ستروي الحكاية يوماً، عن طفل حمل إلى السماء في سرير من أزاهير وفضة، وعن طفل حمل إليها ملفوفاً بكفن ناحل فاغر الفم من الرعب والجوع.
ستقص الريح للقادمين عبر السراديب أن مكاناً أهدته الشمس اسمها، فكانت سوريا، وأن مدينة عشقتها الصحراء، فكرستها للعالم أسطورة، فكانت دبي. في كلتا المدينتين عاش أطفال يحبون المرح، ولأن الملاعب تدفع الأطفال إلى ساحاتها انطلقوا يلعبون تحت السماء منكشفين، لم يكن طفل يدري أن برميلاً سيلقحه ناراً تفلتها يد شيطان ينفث دخان سيجارته من نافذة سوداء، متابعاً نزهته الفضائية، يحسب الأرض تحته رقع شطرنج أنى شاء حركها، ليصعد أطفالاً من ساحات اللعب، ومن بين الدفاتر إلى حمى الله..
ستحكي الريح للقادمين في الأفياء الوارفة أن دبي مدينة كان يسكنها بحار مغرم بالبحر يعشق صيد اللآلئ، وبناء القصور للأطفال، ليكبروا مع الأحلام، ويرتقوا سلالم البياض في وداعة الرمال وسكينة النخيل.
وستقول الحكاية إن سوريا ستغلي غضباً، حين يقطر العسل من أجساد أطفالها، وستسارع، كي تحميه في جرار فخارية، ستركنه في بساتين الغوطة، وضفاف العاصي، وفي مرقد زنوبيا، لأن عسل أطفال سوريا سليل العنفوان.
ستقول الحكاية في سوريا ولد طفل اسمه حمزة يتلهف الدرب إلى خطوه، والأفق إلى طلته، وأن يد شياطين عبثت بعنفوانه، وقدمته قرباناً للموت، ستتكشف التلال عن أسماء كالمطر، وستشدو بها قمم الجبال، حين يحين الأوان.
ستقول الحكاية إن طفلاً باسم الوجه طلق المحيا اسمه يوسف كان يعيش في دبي ينتظر كل يوم حافلة المدرسة، وهو يلاعب الحديقة القريبة في أوائل الصباح، وأنه عندما شعر بالعطش لم يكن يدري أن الموت يكمن له في براد ماء موقوف لعابري السبيل.
ستبوح روح الطفل أن دبي، من أجل يوسف هبت في ساعة تنتشل البرادات جميعها في الحي، لتحمي الأطفال، وأنها خصت النعش بالأزاهير، وأن الإذاعات، والجرائد ما تزال تنعى الطفل الشهيد يوسف في ملكوته السماوي..
لا بد أن تنشد الأرض يوماً، ما أمر الفرق بين رجال يدركون سر الطفولة، فيجهدون لتكريس الجمال لها، وآخرين ترعبهم الطفولة يرون فيها وجوههم المشوهة، فيجهدون في تحطيمها.