غربتي و أنا . .
عمري 4 سنوات، من عمر الأزمة
مكان إقامتي : تركيا.
بلدي : سوريا.
خرجت من قلب المعاناة. خرجت و أبناء بلادي، رحلت عن بيتي.
ودّعت أجمل الأشياء، ذكرياتي أصدقائي، ودّعت قلبي في بلدي سوريا بخطواتٍ مُثقلة بالحنين. كل شيءٍ حولنا كان مهدد، حياتنا، مستقبلنا، وقتنا المنتهك المحروم من أبسط وسائل الحياة ..
بدأت المشاكل في المدينة التي أعيش فيها، لم نستطع الخروج لعدّة أسابيع طالت، أصبح صعب علينا الذهاب إلى العمل أو الجامعات و المدارس، حتى الأطفال كانت مفتقدة للعب في الحدائق فهي ممنوعة من الخروج، أطفالنا كبروا في هذه الأزمة. توقّفت عن دراستي أنا و أصدقائي و الكثير ...
زاد الخطر علينا و من حولنا، قررنا الرحيل رغماً عنا بحثاً عن حياة مستقرة و مستقبل أفضل، ما كنا نغترب لنبتعد بل خرجنا إلى تركيا البلد الأقرب إلى سوريا .. أحلام كثيرة كنا نظن أنها لن تتحقق إلا في بلدنا .. لكن الواقع الذي عشناه قال شيء مختلف !
سفرني ع أيا بلد و اتركني و أنساني !
كلٌ منا سافر بحثاً عن الإنسانية، هاجر السوري إلى كل أنحاء العالم.
كثير من البلدان فتحت ذراعيها لنا و أعطتنا حقوقنا في التعليم و في التأمين الصحي و أمّنت لنا فرص العمل، لم يكن لدينا حلٌ آخر نحن كـسوريين سوى الهجرة إلى تركيا - ألمانيا - السويد - مصر - لبنان، و غيرها بلادٌ كثيرة ..
منهم من سافر جواً و منهم من ترك بيته الدافئ ليعبر البحر عبر سفينة القدر ! بطرقٍ غير مشروعة أودت بحياته و حياة أسرته.. فمات الحلم و المستقبل ...
أحببت أن اكتب عن بلد المغترب تركيا جنة الارض، فيها شيءٌ من سوريا، تشبهها إلى حدٍّ كبير و خصوصاً المدينة التي أقيم، غازي عنتاب هذه البلد الحنونة علينا كمغتربين، بيوتها الدافئة و الهادئة و أهلها الطيبين، استطاعت أن تشعرنا بالأمان الذي جئنا لأجله.
مذ وصلنا قمنا بـالتسجيل على بطاقة التأمين الصحي و هي خصيصاً للمغتربين السوريين، أو كما يقولون الأتراك ( الضيوف السوريين )، و غيرها الكثير من الخدمات كالمنح الجامعية و بأقل التكاليف.
شمس الغربة تشرق كل يوم، لكنها تغرب لكي تبرد قلوبنا لتحمل لنا يوم جديد مليء بالأمل، لكن لا يخلو من الصعوبات و الضغوطات اليومية التي تمرُّ علينا، و بقينا نحن السوريين الأقوياء، لقد استطعنا التغلُّب على تلك الصعوبات .. عندما اتحدّنا يداً بيد لغربة أسهل !
عندما وطئت أقدامنا هذا المغترب، لم نقف مكتوفي الأيدي منتظرين أن تُمدُّ يد العون لنا رغم اختلاف اللغة و العادات و التقاليد، لكنها لم تكبِّلنا ! فنحن أصحاب مواهب و عزيمة و إرادة، غير الإمكانيات و الطاقات الكامنة داخلنا ..
بحثنا دائماً عن الأفضل من أجل أن نكون يداً واحدة و بوصلة لأنفسنا، استثمرنا طاقاتنا، كنا نعمل على توحيدها و جمعها كـباقة من الورود!
فكل ما نسعى إليه هو إعطاء رونق للحياة الصعبة هنا في الغربة ...
مرجعٌ عن طريقة نستدلُّ بها على كل شيءٍ نحتاجه في تلك الفترة المؤقتة إلى أن نعود إلى بلدنا، و نقدّم لها أفضل ما لدينا و نعمّرها سوا !
فظهرت فكرة إنشاء موقع إلكتروني يحمل اسم غربتنا، هذا الموقع (http://8rbtna.com/) يتضمّن كل ما نحن بحاجةٍ إليه، و لقد قام المهندس " مجاهد عقيل " بإطلاقه هذا العام بعد تعبٍ و جهد و إجتهاد.