الارشيف / تربية و علم نفس

لهذه الأسباب .. نكذب على أنفسنا

يصعب على الإنسان رؤية نفسه في موضع إتهام أو شعور نفسي بعدم الرضى عن النفس بعد ارتكاب خطأ معيّن أو القيام بسلوكيات منافية لمعتقداته وقناعاته الراسخة في ذهنه، فلا يجد أمامه طريقاً للهروب إلا الكذب على نفسه، وتجاهل الأمر الذي قام به.

إنّ أي شخص يكذب على الآخرين لأسباب تعود لدواعٍ إجتماعية منها تفادي خسارة وظيفة أو علاقة عاطفية ولتجنُّب خلافات والمحافظة على السمعة أو حتى لعدم دفع غرامة، ويقوم المخطئ أحياناً بإلقاء المسؤولية على الآخرين، وإذا كان هذا الأمر مبرراً أحياناً فهناك أسباب أكبر وراء كذب الشخص على نفسه.

لذلك تكون الآلية المحفّزة للشخص ليستعيد رضاه عن نفسه نظرية التنافر Cognitive Dissonance وهي منحى في علم النفس يذهب إلى أن وجود اتجاهات أو معتقدات متعارضة عند الشخص أمر يثير عنده القلق، فيحاول تغيير تلك المعتقدات ليجعلها أكثر اتساقاً فيما بينها وقرباً من شخصيته.

وفي هذا الصدد، أوضح المتخصصان بعلم النفس الإجتماعي كارول تافريس وإليوت أرونسون أنّ الدماغ يحبّ التناغم والإنسجام مع الشخصية، وينحاز إلى بعض الأفكار والميول، فيسجّل الأفكار التي تعنيه ويتجاهل أخرى. وضربا المثل التالي: "التوعية بأنّ التدخين مضر لي متنافر مع كوني مدخن شره، لذلك يبحث المدخنون عن جميع أنواع التبريرات ليستمروا بعادتهم، مثل القول إنها تريحني وتبعد الإجهاد عنّي"، إذ أنهم بالحقيقة يعرفون مضار التدخين لكنّ سلوكهم يتعارض مع معتقداتهم، وهذا ما يوضح معنى التنافر المعرفي.

وشددا على أنّ "التنافر يؤثر على الشخص عند اقترابه من الشخصية وصفاته المتعلقة بالكفاءة والذكاء والنجاح"، ولفتا إلى أنّه "عندما نرى أننا اقترفنا خطأ معيّناً علينا إمّا تبني الخطأ والتعلم منه أو تبريره وتكراره مثل القول الجميع يغشّ". وتابعا: "الحد والتقليل من التنافر هو آلية في اللاوعي تسمح لنا بالكذب على أنفسنا حتى نتمكّن من المحافظة على احترام الذات وعلى صورتنا الإيجابية".

إلا أنّ تافريس وأرونسون حذّرا من التداعيات المترتبة على هذه النظرية كثيرة، لأنّها تُظهر عدد المشاكل التي يمكن أن تحدث ليس فقط من الأشخاص السيئين الذين يقترفون أعمالاً سيئة، بل من أشخاص طيبين يبررون الأفعال السيئة التي اقترفوها.

وأضافا: "من هنا الحاجة إلى الحد من التنافر، فتخيل شخصاً أمام قرار مصيري، البقاء في علاقة مضطربة أو الإنفصال، المواجهة القوية لممارسات غير صحيحة في العمل أو عدم التعليق، البعض عندما يسمع الأخبار يأخذ الإدعاءات الأولية فيما ينتظر آخرون لوصول القصة بكامل تفاصيلها. وفي الوقت الذي يتخذ فيه الشخص قراراً سوف يبرّره وفقاً لسلوكياته ومعتقداته، والتبرير هنا لأي قرار سيكون له تداعيات". وشددا على أنّه "يجب أن نتعلم من الخطأ ونكون منفتحين أكثر ومتصالحين مع الذات".

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى