بدأت تتلاشى كثير من الأساليب المتعارف عليها في البحث عن المعلومة، بل بتنا نعيش في وسط زاخر بالخدمات التي تهدف للتسابق على خدمة المستخدم وإثراء حاجته ونهمه لأي معلومة ولأي غرض كان. شبكة الإنترنت توسعت خلال عمرها القصير بشكل هائل ومذهل، وكثير يسألون كيف هو الوضع بعد نحو مئة عام من الآن؟ لكن وعلى ضوء ما يحدث من تطورات هائلة فإنه من المؤكد أنه ستكون طرق استخدامنا الحالية مختلفة تماماً في المستقبل القريب بل سينظر لوضعنا الحالي بأنه تقليدي أو قديم جداً.
لتقريب الفكرة للبعض وبشكل سريع، نذكر جميعنا كيف كانت بداية شبكة الإنترنت، وكيف كان يتم الاتصال للدخول على الشبكة، وكل ذلك التعقيد في عمل إعدادات كثيرة ومتنوعة وإشغال الخط الهاتفي، بل حتى في التصفح والدخول على المواقع في الشبكة العالمية، ونذكر أنه كان هناك موقع أو اثنان ـ منتديات ـ لها شعبية جارفة، وكانت الأخبار والتحليلات نستمدها منها، ثم بدأت موجة المدونات، واليوم نعيش موجة مواقع التواصل الاجتماعي كتويتر وفيسبوك، وهناك من يتوقع أنه في المستقبل القريب سوف تسود مواقع مثل كيك وغيرها التي تقدم مواد بالصوت والصورة للعالم، وتبدأ حينها مرحلة جديدة من طرق تصفح الشبكة المعتمدة على أشكال حديثة.
هناك توقعات شتى، بل إذا أردتم ليست توقعات بقدر ما أنها جهود وسباق محموم بين الشركات للتطوير، حتى بتنا نسمع بأجيال للشبكة العنكبوتية وأنها هي نفسها مرت بمراحل من التأسيس إلى الانطلاق واستمرار التطور، فهناك حديث عن الجيل الأول والثاني والثالث ..
أعود للقول إن هذه التطورات غيرت كثيراً من طرق تفكيرنا بل وآليات تعلمنا وبحثنا عن المعلومات، حتى الكتب الأكثر أهمية والتي في ما مضى كنا نعاني من أجل الحصول عليها. اليوم تصلنا ونقرؤها من الكمبيوتر بعد تنزيلها من الشبكة، وقس على هذا الكثير من الأفلام والتي بدت اليوم مشاعة ومجانية ويمكنك في أي وقت مشاهدتها، وقبل وقت قصير كنا ندفع مبالغ مالية لشراء أشرطة هذه الأفلام.
ما أريد الوصول له أن هذا التطور أقام شركات عظيمة من لا شيء، وحطم شركات عتيقة جداً وأنهى وجودها تماماً، بل ألغى كثيراً من القيم في مجال الربح، ويبقى فقط أن أهمس وأسأل أين أمة العرب من كل هذا؟ نحن متراجعون ليس لأننا بلا عقول، بل لأن البعض منا مازال مشغولاً بذاته والتفنن كيف يؤذي جيرانه وإخوته.