على الرغم من أن السواد الأعظم من خريجي أغلب الكليات العلمية في مصر والعالم العربي من النساء، فإن عددا قليلا فقط منهن يشغلن مناصب مرموقة في الجامعات أو المعاهد البحثية، مما يوحي بتخلي كثيرات منهن عن المسار العلمي.
وفي بادرة لمناقشة القضية، من بين قضايا أخرى كثيرة تواجهها النساء في مجالات العلوم والتعليم في العالم العربي، وكيف يمكن الارتقاء بمكانتهن وإتاحة فرص أفضل لهن، تعاون موقع «نيتشر ميدل إيست» (Nature Middle East)، ودورية «نيتشر - النسخة العربية» (Nature Arabic Edition)، في شراكة مع الجامعة الأميركية بالقاهرة، لاستضافة أربع عالمات كلل مشوارهن العلمي والتعليمي بالنجاح، الأسبوع الماضي.
وقال محمد يحيى، المحرر في «نيتشر ميدل إيست»: «كان لدينا ثلاثة أهداف رئيسة بينما كنا عاكفين على الإعداد لهذه الفاعلية. أولا، كنا بحاجة إلى تحديد ما إذا كانت هناك المزيد من التحديات تعرقل النساء اللائي يسعين لمواصلة مشوارهن العلمي، ثم أردنا أن نجد حلولا لهذه التحديات. وأخيرا، وهو الأهم، أردنا أن نقدم للعالمات الناشئات نماذج يستطعن الاحتذاء بها والسير على نهجها في بداية مشوارهن العلمي».
وتشير الإحصاءات والمعلومات المتوفرة في مصر، إلى أنه لا توجد من تشغل منصب «رئيس جامعة»، وأن قليلا من النساء يشغلن منصب العميد بالكليات العلمية. وبحسب رحاب عبد الله الباحثة المساعدة في الجامعة الأميركية بالقاهرة، فإن 60 في المائة من المناصب الصغرى بالمجال العلمي في مصر تشغلها المرأة، ولكنها لا تشغل سوى 20 في المائة من مناصب الأستاذية.
وقالت رانيا صيام، رئيسة قسم الأحياء بالجامعة الأميركية: «إذا أرادت المرأة أن تكون ربة منزل، فلا بأس على الإطلاق؛ شريطة أن يكون ذلك بمحض إرادتها، لا أن يكون فرضا يجبرها عليه المجتمع. لقد عملت في ثلاث دول، ويمكنني الجزم بأن هذه مشكلة عالمية، لكننا نعاني من مشكلات أخرى هنا تفرضها علينا القيود المجتمعية».
كما عقب كريم الدجوي نائب رئيس تحرير دورية نيتشر - الطبعة العربية قائلا إن «المشكلة تكمن في حالة عدم المساواة بين الجنسين التي تتسرب إلى المختبرات العلمية. لقد تحدثنا إلى رجال ونساء يرأسون مختبرات، وأفاد كثير منهم بأنهم ليسوا على استعداد لتعيين باحثة شابة، خشية عدم تفرغها للعمل كأقرانها الذكور حتى لو كانت تفوقهم براعة».
من جهتها، قالت نجوى البدري، رئيسة قسم العلوم الطبية الحيوية في جامعة زويل للعلوم والتكنولوجيا: «إن التحدي الذي يواجه المرأة في مصر، هو مطالبتها أولا أن تكون امرأة، ثم لها أن تكون عالمة بعد ذلك»، معلقة بأن المجتمعات العربية تتوقع من المرأة أن تعود للمنزل بعد انتهائها من العمل لتقوم بالأعمال المنزلية، بينما ليس من المتوقع أن يفعل شريكها المثل. وتضيف البدري: «يجب أن نتغلب على مشكلة عدم المساواة بين الجنسين أولا. يجب أن نعترف بأننا نريد للمرأة أن تخوض غمار المجال العلمي قبل أن نمضي قدمًا».
أما سارة سراج الدين، وهي خريجة برنامج التكنولوجيا الحيوية التابع للجامعة الأميركية، وتدرس حاليًا في جامعة هارفارد، فأشارت إلى أمثلة على كيف أن بعض الدول الأخرى تخطو خطوات عظيمة نحو مكافحة عدم المساواة بين الجنسين، مستشهدة بفنلندا، حيث يجبر الآباء والأمهات سواء بسواء على تقديم طلب إجازة بعد أن تضع الأم حملها، بحسب قولها. وأضافت البدري قائلة إن «خطوة بسيطة كهذه من شأنها أن تساعد على تغيير نظرة المجتمع للدور الذي تلعبه المرأة».