الارشيف / ثقافة و فن

البديل - الحلقة الثالثة

قصة قصيرة
 

البديل
 

(3) الحلقة الثالثة

 

استطاعت أم مايا أن تقنع أم فتون بذهاب ابنتها معهم في هذه الرحلة الصيفية و قالت لها بأن فوفو مثل ابنتها تماما بل و تشعر هي و زوجها و كأنها فرد من العائلة .... و أنها ستكون سعيدة مع مايا و معهم .... و هذا ما كان ... استأجر نادر فان كبير ( حافلة صغيرة مخصصة للسفر )، و حضّروا مستلزمات الرحلة و ألبسة السباحة و أساليب الترفيه و الألعاب و انطلقوا نحو الساحل بعد أن حجزوا ثلاث غرف منفصلة في منتجع الشاطئ الأزرق ( cote d'azur beach ) فلم يجدوا شاليهات فارغة.. غرفة لنادر و زوجته و غرفة للأولاد و غرفة لوالد و والدة أم مايا ..... و بدأت رحلة من أجمل رحلات العمر و خاصةً بالنسبة لفوفو ... و نادر ؟؟ .... فقد كان نادر يعاني من أزمة منتصف العمر بالإضافة إلى غياب زوجته عنه وجدانياً و عاطفياً، فهي دائماً منشغلة ... و خاصةً بمسؤولياتها تجاه أهلها .... فقد كان يعاني من فراغ عاطفي و حقيقي، و يحتاج إلى من يعيده شاباً مرحاً و منطلقاً في هذه الحياة... و إلى من يهتم به كرجل و يساعده على تخطّي هذه المرحلة الحرجة في حياته .... التي يشعر بها الرجل أن رجولته و فحولته بدأت بالتراجع ... و هذا ما يخيف الرجل كثيراً ... بل يخاف حتى الشعور به و لا يعترف نهائياً بذلك ..... فالفحولة و القدرة الجنسية عند الرجل ترتبط مباشرة برجولته و كيانه و وجوده .... و لذلك نجد الكثير من الرجال يتعثّرون و يسقطون في الأخطاء و يعرّضون عائلاتهم و علاقاتهم الزوجية للدمار و الانهيار دون أن يشعروا بخطورة هذه المرحلة بالذات و خاصةً إذا كانت الظروف مساعدة للسقوط في هاوية الانحلال من القيم ..... في سبيل أهواء و شهوات و ميول انحرافية تعزز رجولتهم المتدهورة.

 

 

أما فوفو .... فكانت هي الأخرى محرومة الاهتمام من والدتها، التي كانت بعيدة عنها في مرحلة من أهم مراحل حياة الفتاة ... و هي مرحلة المراهقة ... بالإضافة إلى فقدانها للسند و القوة و الحماية المتمثّلة في شخص والدها المتوفى .... فكم كانت تشعر بالنقص و الحرمان عندما تجد الفتيات في مثل عمرها يتمتّعن بوجود آبائهن... و بالقوة و الحماية المستمدّة من شخصية الأب بالذات .. فكم كانت تحسد مايا على هذه النعمة التي حباها الله بها .... و خاصةً أب و رجل مثل نادر ... رجل وسيم و ناجح و كله طاقة و انفتاح و حيوية..... لقد لفت نظرها جداً و أُعجبت به .... بل و أحبّته و أصبح خيالها يسرح و يمرح و يلعب بها .... بل و يأخذها بعيداً جداً .... لمكان ليس به أحد .. غيرها و غيره.

 


و أخذت أيام الرحلة تحلو يوماً بعد يوم ... في النهار سباحة و لعب و لهو في وسط البحر مع مايا و أخوتها من جانب، و مع نادر في جانب آخر لوحده، فأخذ يعلّمها الغطس الطويل ... و يتلامس معها بدون نوايا حسنة ؟؟ لا من قبله و لا من قبلها .... فقد كانت فاتنة في لباس البحر ذلك ... و فاتنة عندما تمشي ... أو تأكل ... أو حتى تشرب أو تلعب ... فاتنة بضحكتها و براءتها .... و هناك عينان لا تفارقها أبداً ... و لا بأي حركة .... كما كانت هي ؟؟ .... و العيون الأخرى لاهية سارحة غير منتبهة .. حسنة النوايا... لا تدري شيء ؟ بينما كان شيطان ينمو و يكبر بينهما .... و المياه تجري ... و لا أحد هنا أو هناك يدري ؟ .....

 

 

و في الليل كانت تحلو السهرات على شاطئ البحر... بصوت أمواجه الهادئة و الجميلة و أضواء خافتة و بعيدة و أجواء رومانسية رقيقة ... مع حكايا العم نادر عن مغامراته و ذكرياته و خبراته الحياتية و العائلة كلها حوله، و لكن بينهم فتاة كان قلبها الهش الصغير يدق بشدة ؟.... فازداد تعلُّقها بـنادر أكثر فأكثر .... و بدأت تحلم به كنصفها الآخر و حبها الأول ..... أما هو فكان يحلم بها بالفعل .... و خاصةً بالفراش ... و بدأ يشعر بأن هناك مشاعر قوية تجذبه نحوها ... في غمرةٍ من الضجة و العجقة و اللهو و اللامبالاة ؟ ...

 

 

و مضت أيام الرحلة بسرعة و كلها سعادة و تجدد على كل المستويات، و كان لا بُدَّ من الرجوع إلى دمشق .... فقد حان وقت العودة و العمل و الالتزامات و الحياة الرتيبة .... كم تمنت فوفو أن تطول هذه الإجازة إلى وقتٍ طويل .... طويل جداً .... و كذلك نادر ... و لكن لا بُدَّ ... من الذي لا بُدَّ منه ..... و عادت العائلة إلى دمشق و هي سعيدة بقضاء إجازة رائعة .... حتى أن زوجة نادر قالت له في أثناء طريق العودة و هو يقود السيارة ... بعد أن نظرت له نظرة طويلة ..... ألا تلاحظ نفسك يا نادر ... كأنك صغرت بالعمر عدة سنوات إلى الوراء .... على ما يبدو أنك كنت بحاجة لمثل هذه الإجازة .... على كلٍ أنا سعيدة بأن الجميع كانوا سعداء زوجي و أولادي و ضيفتنا العزيزة و حتى والداي فقد دبّ النشاط فيهما .... إلا أنا ... أجد نفسي متعبة ... و لكن لا بأس أن أكون متعبة و لكني سعيدة بكم جميعاً .... كلام .... جعل نادر يغص قليلاً .... فهي لا تدري أنها تبعد عن قلبه يوماً بعد يوم .... حتى أنه لم يعد يكترث لوجودها .... بل يوجد الآن من يهتم و يكترث لوجوده أكثر بكثير ................. ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
 

يتبع 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

قد تقرأ أيضا