يؤكد الحكماء على مر الزمان أن من ليس له ماض ليس له مستقبل. وهذا ما ينطبق على سبيل المثال عندما يدور الحديث عن الشعب السلافي القديم وقصة نساء الأمازون السلافيات.
معظم الناس يعلم بأنه يطلق على نساء الأمازون المحاربات- اللواتي يرتبطن في علاقات مع الرجال فقط لتعزيز صفوفهن من النساء المحاربات الجدد، ولدى ولادة الفتيان تقوم النساء بتركهن عند أبائهم.
ولكن دور نساء الأمازون في تاريخ روسيا القديم حافل وغني، وينبغي على كل إنسان مهتم لتاريخ شعبه أن يعرف المزيد عن هذا الدور. لذا نستهل حديثنا بأن العلماء يعتقدون قبائل نساء الأمازون كانت تعيش في سفوح جبال القوقاز وفي آسيا الصغرى وعلى ضفاف بحر الأزوف والأسود.
قصة نساء الأمازون على أراضي الدول العربية الحالية
هناك معلومات عن نساء الأمازون في المصادر الرومانية والإغريقية والتي تحكي عن وجودهن في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وعلى ضفاف نهر تيريك. ولكن معظم المماليك التي كانت تحكمها نساء الأمازون في شمال إفريقيا وبالتحديد في ليبيا والجزائر والمغرب وتونس اختفت. حالياً يعثر العلماء والباحثون المعاصرون على الكثير من هذه الآثار وعلى وجه الخصوص تم العثور بالقرب من بحيرة شيرغي في الجزائر على مباني دينية متوضعة في الصخور وعلى قبور لنساء الأمازون.
وبحسب روايات هيرودوت كانت هناك معركة بين نساء الأمازون والإغريق في حرب طروادة، حيث أسر المقاتلون الإغريق على نساء الأمازون واقتادوهم على ثلاث سفن، وقتئذ تمكنت المحاربات من قتل جميع المقاتلين الإغريق، لكنهم لم يكن يعرفن قيادة السفن. وبالتالي تركت السفن مصيرها للأمواج إلى حين وصولهم إلى ضفاف بحيرة ميوتيس على أراضي السكيثيين. وهناك سرقت نساء الأمازون قطيع من الخيول من سكان السكيثيين وبدأن بنهب بلادهم، حيث كتب هيرودوت قائلاً: "لم يدرك السكيثيون وقتها ما الذي يحدث، فلا اللغة ولا الملابس ولا حتى من أي قبائل جئنا هؤلاء النساء، لذا كان السكيثيون في حيرة من أمرهم، وظنوا بأن نساء الأمازون مجموعة من الفتيان، ولهذا دخلوا معهم في معركة شرسة. وعندما استولى السكيثيون على الجثث التي تركت بعد المعركة عرفوا بأن هؤلاء كانوا من النساء المحاربات". وقد تمكن السكيثيون من ترويض نساء الأمازون المغرورات وتعليمهن التواضع والاحترام. وبالفعل تعلمت النساء المحاربات لغة السكيثيين بسرعة لكنهن رفضن الانضمام إلى قبائل السكيثيين وقاموا بتأسيس أمة خاصة بهن وأطلقوا عليها اسم "السافروماتية"، وبطبيعة الحال فقد التزمت نساء السافروماتيات بعادات وتقاليد نساء الأمازون، حيث كن يشاركن في الحروب وفي صيد الحيوانات وارتداء ملابس الرجال. وقد تم العثور في منطقة البحر الأسود وشمال القوقاز على أثار تشير إلى أن نساء الأمازون كن يعشن هناك، ومن بين اللقيات كانت قطع الخرز والخناجر والدروع والملابس الحديدية القتالية الخاصة بالنساء وغيرها من الأشياء التي عثرت في مدافن النساء.
