الارشيف / عالم المرأة / أخبار المرأة

الإفتاء وسيارة فورد

  • 1/2
  • 2/2

لم أستغرب أن تبدأ دول كثيرة في عالمنا الإسلامي بوضع ضوابط لوظيفة الإفتاء للإجابة عن أسئلة الناس الشرعية، وتقديم من عرف عنهم العلم الشرعي العميق وسعته في كل العلوم الإسلامية والمذاهب والفرق ومختلف الأقوال والتعمق في قضايا الفقه والتفسير، لم تثر دهشتي أن تحنو كثير من الدول هذا المسلك والسبب ببساطة متناهية واضح ولا يحتاج لشرح وتعليل، وهو الفوضى في عالم الإفتاء، ودخول كل من هب ودب فيه وعدم التورع والخشية، فقد نسي تماماً قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «أجرؤكم على الفتيا أجرؤكم على النار»، وذهب الزمن الذي يتدافع العلماء فيه الفتوى، ولم نعد نسمع أياً من هؤلاء المفتين من يجيب بلا أعلم، ومن قال لا أعلم فقد أفتى.
نشاهد على مختلف القنوات الفضائية شباباً في مقتبل العمر، يتحدثون بكل جرأة وعدم تورع عن قضايا ومواضيع لو كانت في صدر الإسلام أو لدى أي من علماء الفقه والتفسير والحديث في ذلك الزمن لمضت عدة أشهر وهم يتدارسونها ويبحثون مع بعضهم البعض، بينما هؤلاء يحرمون ويحللون بكل جرأة.
اليوم بدأنا نلمس ونشعر بفداحة ترك الباب مفتوحاً للجميع دون ضوابط أو قيود، فبتنا نسمع فتاوى تكفر مجتمعات أو تصف بلدان بأسرها بأنها غير مسلمة أو تحارب الإسلام، والسبب سياسي وحزبي بشكل ضيق، لم نعد نستغرب أن نسمع من يمجد بعض الشخصيات الدينية وكأنها معصومة من الخطأ، والسبب أنها من نفس تيار وحزب هؤلاء، بات لدينا فهم أوضح ولدى الجميع بأن هؤلاء يستخدمون الدين فقط لتحقيق طموحاتهم الشخصية أو لتحقيق مكاسب دنيوية لا علاقة للدين والتدين بها، وإنما هو وسيلة وأداة لا أكثر.
ما المغزى والمعنى أن يقف شخص على منبر الجمعة ويصف بلداً عرف عنها خدمة الدين وفي أرجائه تنتشر المساجد وترفع الصلوات وتسمع أصوات المآذن، ويقول إنها تعادي الإسلام؟! السبب أن في هذا البلد تكسرت أحلامه الحزبية الضيقة وتحطم مخطط جماعته الإجرامي. نحن لسنا بحاجة لمثيري الفتنة والحزبية، هؤلاء الذين يرخصون دماء أبناء المسلمين ويسفكونها بفتاواهم بينما أبناؤهم وبناتهم يرفلون بالسعادة والمرح في شوارع عواصم عدد من الدول الأوروبية ويدرسون في كبرى جامعاتها، ثم نسمعه يشتم الغرب وأمريكا.
هذه الأسطوانة باتت اليوم مشروخة تماماً، لأننا نتذكر من كان يدعو لمقاطعة المنتجات الأمريكية وهو يركب سيارة فورد، الثمانينات ولت دون رجعة

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى