"بضعة قطرات من الدم، لا تصنع شرف المرأة" هكذا قالت الشابة التونسية سليمة 32 البالغة عاما، ومع ذلك فقد خضعت، قبل زواجها، لعملية جراحية لترميم غشاء البكارة حتى تكون "عذراء" ليلة زفافها.
وفيما تشير إحصاءات رسمية في تونس تعود لعام 2007 إلى أن نحو 80 في المئة من الذكور و70 في المئة من الإناث يمارسون الجنس قبل الزواج، إلا أن غالبية الرجال يرفضون الزواج من شابة سبق لها أن كانت لها علاقات جنسية قبل الزواج ما يدفع تونسيات كثيرات من أمثال سليمة إلى الحل الطبي "لاستعادة عذريتهن".
ترميم البكارة
وتدوم عملية جراحية لترميم البكارة نصف ساعة وتراوح كلفتها بين 800 دينار أي حوالى 400 يورو، و1400 دينار أي حوالي 700 يورو.
وقال الجراح منصف كامل الأخصائي في الطب النسائي لوكالة الصحافة الفرنسية إن عدد النساء اللاتي يجرين عمليات جراحية لترميم غشاء البكارة في تونس "ارتفع خلال السنوات الأخيرة".
وأوضح أنه يجري سنويا حوالى 100 عملية جراحية من هذا النوع في إحدى عيادات جزيرة جربة جنوب شرقي البلاد على نساء تتراوح أعمارهن بين 18 و45 عاما.
وأضاف الطبيب أن المقبلات على عمليات ترميم البكارة يحطن الأمر بسرية مطقلة، إذ يغطين وجوههن يوم إجراء العملية بوشاح ويضعن نظارات شمسية كبيرة "حتى لا يتعرف أحد على هويتهن".
العمليات تستقطب سائحات عربيات أيضا
ويقول الجراح فوزي الحجري الأخصائي في الطب النسائي للوكالة إنه يجري سنويا في عيادته في العاصمة تونس حوالى 100 عملية لترميم غشاء البكارة لنساء يأتين من تونس وكذلك من الجزائر وليبيا المجاورتين.
وأشار إلى أن الإقبال على هذه العمليات يرتفع خصوصا اعتبارا من نيسان/أبريل مع اقتراب فصل الصيف الذي يعتبر موسم الزواج في تونس.
ولا تتوافر في تونس إحصاءات رسمية حول عدد النساء اللاتي يجرين هذه العمليات بسبب السرية التي تحيط بها، ولا يوجد أيضا أي نص قانوني يمنع أو يجيز عمليات ترميم البكارة.
العذرية والشرف
وقال الباحث الاجتماعي طارق بلحاج محمد إن الرجل العربي يعتبر عذرية المرأة "مؤشرا على عفتها وشرفها وشهادة على حسن سيرتها وسلوكها قبل الزواج".
وأضاف الباحث للوكالة أن المرأة المقبلة على الزواج في تونس تلجأ إلى عمليات كهذه "لأنها تعتبر البكارة، حتى وإن كانت مصطنعة، شهادة صلوحية وشهادة مطابقة لمعايير الجودة المطلوبة لدى الرجل".
ولفت إلى أن هذه الظاهرة هي دليل على "النفاق الاجتماعي" و"التمييز ضد النساء".
ويرفض 84 في المئة من الرجال في تونس حيث تحظى المرأة بوضع حقوقي فريد من نوعه في العالم العربي، الزواج من امرأة غير عذراء وذلك وفق دراسة بعنوان "جنسانية الرجال التونسيين"، نشرها أستاذ الطب النفسي في الجامعة التونسية الدكتور فخر الدين حفاني في سنة 2005.
وتقول المحللة النفسية التونسية نادرة بن إسماعيل في كتابها "عذراوات؟ الجنسانية الجديدة للتونسيات" الصادر سنة 2012 إن الأطباء يعتقدون أن نسبة 20 في المئة فقط من الفتيات المقبلات على الزواج في تونس هن "عذراوات حقيقيات" وأن نسبة تفوق ثلاثة أرباع منهن "عذراوات بمساعدة طبية".
وأكدت سليمة التي خضعت لعملية ترميم غشاء البكارة إن نفاق الرجال والمجتمع دفعاها لإجراء عملية ترقيع لغشاء البكارة، لكنها أضافت "بالنسبة إلي أنا مقتنعة أن بضعة قطرات من الدم لا تصنع شرف المرأة".
وذكرت أنها صارحت شابا كان ينوي الزواج منها بأنها ليست عذراء "فما كان منه إلا أن تخلى فورا عن فكرة الزواج وفعل كل ما بوسعه حتى أكون على فراشه. تلك عقلية رجالنا الذين يعتبرون أن المرأة التي أقامت علاقات جنسية قبل الزواج لا يمكن أن تكون أما صالحة لأبنائهم".
وقالت صابرة البالغة 27 عاما "لو أعلمت زوجي قبل الزواج بأني لست عذراء ما كان
ليقبل بالزواج مني وهذا حال كثير من النساء في تونس".