نساء الأمازون على أراضي روسيا القديمة
وفقاً للأساطير فإن نساء الأمازون غزت أراضي واسعة بدءاً من شمال القوقاز وحتى نهر الدون، وكانت النساء المحاربات الجميلات يتوسعن في ممتلكاتهن بشكل دائم. علاوة على ذلك كانت نساء الأمازون يدربن الفتيات الصغيرات فن القتال مذ أن كن في السابعة من عمرهن، بما في ذلك فن القراءة والتربية الروحية والبدنية وفن الصيد وطرق العلاج الطبيعي وفن القتال القريب وفن تحمل عبء السير لمسافات طويلة، بالإضافة إلى أعمال المنزل ومساعدة بعضهن البعض. كما تمتعن نساء الأمازون بمهارة وقف نزيف الدم وعلاج الجروح بوسائل بدائية. ومن أجل إدارة البلاد كانت نساء الأمازون تعين أكثر النساء علماً وحكمة وخبرة لتكون ملكة عليها، وكن يبدين اهتماماً كبيراً لوحدات وتشكيلات الجيش المقاتل، حيث كان بمقدورهن في أي وقت من الأوقات وضع 120 ألف من سلاح الفرسان على أهبة الاستعداد. كانت نساء الأمازون تستخدم عادة في عتادها القتالي الأقواس النحاسية والفؤوس والسيوف والخناجر والدروع على شكل هلال، وبالطبع الخيول السريعة كانت من أهم ميزات كل محاربة من نساء الأمازون.
وبحسب شهادة المؤرخين فإن نساء الأمازون شاركن في حملات الاسكندر الأكبر "المقدوني"، وكانت تشارك في هذه الحملات دوماً وأبداً ما يقارب 500 فتاة من أشجع المحاربات. ويعرف بأن ملكة نساء الأمازون فيرمودونتا التقت مع الاسكندر المقدوني في إحدى حملاته، حيث وصلت وبرفقتها 300 من المحاربات إلى المعسكر الذي خيم فيه الفارس المقدوني. ولدى سؤاله عن سبب قدومها إلى المعسكر أجابت بجرأة فيرمودونتا بأنها ترغب منه ولداً وذلك لأنها على يقين من أن طفلهما سيكون الأقوى في العالم إذا ما حصل على المزايا الخاصة من والده ووالدته. وبعد 13 يوم غادرت معسكر الاسكندر المقدوني مصطحبة معها الهدايا الفاخرة والغنية إلى بلادها التي كانت تقع على الضفاف الجنوبية الشرقية للبحر الأسود، علماً أنه لا توجد أية معلومات عن مصير هذه الملكة.
تجدر الإشارة إلى أنه كان هناك في مناطق محيطة بالقوقاز العديد من ممالك تابعة لنساء الأمازون، جميعها كانت تشكل إمبراطورية النساء المحاربات، وقد امتدت ممتلكات الإمبراطورية من ضفاف البحر الأسود ومنعطفات أنهر الدون والفولغا وفراكين وحتى السهول الشمالية للبحر الأسود وقد توضعت قلاع نساء الأمازون في مصبات الأنهر والتي كانت تسيطر على الممرات المائية الواقعة في المناطق الشمالية والجنوبية بما في ذلك بلاد الفرس. يشار إلى أن نساء الأمازون كن يعملن بنشاط في مجال بناء المدن وأماكن العبادة.
وقد تزامن انهيار إمبراطورية نساء الأمازون في مناطق القوقاز مع تقهقر قوة وعظمة إمبراطورية الكسندر المقدوني العظيم. وعلى أثر ذلك بقي الجزء الرئيسي من نساء الأمازون في أماكن إقامتهن السابقة، وانتقلت أكثر النساء نشاطاً وحركة إلى مناطق أخرى، حيث يعتقد بأن جزء منهن استوطن في جبال التشيك وسلوفاكيا ومن ثم على نهر الراين في ألمانيا وعلى نهر بريتاني في فرنسا ومن ثم في إسبانيا وشرقي انكلترا في منصف الألفية الأولى الميلادية. وجميع هذه البلدان لا تزال حتى الآن تعتقد أن من بينهم أحفاد لنساء الأمازون الأسطوريات.
وفي عصرنا الحالي كثير من الأحيان يطلق على المرأة القوية القادرة على بناء مستقبلها المهني بشكل ناجح وتربية الأطفال بأنها أمازونية. ويعتقد البعض بأن نساء الأمازون العصريات يتجولن في البلاد ويترأسن الشركات والمؤسسات الهامة وذلك لأنهن يتمتعن بالقوة والذكاء والمعرفة والاكتفاء الذاتي، وهن قادرات على كسب قلوب الرجال وهن يعرفن قيمتهن وواثقون من إمكانيتهن ولكن في الوقت نفسه فإن امرأة الأمازون العصرية لها قلب رؤوف ولا تسعى إلى التخلي عن قوة ومحبة الرجال.