الارشيف / ثقافة و فن

لماذا لا أبدو جميلة في صوري ؟

يستغرب بعض الناس من أن أشكالهم تبدو مختلفة جداً في الصور التي يلتقطونها لأنفسهم عن طريق الهواتف المحمولة و دائماً ما تجد البنات مستاءات جداً من هذا الموضوع، حيث يعتليهن شعور سيء حيال أنفسهن بأنهن غير جميلات أو أنهن مخدوعات بجمال وجههن و أنهن يجب أني يصبحن أجمل من ما هم عليه في الوقت الحالي...
و هذا ما قد يترتّب عليه الدخول في حالة إكتئاب مؤقت في بعض الأحيان أو يمكن أن يتطوّر الموضوع لينحى بإتجاه آخر تكون عواقبه كارثية، كأن تلجأ هذه الفتاة أو السيدة لتغيّر شكلها عن طريق عمليات التجميل أو إنقاص الوزن أو تغيير الشكل العام لوجهها أو تسريحة شعرها، و هذا يسبب كوارث مالية بالنسبة للرجال...


لهذا فإني سأقدّم لك عزيزتي الأنثى هذا الشرح البسيط لهذه المعضلة التي تعانين منها منذ الأزل، المشكلة يا عزيزتي ليست في تفاصيل وجهك الجميل.
تكمن المشكلة الحقيقية في أجهزة الهواتف أو بعض الكاميرات المنزلية التي تلتقطين بها صورك ...؟ فـكا
ميرات الهواتف المحمولة تعتبر كاميرات فاشلة بكل المعاني بالنسبة لمفهوم التصوير الضوئي، و مهما تطوّرت هذه الأجهزة و مهما تضخّم عدد الميجا بيكسل فيها، و مهما أُستخدم فيها من تقنيات رقمية عالية.

 


بدايةً هناك شيء يجب أن نفهمه جيداً حتى ندرك أبعاد المشكلة، في عالم التصوير الضوئي لا تُعتبر الكاميرا سوى جزء من منظومة متكاملة تضم (( الكاميرا + العدسة + الإضاءة ))، و تُعتبر العدسة من أهم مكوّنات هذه المنظومة.
و من المعروف أن للعدسات أنواع كثيرة، و لكل عدسة قيمة معيّنة تُسمّى بـالبُعد البؤري، و كل بُعد بؤري يُعطينا منظوراً مختلفاً عن الأبعاد البؤرية الأخرى. فعلى سبيل المثال : يوجد لدينا عدسات ذات زاوية عريضة تسمح لنا بأن نرى نطاقاً أوسع من ذلك الذي نراه بالعين المجرّدة، لكنها سوف تشوّه من المنظور العام للصورة و تُظهرها بشكلٍ محدّب، و هذه العدسات غالباً ما تُستخدم في تصوير العمارة و المناظر الطبيعية و الأماكن الواسعة، و يتراوح بُعدها البؤري ما بين 10 مم حتى 40 مم.


كما يوجد أيضاً عدسات ذات زوايا أضيق من تلك التي تراها العين البشرية، و هي أيضاً تُسبّب تشويه للمنظور في أغلب الأوقات و تُعطينا إحساس بأن العناصر داخل الصورة أصبحت مضغوطة فوق بعضها بشكلٍ ما. و غالباً ما تُستخدم هذه العدسات في تصوير الأشياء البعيدة أو الصغيرة لتُظهرها بشكلٍ أقرب أو أكبر بحسب الرغبة، و يتراوح بُعدها البؤري ما بين 70 مم و إلى ما لا نهاية.
 

أما العين البشرية، فهي ترى ببُعد بؤري يتراوح ما بين 44 مم حتى 50 مم، و كل ما يقلُّ أو يزيد عن هذه القيمة يعتبر بالنسبة لأدمغتنا شيء غير مألوف، لأننا لم نعتاد على رؤية أنفسنا إلا عن طريق العين البشرية. أما بالنسبة لعدسات الهواتف المحمولة فإنها لم تصمم خصيصاً لتصوير الوجوه فقط، بل حاول المصنعّون أن يوجدوا عدسة ذات بُعد بؤري مناسب لعدّة وضعيات من أوضاع التصوير لكي تخدم أكبر شريحة ممكن من الهواة.

 

 

و غالباً ما يتراوح البُعد البؤري لعدسات الهواتف ما بين 24 مم حتى 40 مم بحسب الشركة المصنعّة، و هذا يعني أن هذه العدسات ذات زوايا عريضة و محدّبة في بعض الأحيان، و هذا التحدُّب سيسبب تشويه للمنظور و هو مختلف تماماً على ما اعتادت عليه أعيننا.

و قد اختارت الشركات المصنّعة هذه القيم البؤرية لاحتمالية توسيع نطاق عمل الكاميرا، بحيث يستطيع المستخدم استعمالها في أخذ الصور الجماعية و صور المناظر العامة و كل ما هو خلاف ذلك، و هذا يعني أن صور الوجوه ستكون مشوّهة في أغلب الحالات، و غالباً ما سيظهر شكل الوجه محدّباً بعض الشيء، و يمكن أن يظهر الأنف أو الشفتين أكبر بكثير مما هم عليه في الواقع.
 

و مما يزيد الأمر بشاعة، أن أغلب الفتيات عندما يقررن أن يصوّرن أنفسهن يلجأن دائماً إلى التصوير من زاوية مرتفعة، بحيث يرفعن أيديهن للأعلى قليلاً ليحاولن إظهار ما يرتدين من ملابس في الصورة، و هذا أيضاً يُعتبر شيء غريب على أدمغتنا التي اعتادت أن ترانا أمام المرآة و نحن نقف بشكلٍ مستقيم و متوازن، و غالباً ما تكون المرآة على نفس مستوى العين، لذلك فإنّ أي تغيير في الصورة النمطية التي اعتاد عليها دماغنا سيفسّرها على أنها شيء قبيح أو معيب في أشكالنا. و على سبيل المثال، هاتين صورتين ملتقطتين لنفس الشخص، لكن الأولى ببُعد بؤري 50 مم و الثانية ببُعبد بؤري 18 مم :

 

 

 و بعد كل هذا يا عزيزتي الأنثى، أناشدك بحق الإنسانية أن تؤمني بأنك جميلة، و لكن أرجوك في المرة المقبلة و عندما ترغبين بإلتقاط صورة لجمالك أن تبحثي عن مصوّر محترف يستطيع أن يُظهر هذا الجمال كما ينبغي..

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

قد تقرأ أيضا