدون أن النظرة الإيجابية للجسم ليست نفسها تجاه الشخصية، فهي أمر مختلف تماما، كما أن الأشخاص الذين يدركون أن قيمة الذات ليست مرتبطة بالمظهر يشعرون برضا أكبر تجاه مظهرهم.
أما الأشخاص الذين يملكون نظرة سلبية لأجسامهم فهم يميلون إلى مقارنة أنفسهم بالآخرين مما يزيد من إحباطهم وخجلهم وقلة الثقة بالنفس.
ويفسر علماء النفس خضوع بعض الأشخاص لعمليات تجميلية في بعض الأحيان بالمشكلات النفسية التي تنتابهم مثل الاكتئاب عندما يرون أجسامهم بصورة غير حقيقية أو واقعية، مشيرين إلى أن المجتمع والإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي تساعد في تطوير النظرة السلبية للجسم، وهذا ما لا يدركه الكثيرون.