كل امرأة أنجبت طفلاً، تتمنى أن يشعر زوجها بما عانته أثناء الحمل من غثيان وزيادة في الوزن وتعب، وذلك الإحساس المؤلم عند الولادة. وربما حلم بعض الرجال أن يكونوا قادرين على حمل جنين في داخلهم، خاصة بعض المتحولين جنسياً. وقريباً، ستتوفر تكنولوجيا يمكن أن تجعل هذا الحلم حقيقة واقعة بالنسبة لكثيرين، لكن من غير المرجح أن يقبلها المجتمع بسبب العوائق المادية والاعتراضات الأخلاقية.
* صورة ساخرة
لطالما تمَّ تصوير حمل الذكور في الثقافة الشعبية إما بصورة مرعبة أو كوميدية، ودائماً ما يترك الانطباع بأن "الرجل الحامل"، ما هو إلا كائن غريب ومخيف، وليس من المرجح أن يحدث في زماننا.
علمياً وطبياً لم يعد حمل الذكور من عالم الخيال، ويمكن أن يصبح حقيقة أسرع مما يعتقد معظم الناس. يقول الدكتور كارين تشونغ، مدير برنامج الخصوبة في كلية الطب في كاليفورنيا:" أظن أن ذلك سيحدث في غضون خمس إلى عشر سنوات".
* فشل… ونجاح
إنَّ إمكانية حمل الذكور المتحولين إلى إناث نشأت مع أولى عمليات زرع الرحم للنساء اللواتي يعانين من مشكلة العقم، بسبب تلف في الرحم. وكان هناك تساؤل: إذا أمكن زرع رحم لامرأة لماذا لا يمكن زرعه لرجل تحول إلى امرأة؟
في شباط من هذا العام، تمت في الولايات المتحدة أول عملية زرع رحم لشابة اسمها ليندسي ماك فارلاندو تبلغ من العمر 26 عاماً، إذ تم أخذ الرحم من متبرعة متوفاة وزرعه في حوض الشابة، ثم تم توصيله بالأوعية الدموية.
للأسف، فشلت عملية الزرع وكان لا بد من إزالة الرحم المزروع. واستطاع الجراحون بصعوبة انقاذ المرأة من الخطر المحدق بها، وكان الفشل خسارة مدمرة للفريق الطبي وخسارة أكبر لماك فارلاند.
وعلى الرغم من أن حالة ماك فارلاند لم تنتهِ نهاية سعيدة، إلا أن حالات زرع أخرى جرت في السويد نجحت وأسفرت عن خمس حالات حمل وأربع حالات ولدوا أحياء. وكان الفرق أن السويديين حصلوا على الأرحام من متبرعات أحياء.
* فوارق بيولوجية هامة
لكن السؤال هو: هل سينجح هذا الإجراء على الرجال الذين تحولوا إلى نساء؟
إنَّ مدخل الحوض لدى الرجال أضيق بكثير مما هو لدى النساء، كما أنَّهم يفتقرون للأوعية الدموية الرئيسية اللازمة ولا ينتجون الهرمونات المطلوبة لدعم الحمل، وهو ما يجعل الإجراء أكثر تعقيداً، إن لم يكن مستحيلاً، لكن د. تشونغ يصرُّ على أن الأمر ممكن.
وأوضح أن مثل هذا الاحتمال، سيكون له تأثير كبير على الرجال، الذين تحولوا إلى نساء ويرغبون بتجربة الحمل والولادة. فهؤلاء تلقوا العلاج الهرموني، الذي يمكن بواسطته نمو الأثداء، وتحضير الرحم للحمل، كما يمكن للأطباء أيضاً تنفيذ إجراء لتوسيع مدخل الحوض وتزويد الرحم بالدم.
فالرجال المتحولون جنسياً، الذين تم ترشيحهم لهذه الجراحة، يجب أن يخضعوا لعملية زراعة مهبل من قبل، وسوف يحتاجون إلى الانتظار سنة على الأقل قبل محاولة زرع الرحم.
الكثير من الرجال، الذين تحولوا إلى نساء يشعرون برغبة كبيرة في الأمومة، تماماً كالنساء الطبيعيات. يقول الدكتور كريستين ماكجين، الذي يقوم بجراحات تغيير الجنس: "أراهن أن كل شخص من المتحولين جنسياً هو أنثى ترغب بذلك لو وافق التأمين على تغطية النفقات"، مشيراً إلى أنَّ "الرغبة لدى المرأة في الأمومة قوية جداً، والأمر لا يختلف لدى المتحولين جنسياً من النساء".
* عقبات في الطريق
وعلى الرغم من أن التكنولوجيا تتقدم والحواجز البيولوجية لجعل حمل الذكور ممكناً يمكن أن تنهار، إلا أن العديد من العوامل غير البيولوجية تقف في طريق جعله حقيقة واقعة. أولاً: التكلفة، فالعملية مكلفة للغاية وكثير من الرجال المتحولين جنسياً يجدون أنفسهم مهمشين اجتماعياً ومالياً، وتحمّل الكلفة بعيد جداً عن متناول غالبيتهم.
وحتى في القسم الطبي لن تجد من يدعم الفكرة. فالدكتور آرثر كابلان، رئيس قسم آداب مهنة الطب في كلية الطب في جامعة نيويورك يقول: "أنا لا أرى جعل ذلك أولوية، ومن حيث الاستخدام الأمثل للموارد الشحيحة، فإن هذا لن يحصل قريباً، ثم إن الحواجز الاجتماعية لن تجعل هذا الإجراء ممكناً من الناحية الفنية".
* الذكور مستبعدون
على الرغم من أن التكنولوجيا قد تسمح لمن ولد ذكراً بالحمل في غضون السنوات العشر المقبلة، فإنه من غير المحتمل أن يكون المجتمع على استعداد لقبول ذلك..
ومن غير المرجح، أن تحظى النساء المتحولات جنسياً بالأولوية على الإناث تشريحياً. فعلى الرغم من أن كلا المجموعتين من النساء يعانين من مشاكل العقم نتيجة ولادتهن، فإن الغالبية العظمى من المجتمع يتعاطفون مع النساء اللواتي ولدن كإناث.
أما بالنسبة للذكور المصنفين ذكوراً، وليس لديهم أي مشاكل ويحلمون بالحمل والإنجاب فلن تؤخذ مطالبهم على محمل الجد. فمن بين جميع الكائنات الحية التي تعيش في هذا الكوكب، فقط فرس البحر هو المخلوق الوحيد الذي يمكن للذكور فيه أن يحملوا.