يقوم الأطفال في كل أنحاء أوروبا و أميركا الشمالية مساء الحادي و الثلاثين من شهر تشرين الأول ( أكتوبر ) من كل سنة بطلي وجوههم و ارتداء زي معين، حيث يخرجون ليزوروا البيوت في الحي الذي يقطنون به و يجمعوا منها الهدايا، كما و يقوم الكثير من البالغين بتزيين بيوتهم برسومات الأشباح، و يصنعون من القرع ( اليقطين ) أشكالاً لأوجه مخيفة و يضعون شمعة في داخل القرعة ليحصلوا على ما يسمى عندهم ( jack o lantern ). و لعل أهم ما بقي من تلك العادات عادة تقديم بعضاً من الطعام و الشراب، و في هذا الوقت تقدّم الحلويات للمحتفلين الذين كانوا قد تقنّعوا و لبسوا زيّاً خاصاً بتلك الاحتفالات، إضافةً إلى عادة إشعال الحرائق في الهواء الطلق.
و قد كان الناس في مناطق عدة من أوروبا – و حتى وقتٍ قريب – يعتقدون أن الموتى في تلك الليلة يمشون بينهم، و أن السحرة يحلّقون فوقهم، و لهذا السبب توقد النيران في الهواء الطلق و ذلك لإبعاد تلك الأرواح الشريرة.
عندما يفكّر الناس بـهالوين، تتبادر لأذهانهم صور شتّى من الكائنات الخرافية و الأقنعة المفزعة، لكن و بالنسبة للصغار فـهالوين يعني الحلوى التي يجمعها الأطفال من البيوت و هم يقرعون الأبواب ليلاً و يسألون أصحاب البيوت هذه الحيلة البريئة ( ضيافة أم مخافة ). و لا أظن أنه يبقى بيت واحد في أوروبا أو أميركا دون أن يحتفل بهذا العيد. فكما نعرف فإن أعياد الأوربين و الأميركيين مكلّفة جداً، إذ تكلّفهم الكثير من المال.
لكن القليل منــّا من يسأل من أين أتى هذا العيد و ما هي جذوره، فهو عبارة عن عدة أساطير اجتمعت مع بعضها البعض لتشكّل ما يسمى بـهالوين.
جذور هالوين : لا أظن أن هناك أمة لا تحتفل بـهالوين على طريقتها، فهو في الواقع عيد الأموات. إذ بدأ من مصر الفرعونية التي كان شعبها يحتفل بإله الموت " أوسيروس "، حيث تأتي أروح الأموات متقمصة حيوانات مخيفة، مثل البومة و العنكبوت، الهررة ذات اللون الأسود و الكلاب، حيث كانوا يهاجمون أهل القرى – كما كانوا يعتقدون – و يرعبوهم.
أما السبب في اختيار نهاية تشرين الأول ( أكتوبر ) فيعود إلى الاعتقاد بأن أقارب الأموات يأتون لزيارة أهلهم بشكل أشباح و هم جائعون، فيأكلون و يشربون و يتدفئون مع الأهل ثم يغادرون عائدين إلى قبورهم، و قد أرتبط الخريف بسقوط أوراق الأشجار بالموت المؤقت للطبيعة، و أرتبط أيضاً بذكرى موت الأقارب. حتى أننا نحن العرب نحتفل بهذا العيد تحت طقوس مشابهة، فـفي مدينة حمص هناك عيد يدعى ( خميس الحلاوة ) حيث يشتري الجميع دون استثناء أصناف كثيرة من الحلاوة و يوزعون جزءاً منها على روح أقاربهم الأموات في المقابر و يأكلون الجزء الآخر.
و أيضاً جرت العادة في دول الخليج و شرق المملكة أن يكون هناك مهرجان ( القرقيعان )، و هذا يكون في منتصف شهر رمضان أو قبله، و كان يقوم به الأطفال بالتجوّل على البيوت و يرددون الأناشيد، و هناك من الناس من يعطيهم حلوى أو مكسّرات أو قليل من النقود، و كان لا ضابط لها إلا أنه في الوقت الحاضر بدأت العناية بها، و صار لها احتفال في بعض المواقع و المدارس و غيرها، و لم تبق حصراً للأطفال وحدهم، بل أصبحت تجمع لها الأموال !!
و بما أن العادة عند شعوب الأرض تأخذ القديم و تغير الاسم و الهدف ثم تأمم ذلك الطقس المعتاد، فقد اعتقد الأميركيون بأن هناك كاهن خرج من القدس مشياً على الأقدام في رحلة طويلة عائداً إلى موطنه، و هو في الطريق تعثّر في جزيرة خاوية، ثم وجد فجوة واسعة يتردد منها أصوات آهات و أنين تدل على عذابها و آلامها، فصلّى صلاة الغفران، و من تلك اللحظة أصبحت تلك الصلاة جزء من العادة المتبعة في الولايات المتحدة الأميركية.
اتبعت العادة في الولايات المتحدة بتقطيع القرع على شكل وجه، و وضع شمعة في وسطها ثم تركيزها قرب النافدة في عيد هالوين عندما يغشى الليل. هذه العادة انطلقت من أسطورة تقول بأن رجل اسمه " جاك " أسكنه الله في جهنم، و من كثرة ما خدع أبليس في جهنم طُرِدَ من النار إلى الأرض، و كانت عقوبته أن يمشي الأرض طولاً و عرضاً، و في الليل كان يحمل قرعة محفور فيها ثقوب و فيها بصيص نار يضيء طريقه بها، و من هذه الأسطورة وضع الأوربيين و الأميركيين القرع في النوافذ.
و هناك يوم يحتفل به في أميركا اللاتينة مشابه لـهالوين يسموه بـ ( يوم الأموات )، و هم يحتفلون به في الأول من شهر تشرين الثاني ( نوفمبر )، و قد أتى هذا العيد من أوروبا الذي كان الهدف منه الترحم على الأموات، هذا العيد يقضيه اللاتينيون بشراء الورد و وضع البخور في البيوت على أرواح موتاهم.
و يسعى الإسلام إلى إبعاد المسلمين عن كل هذه الممارسات و العادات اللا أخلاقية، و بذلك يهيئ المناخ المناسب الذي يكون فيه القرآن و السنّة هما النبع الصافي الأصيل الذي تتغذى عليه العقول و تصاغ وفق تعاليمه الأخلاق و التصرفات. و يجدر بالمسلم أن يكون مثالاً يحتذى به في الإيمان و الأخلاق، و لا يليق به أن يتّبع الآخرين اتباعاً أعمى و أن يتشبّه بهم، معتمداً فيما يقتبسه من خلق و عادة على ما عند الأمم الأخرى من عادات و تقاليد.