تحدثت تقارير لمنظمات حقوقية عن استمرار ممارسات العنف الجنسي ضد المرأة بأشكاله المختلفة وبمعدلات عالية في مواقع تجمعات النازحين في مناطق متنوعة من الصومال.
ويأتي ذلك رغم التزامات الحكومة المعلنة بالحد من ظاهرة العنف الجنسي، ورغم تعهد الرئيس الصومالي حسن الشيخ محمود العام الماضي بإنزال عقوبة الإعدام على المدانين باقتراف جريمة الاغتصاب.
وقد نشرت منظمة هيومن راتس ووتش مؤخرا تقريرا مفصلا في 72 صفحة بعنوان "الاغتصاب أمر عادي هنا" يشير إلى "معدلات عالية" من الاعتداءات الجنسية التي تتعرض لها السيدات والفتيات الصوماليات من قبل مسلحين بينهم جنود حكوميون منذ أغسطس/آب 2012 وهي الفترة التي تولت فيها الحكومة الحالية مقاليد السلطة في البلاد، وفقا للتقرير.
أرقام
وذكر التقرير أن الأمم المتحدة سجلت 800 حالة من العنف الجنسي ضد المرأة في الشهور الستة الأولى من العام الماضي وحده، في حين رجح التقرير وقوع حالات أكثر من ذلك نظرا لأن عددا من ضحايا الاغتصاب لا يبلغن عادة بالاعتداءات عليهن خوفا من الانتقام والوصم بالعار، حسب التقرير الذي أفاد بأن "السيدات والفتيات في مقديشو في خوف دائم من الاغتصاب".
وفي هذا السياق قالت راحو علي محمود (24 عاما) من أحد مخيمات النازحين في منطقة سركوس في ضواحي العاصمة، إنها تعرضت للاغتصاب من قبل أربعة مسلحين قبل ستة أشهر تقريبا نقلت على أثره إلى مركز طبي لمعالجة آثاره.
وذكرت راحو، المطلقة ولها خمسة أولاد، أن حادثة الاغتصاب تسببت لها في مشاكل نفسية عويصة، لكنها تحاول تجاوزها عبر دروس توعوية وتعلّمها للخياطة مع مجموعة من النساء تعرضن لحوادث مماثلة في مركز تأهيلي تابع لمنظمة "أنقذوا نساء وأطفال الصومال"، الأمر الذي يضمن لها توفير لقمة العيش ولأولادها.
وفي المركز نفسه، التقينا سيدة أخرى تدعى فردوسة إبراهيم (22 عاما) من مخيم للنازحين في منطقة تبيلها في الضاحية الجنوبية من العاصمة، وذكرت أنها تعرضت للاغتصاب من قبل مسلحين قبل شهرين أثناء عودتها من مدينة جوهر على بعد 90 كلم شمال العاصمة.
ضعف الحماية
وقالت "أمر المسلحون السيارة التي كانت تقلنا بالوقوف ونزول الركاب منها ثم أخذوني مع ثلاث فتيات أخريات إلى مكان بعيد عن السيارة والرجال ثم اغتصبونا تحت تهديد السلاح وتناوب علي شخصيا ثلاثة مسلحين ثم نقلت إلى مستشفى في مقديشو وتلقيت إسعافا طبيا والآن أتعلم الخياطة وفنون التطريز في هذا المركز منذ شهر".
ومن جانبها ذكرت مديرة منظمة "أنقذوا نساء وأطفال الصومال" المحلية آمنة حاجي علمي في حديث للجزيرة نت أن منظمتها سجلت 2050 حالة تتضمن الأشكال المختلفة من العنف الجنسي ضد المرأة منذ أغسطس/آب 2012 يتصدرها الاغتصاب والتعذيب، وأن أكثر الحالات تم رصدها في تجمعات النازحين في العاصمة وضواحيها.
وأرجعت ذلك إلى ضعف الحماية الأمنية لكثير من المخيمات، كما أن خلو الأكواخ التي يؤوي إليها النازحون من أبواب محكمة الإغلاق يسهل عملية الاعتداء الجنسي على النازحات اللواتي يسقطهن التعب في الليل بعد تحمل الأعباء المترتبة على البحث عن الأرزاق لأولادهن في النهار، حسب قولها.
مبالغات
أما الحكومة فاعتبرت تقرير هيومن راتش ووتش مبالغا فيه، وانتقدت وزيرة شؤون المرأة وتنمية حقوق الإنسان خديجة محمد ديرية الوصف الذي استخدمه التقرير بأن الاغتصاب أمر عادي في الصومال، وقالت "كيف يكون الاغتصاب أمرا عاديا في بلد مسلم تحكمه حكومة تطبق الشريعة الإسلامية، هذا أمر بعيد عن المنطق".
وأضافت خديجة في حديث للجزيرة نت أنه يمكن وقوع الاعتداءات الجنسية بالصومال "كأي بلد في العالم" إلا أن الحكومة بكل مؤسساتها تقف موقفا حازما ضدها وتعتبرها أمرا غير مقبول بمقتضى الشريعة الإسلامية والمعاهدات الدولية، وفق كلامها.
وللحد من ظاهرة العنف الجنسي، أوصى تقرير هيومن راتس ووتش الحكومة الصومالية باتخاذ خطوات من بينها نشر أعداد كافية من رجال شرطة مؤهلين من بينهم سيدات لتولي الحماية في مخيمات النازحين، وتوفير خدمات صحية لضحايا العنف الجنسي، وتحقيق مساواة بين الجنسين في التعليم والسياسة، وضمان المشاركة السياسية للمرأة.
الجزيرة