منذ عهدنا بالإعلام قبل عدة سنوات ،تعلمنا أن الإنفراد بالخبر والحصرية في النشر تعتبر من أهم مقومات المؤسسات الإعلامية الناجحة ،وهذا ما تحرص عليه بعضها ممن ترفض نشر الاخبار المنقولة بنصها من المصادر ،أو بعض المواقع الإلكترونية ،ومن المصادر المختلفة التي كتب الاخبار الجاهزة عبر شركات العلاقات العامة المنتشرة حاليا وأصبحت تجارة رابحة للأسف ،علما أن بعضها يسهم في تسويق القطاع الخاص بمهنية حين يستدرج الصحفي للتغطية ويكرمه بطرق عدة كي ينشر عنها ،في حين هي تجني الارباح من المصدر أضعافا مضاعفة مقابل ذلك .
وفي زمن العولمة والإنترنت أصبح الفضاء الإعلامي أكبر إتساعا عبر شبكات التواصل الإجتماعي والروابط الإلكترونية التي تنقل لك الحدث بالصوت والصورة ،وما عليك إلا أن تصدق أو لا تصدق ،أذكر أستاذاً مهنيا مخضرما بالإعلام ، علمني الكثير حفظه الله وأطال في عمره ولا أدري أين هو الآن وآخر عهدي به حين كرمه التلفزيون الأردني في برنامج يسعد صباحك لمنجزاته الإعلامية خاصة تلك القصص الإخبارية التي بثت عبر صحيفة الغد الاردنية ،وقبلها كان في صحيفة الدستور الأردنية مدرستي الأولى والتي إحتضنتني إعلاميا منذ أكثر من عشرين عاما كنت ما زلت تلميذة في الثانوية وتستقبل آراء القراء عبر الهاتف وتنشر مشاركاتهم وكانت لي مشاركة في موضوع حصري قابل للنقاش حول عمان العاصمة الأردنية موضوعه "لماذا تنام عمان باكرا"وكانوا يقصدون حينها خلوها من الأنشطة والفعاليات الثقافية وحرص المجتمع فيها على نصائح القدم التي تقول "نام بكير وأستيقظ بكير وشوف الصحة كيف بتصير"الحقيقة كلنا تعلمنا أن التأخر خارج المنزل بعد آذان المغرب ممنوع على الإناث مهما كانت تلك المرأة موظفة طبيبة صحفية وغير ذلك من مهن تتطلب العودة للبيت في ساعات الليل التي يراها البعض أنها محرمة على المرأة ،بعكس الزمن الحاضر الذي أباح للمرأة العودة مع الفجر مع الحذر الشديد والصمت القاتل المرير من أرباب الاسر المحافظة التي تطبق ما توارثوه من السلف ،ونعود لموضوع الصحيفة الاولى بالأردن في مطلع السبعينات "صحيفة الدستور"التي كانت تحرص على نشر الاخبار التي تحمل سمة السبق الصحفي والتفرد في الحوار والأخبار المتميزة كما هو العهد الآن بصحيفة الرؤية الإماراتية وصحيفة الإمارات اليوم وإصرارها على الإبتعاد عن نشر الاخبار المنقولة بنصها من شركات العلاقات العامة ،بإستثناء أخبار وكالة الأنباء الإماراتية "وام"التي تأخذ الاخبار الحصرية لعلية القوم دون خيرها من دواوين الحكام ،ولكن ما يجري الآن هو عكس الماضي فجميع الأخبار الصحفية متداولة بين الجميع وفي متناول الجميع مثل الوجبات السريعة التي تصلك للمنزل جاهزة دون طهي متقن ونكهة مميزة تعرف بها بعض النساء "كما يقال بنفسها في الطعام"وللأسف أصبح الصحافيون إتكاليون يطالبون المصادر بإرسال الخبر لهم جاهز كي يبرزوا أما رؤوساء التحرير ببطولاتهم لكن وام الوكالة الوفية بالإمارات هي التي تنفرد بالأخبار الخاصة وتعممها بطريقة مهنية ،ولم تعد الصحف تهتم لمهنية الخبر للأسف فتنقله بنصه إذا أرتبط بإعلان رقمي ومبلغ مهول يزودها ببترولها القادم من الإعلانات المدفوعة الأجر عالية الثمن دون دراسة للمادة الصحفية وما ورد بها من سموم تقتل الأفكار الإبداعية والتفرد في نقل الحدث ،كنا في صحيفة العرب اليوم التي عملت بها سبعة سنوات مدير لمكتبها في محافظة مادبا بالأردن والمتخصص بنقل الأحداث من منطقة عشائرية طائفية عنصرية ما بين مسلم مسيحي وأردني وفلسطيني ومن بني حميدة أو من بني صخر أو من العجارمة أو البلقاوية وغيرها من العشائر ،بقيت حريصة على إستيعاب الكثيرين من هؤلاء شيوخ العشائر وبعض المسؤولين الذين يفرحون بالإعلام وقمت بتلميع البعض مسح البعض من القواميس التي يعرفها الناس بالعنجهية والتسلط على الإعلاميين ومنهم أنا وبحمد الله من منبرنا الأقوى الذي يخدم قطاع المرأة العربية في كل مكان عبر "وكالة أخبار المراة"التي تنقل الحدث الواقعي عنها كي يدعمها ويعزز مكانتها مهما واجهتها من تحديات ،لتبقى فخورة بنفسها مرفوعة الراس بوجود منصة إعلامية تتبنى إبداعها ،ولها صوتها الإفتراضي عبر الشبكة العنكبوتية التي تعتبر أقوى وأكثر الشبكات الإعلامية إنتشارنا في عصرنا الحديث ،ولكن بهذا السياق تبقى التخصصية والإنفراد من أقوى الأعمدة لنجاح العمل الإعلامي في كل مكان وزمان وبقوة والتاريخ حافل بالقصص المنسية التي كان للإعلام القوي دورا كبيرا في التغيير الإيجابي لها ونشرها على أوسع نطاق .