دخلت منذ ايام احدى رياض الاطفال لبعض شأني وتصادف ان تواجد فريق من وزارة الصحة في الروضه لاعطاء المطاعيم للاطفال ضمن حملة شملت مختلف مدارس المملكه ، وقفت في البهو انتظر المديرة ريثما تفرغ لي ، ومن حسن الطالع انني حظيت بلحظات الانتظار تلك برؤية طوابير الاطفال وهي تقف استعدادا لتلقي المطاعيم وكل قد شمر عن ساعده.
في الحقيقة لم تكن طوابير اطفال بل كانت طوابير اقمار ، رحت احدق في وجوههم البريئة وحركاتهم وانفعالاتهم احدهم ضعيف البينه يرتدي نظارة طبيه يتفحص ذراعه التي عراها للمطعوم ثم يلتفت وراءه ليتفحص ذراع رفيقه ثم يعيد الكره مرات في براءة آسره ، وما ان يسمع الاولاد صرخة الم من احدى الفتيات في مقدمة الطابور حتى تصيب العدوى البقية فيبدأون بالبكاء سلفا، يا الهي اية قوة ناعمة تلك التي تجذب العيون والقلوب اليها ، اية ابتسامات ساحرة تلك التي تتفتق عن ثغورهم الطاهره .
هذا السيل المتدفق من المشاعر التي تملكتني إتجاهه هذه الملائكة التي تمشي على الأرض جعلني اتساءل :كيف يمكن لاحد ان يؤذي طفلا ولو بزجرة ايا كانت ؟ ومن أي صخرة قدت قلوب من يذبحون الاطفال في بقاع الارض المكلومة بالحروب والنزاعات على كرسي مهما علا شأنه يبقى قطعة من خشب ؟
احد الاطفال خرج من الطابور ووقف يحدق بي ثم اخرج كيسا لحفظ الطعام من جيبه وقال : خالتو انا خلصت السندويتش كله. في هذه اللحظة وبعفوية مطلقة لم اتمالك نفسي ،ورفعت القمر بيدي وطبعت قبلة على خده كأنني أملك العالم فمن شدة سعادتي به.