الارشيف / عالم المرأة / أخبار المرأة

المرأة والسلوك المالي

  • 1/2
  • 2/2

هناك من يعتقد أن عمل المرأة واستقلاليتها المالية، محفز أساسي لجريها خلف "علامات الموضة"، وهو ما يزيد من شغفها بهذا السلوك الاستهلاكي العبثي. وعلى الجانب الآخر، ربما يتيح هذا الدخل الإضافي حرية أكبر للرجل ويجعله هو الآخر أسوأ منها أحياناً حين يجري كذلك خلف أشياء مكلفة لا قيمة لها. قد ينم هذا النوع من الملاحظات السطحية عن ظواهر مهمة، لكن البت في نقاش مثل هذا يتطلب استقصاءات جدّية وبحوثاً منضبطة حتى لا يُجرّ الحديث خارج دائرة الموضوعية، كما يحدث كثيراً.
تحصل فرصة التكامل المالي بين الزوجين وبقية أفراد الأسرة بالتفاهم والتخطيط والمرونة العالية، كما أشرت في المقال السابق. وبدلاً من كيل الاتهامات وتعظيم حالات الخلاف، يُنصح دائماً بالاستثمار في الاختلاف. هذا هو الطريق الأفضل الذي تلتقي فيه الرغبات والقدرات، وبالمعرفة النوعية، تصبح العملية مثل لعبة تركيب قصور المكعبات، لطيفة ومنظمة ومبهجة.
لغياب الدراسات محلياً، سأستعرض بعض المقتطفات من تقرير دوري موسع تجريه المؤسسة المالية البريطانية "هاليفاكس" عن الفروقات بين الرجل والمرأة في السلوك المالي. وبالتأكيد، من الوارد جداً أن تختلف – بالزيادة أو النقصان – ملامح الحالة المحلية عن نتائج هذه الدراسة.
تجد الدراسة أن المرأة تتسم بسلوكيات ادخارية أفضل من الرجل، وهذا أمر يتفق عموماً مع حسن تدبيرها وربما خوفها من المستقبل. والادخار، وهو سلوك طبيعي حكيم تدار به الموارد، يتواءم كذلك مع بعض خصائص الأمومة عند المرأة مثل الصبر والحماية وأخذ الحيطة والحذر. لهذا، يتحسن أداء البرنامج الادخاري للأسرة عندما تتولى المرأة مسؤولية إدارته ومتابعته وترتفع فرص نجاحه، مشاركتها في تخطيط وإدارة مشاريع الأسرة المالية مهمة في كل الأحوال.
من المثير ضمن نتائج هذه الدراسة أن نسبة تملك المساكن عند العازبات تصل إلى 65 في المائة، وهي أكثر من نسبة تملكها عند الرجال الأفراد التي تصل إلى 53 في المائة. وهذا قد يعود لرغبة المرأة في الاستقرار مقابل استعداد الرجل للتنقل والتطور الوظيفي. وتشير الأرقام أيضاً إلى أن المرأة على استعداد أكبر من الرجل للارتباط بقرض عقاري طويل الأجل.
عند الرجل، نجد حالة التفاؤل حول مستقبل الأسواق الاقتصادية أكبر منها عند المرأة، لكن المرأة تعبر عن قلقها من زيادة المصروفات أكثر من الرجل. قد يحدث هذا لأنها فعلاً تتسبب في زيادة المصروفات – المتعلقة بالتسوق – أو لأنها ببساطة تقلق أكثر. تشير دراسة أمريكية أخرى إلى أن المرأة لديها تملك بطاقات ائتمانية أكثر من الرجل، وذلك لتأثرها بالعروض الائتمانية التي تقدمها المتاجر.
تدعو الإيجابية إلى التركيز على مواطن القوة، وهذا يعني ضرورة توزيع المهام بين الرجل والمرأة بناء على القدرات الحقيقية لكل طرف، وبتشجيع وثناء ومتابعة الطرف الآخر يكتسب البناء قوته.
تقود حالات الجهل والعناد وما ينتج عنها من سوء توزيع للمهام إلى تأخير وتشوهات في البناء الأسري، وهذا ما يجعلنا نشعر بالضيق وقلة الحيلة تجاه المستقبل المالي للأسرة، وقد نلوم غيرنا أحياناً. قد لا نجد دليلاً رسمياً بالفروقات بين المرأة والرجل وكيفية استثمارها، لكن الحوار الراقي داخل المؤسسة الأسرية يصنع تعلماً مباشراً لا مثيل له. احترام رغبات الطرف الآخر والتعبير المباشر والصادق يمهدان الطريق لتجاوز الكثير من التحديات بما فيها التحديات المالية.
تُعرف المرأة بتفاديها للمخاطر – وتثبت الدراسات ذلك – بخلاف سعي الرجل واستعداده الدائم لخوض المزيد من المغامرات، وهذا ما يجعل حالة التوازن هنا ذات أهمية كبرى. فالحالة الزوجية المثالية تقتضي أن يغامر فيها الزوج ويقترب من الخطر، لكن رعاية المرأة ومتابعتها له تضمن سلامته وتساعد على تحقيق الأهداف المشتركة. حين يخشى الرجل خوض المخاطر يصبح كالمرأة، وحينها تقبع كامل الأسرة في هوان بلا تحرك، بينما تتعرض الأسرة التي يبالغ فيها الطرفان في المغامرة لعواقب غير محسوبة.
محلياً، قد تعوق نظرة الرجل للمرأة - باعتبارها مرتكز الإسراف داخل الأسرة - فرصة تحقيق أهدافهم المالية. وكذلك نظرتها للرجل بأنه المسؤول عن صنع المال وإدارته من دون أدنى مسؤولية منها، حتى لو تأثر أسلوب حياتهم بسبب عملها ودخلها الإضافي. يؤثر أسلوب إدارة هذه الفروقات في آلية مواجهة المخاطر واتخاذ القرارات المالية ويصل تأثير نتائجه لمرحلة التقاعد. لذا، يمثل التفاهم والتكامل بين الرجل والمرأة المخرج الأفضل، وربما الوحيد، للنهايات الإيجابية المريحة.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى