ما هي ردة فعلكما حال وجدتما طفلكما أو ابنكما يشاهد فيلماً إباحياً بالصدفة؟ كيف ستواجهانه بالأمر، هل ستوضحان له الأمور، أم تؤجلان النقاش لوقت لاحق؟ إن وقعتما في هذه المشكلة، هل تعرفان كيف تتصرفان؟ في الواقع، إنها مسألة مهمة وتستدعي التوقف عندها والإجابة على تفاصيلها كافة، ولكن كيف ذلك؟.
يوضح اختصاصي العلاج النفسي والإدمان الدكتور أحمد المطارنة لـ “فوشيا” أن دور الأسرة هامّ جداً في هذه الحالة، ويتوقف علاج هذه المسألة عليها وحدها أولاً، ثم الاستعانة بالأخصائيين النفسيين كمرحلة ثانية لإرشادها على طرق حلها.
كما يبيّن المطارنة أن السبب الرئيسي يكمن في التكنولوجيا المتوافرة بين أيدي الأطفال، والتي بدورها سهّلت عليهم دخول الإنترنت، وتمكّنهم كبسة زر واحدة من مشاهدة كل صغيرة وكبيرة، كما أن هناك من يتواجد عبر مواقع الإنترنت بهدف استدراج عقول الأشخاص وتوريطهم في الدخول لمواقع إباحية تعطيهم الفضول لمشاهدتها بأقل الأحوال، لذلك على الأهل أن يركزوا كل اهتمامهم على السنوات التي ينمو فيها طفلهم، ومساعدته على صقل شخصيته، محافظين خلالها على ترسيخ المبادئ والتربية الشاملة والإدراك لديه.
وتساءل المطارنة عن طبيعة عمل الأسرة التي بتنا نلحظ كثرتها، فالأب والأم منشغلان في وظائفهما، بينما يقمنَ الخادمات على تربية العديد من الأطفال في الآونة الأخيرة بدلاً من الوالديْن، ما ينتج عنه تعلّم الطفل لعادات ومبادئ غير معهودة لديهما، وقد تساعده ربما على دخول تلك المواقع، نظراً لفارق اختلاف القيم والمبادئ عند الأسرة وعند الخادمة، وهذا ما نواجهه في عياداتنا النفسية من تكرار الشكاوي حول اختلاف سلوك طفلهم الذي ترعاه خادمة المنزل.
* كيف يتصرف الوالدان مع ابنهما في هذا الموقف؟
الموضوع ليس بالترهيب، حيث يؤكد الدكتور المطارنة أنه حال اكتشف الأهل أن ابنهم قد شاهد فيلماً إباحياً، عليهم أولاً أن يتناولوا الأمر بشكل طبيعي، ولا داعي لتأزيمه أو تحويله إلى مصيبة، بل مواجهته بمعرفتهم لما شاهده، ثم البدء بالتحاور معه بهدوء، بعيداً عن أية توجيهات صارمة أو اصطدامات ينتج عنها ردود فعل عكسية تؤدي به إلى العودة لمواقع التواصل لإيجاد ضالته هناك، وحيثما يتوافر من يستطيع الإيقاع به.
وبحسب الأخصائي، فإنه لا بد من تحدثهم مع الابن عن خطورة مشاهدة الأفلام الإباحية، بشكل علمي، وحسب مرحلته العمرية، وعدم استخدام عبارات: “عيب، حرام”، حتى لا تتشكل عنده عقدة مع الزمن قد تؤثر على ضعف شخصيته، فما حدث معه أمر طبيعي كسلوك إنساني، يحتاج للمواجهة والتأني في علاجه ليس إلا.
ويقول المطارنة لـ “فوشيا”: “إن الدور الحقيقي يعتمد على الأهل فقط في حل هذا الأمر مع طفلهم، وعليهم الإبقاء على متابعته حتى يطمئنوا من توقّف ابنهم عن مشاهدة المواقع الإباحية، وتعريفه بكيفية استغلال القائمين على هذه المواقع للأطفال، والتي تصل أحياناً لاستدراجهم له أو طلب الحصول على صوره إلكترونياً، أو طلب مشاهدته عبر الكاميرات التي قد تؤدي به إلى حالة من الشذوذ”.
ونصح الأخصائي المطارنة بضرورة تقوية العلاقة ما بين الوالدين في هذا الموقف ومصادقة ابنهما وإراحته من الجانب النفسي، والاتفاق بينهما على الآلية التي يفسران لابنهما حقيقة المشاهد التي رآها، وإعطائه الأمان لمصارحته بما يمرّ عليه طوال اليوم من أحداث، وأنْ لا داعي لإخفائها، لأنهما الأقدر على حل مشاكله كلها مهما بلغت من عظمتها، وأنهما جاهزان لإجابته على كل ما يخطر بباله من أسئلة.
وعلى صعيد الأجهزة التكنولوجية، والتي هي السبب الأساسي في هذا الموقف، ينصح المطارنة الأهل بنقل الكمبيوتر من الغرفة الخاصة إلى مكان عام داخل البيت، يكون على مرآى من الجميع، أما الموبايل، فيُمنع استخدامه إلا في أوقات محددة بعد الانتهاء من الدراسة، على أن تتابع أسرته نوعية التطبيقات والبرامج التي يشاهدها ابنها، وكذلك عدم تفعيل “الواي فاي” إلا في ساعات تواجد أسرته في المنزل.
وانتهى الاختصاصي المطارنة بما مفاده، أنه لا بد من الإعداد والتثقيف والمتابعة للطفل، وتخليصه من مشاعر الخوف والرهبة، وتدريبه على العوامل التي تؤدي إلى نجاحه، وإبعاده عن كل ما يؤذيه أو يُفشله، وإشغال وقت فراغه بهواياته، وفتح باب الحوار الدائم معه، والجلوس معه لحضور فيلم علمي ومفيد، بهدف إحلال مشاهد نافعة ومفيدة بدلاً من المشاهد التي وردت عليه خلال مشاهدته الفيلم الإباحي، حتى وإن استدعت هذه الحلول الوقت الطويل.