قصة قصيرة
البديل
(6) الحلقة السادسة
كانت مايا في حالة خوف و استنفار من أجل فوفو و أخذت تبحث في النت و غيره ... عن طريقة للوصول إلى دكتورة موثوقة من أجل أن تتخلّص فوفو من حملها ... و طلبت من فوفو أن تحذوا حذوها ... و قامت عملية البحث على قدمٍ و ساق و بشكلٍ مكثّف و سريع و بسرية تامة .... مع الحذر الشديد، فالمسألة و المصيبة كبيرة جداً... و استطاعت مايا أن تحصل على أكثر من رقم و عيادة ... أما فوفو ... فلم تنجح فقد كانت مشوّشة و مشلولة التفكير أصلاً فلم تصل لشيء .... و اجتمعت مايا مع فوفو في بيتها لتخبرها نتائج بحثها الأخير .... و قررتا أن تقوما بالاتصالات اللازمة و السؤال عن طريق الهاتف و التحقُّق في عمليات الإجهاض في بعض العيادات ... فتوصلتا لدكتورة روسية تقوم بمثل هذه العمليات الممنوعة قانونياً في سوريا و تحت طائلة العقوبات المتشددة في هذا الموضوع ... و لكن في كل مجتمع تجد من هم يخالفون القانون ...؟
و بالفعل حصلت الصديقتان على الموعد الأول من أجل الفحص المبدئي و من ثم تحدد موعد معين للعملية .... و هذا ما كان ... و ما أن دخلت الفتاتان العيادة و قابلتا الدكتورة التي تتكلم العربية بشكل مكسّر و لكنه واضح، حتى عرفت هذه الدكتورة كيف تمّ الحمل و بدون سؤال ... من عمر الفتاتان و خوفهما ... و ذلك بسبب وجودهما في مجتمع محافظ .... أما في روسيا بلدها ... فالحالات أكثر بكثير من الحالات الموجودة في المجتمع السوري، و هذا بفضل الرادع الديني بالدرجة الأولى، و التربية التي تحافظ على الفتاة حتى تتزوج ... عدا حالات من الانفلات و الخروج عن الدين و الأعراف و التقاليد، و تعتبر هذه حالات استثنائية و لا تمثّل القاعدة و لا بشكلٍ طبعاً ...
فالفتاة السورية من أفضل فتيات العالم من الناحية الخُلقية، و الحفاظ على الشرف و العفة بشكلٍ عام ..... المهم أن الدكتورة فحصت فوفو فحصاً دقيقاً، و وجدت أن صحة فتون ممتازة بالرغم من صغر سنها و كذلك وضع الجنين .. و سألتها أليس هناك مجال لتصحيح هذا الخطأ بدلاً من إجراء عملية الإجهاض ...؟ فكان جواب فتون بالنفي القاطع، بل توسّلت إليها بأن تجري لها العملية بأقرب فرصة و هي مستعدة مالياً لكل ما تطلبه ... حزنت الدكتورة عليها و تعاطفت معها و أعطتها موعداً لإجراء عملية الإجهاض في صباح يومٍ محدد مناسب لفتون حيث تكون والدتها في عملها ... و وعدتها الدكتورة أن تتم العملية بشكلٍ سري، و أن تعود فوفو لمنزلها بعد ساعتين فقط و مع قليل من الأدوية، و ستكون حالتها قريبة من الطبيعية و لا تخشى شيئاً، فهذه العملية تعتبر بسيطة ... بالنسبة للدكتورة فقد أجرتها مئات المرات ...
و بالفعل تمّت العملية على أحسن وجه ... و كانت مايا برفقتها لحظة بلحظة ... و أوصلتها لبيتها و جلست معها قليلاً، و حضّرت لها وجبة خفيفة و إبريق من العصير، و أعطتها دواءً للالتهاب كما أوصتها الدكتورة ... و تركتها و عادت لمنزلها و هي تتمنى لها الشفاء السريع و على أن تتصل بها بشكلٍ مستمر لتطمئن عليها .... و ما أن وصلت مايا بيتها حتى وجدت والدها و كأنه ينتظرها و استدركها بسؤاله : أين كنت ؟... قالت مايا : كنت أزور صديقتي فوفو .... فبادرها فوراً : صحيح أين هي و لماذا لم تعد تزورونا .... فقد شعرت أنها لم تعد تأتي لعندنا مثل السابق ... هنا ارتبكت مايا قليلاً، ثم أجابت و هي تحاول أن تكون طبيعية : إنها مريضة ... جداً ..؟
هنا ظهر على نادر الإضطراب ... بل أن قلقه كان واضحاً ... حيث قال بلهفة : خير ما بها ... ماذا أصابها ... شعرت مايا بلهفته المفأجاة .... و اهتمامه الذي كان أكثر مما يجب ... فوقفت صامتة قليلاً ... فأحسّ نادر ... بأن مايا متعجبة من ردة فعله التي بدت بلهفة كبيرة ... فتماسك فوراً، و سيطر على أعصابه و حالته، و قال : خير ... فأنا أعتبرها كأخت لك و واحدة من العائلة بالفعل ... ماذا حدث لها .... قالت مايا ببرود : لا شيء، فقد أصابتها أنفلونزا شديدة، و قد أخذت وقتاً طويلاً في استعمار جسمها ... و هي ما زالت تعاني من أعراضها للآن ... و لكن قريباً ستزول كل الأعراض إن شاء الله ... فهي تتماثل للشفاء حالياً .... و ذهبت لغرفتها ....
حاول نادر الاتصال بفوفو للاطمئنان عليها ... و لكن لا مجيب كالعادة ... لعلها لم تعد تحبه، و شعرت بأنها أخطأت خطأً كبيراً بحق نفسها .... فليس لديه الآن وسيلة ليفهم ما حدث غير الانتظار .... و ظهور فوفو من جديد ... ليفهم ما الذي حصل ...
أما فوفو ... فقد لاحظت أن هناك نزف بسيط ... لم تأبه له، لأن الدكتورة قالت لها أن النزف قد يستمر لعدة أيام، و قد يستمر لأربعين يوماً فلا تخاف ... و عليها فقط أن تلتزم بالمضاد الحيوي من أجل ألا يحدث عندها التهابات و مضاعفات ... فهي صغيرة السن و أنسجتها قوية، و كان الحمل ثابتا بقوة فكان التجريف قوياً ...؟؟.... و مضت الأيام ..... و النزف يستمر و يستمر ... و انتهى المضاد الحيوي ... و حالتها الصحية تسير بسرعة نحو الأسوأ، و بدأت علامات فقر الدم و الضعف الشديد يظهر عليها بوضوح حتى شعرت أمها بذلك، و أخذت تسألها دائماً عن طعامها ... و تكثر الأسئلة عن وجباتها و تحركاتها. من خوفها عليها أخذت تعد لها أطباق مغذية بيدها في كل يوم ... فقد شعرت بالذنب الشديد أخيراً لغيابها الدائم عن البيت و عن ابنتها الوحيدة ... لعلّها لا تأكل جيداً ... أو أصابتها حالة من الاكتئاب لتواجدها لوحدها في أغلب الأوقات في المنزل، فلا أحد يعوّض مكان الأم في المنزل أبداً و لا بأي شكلٍ من الأشكال ......
و في ليلةٍ سوداء .... دخلت فوفو الحمام في منتصف الليل و هي تشعر بالغثيان الشديد، و كانت حرارتها مرتفعة جداً ... و النزف يشتد عليها و لا تعرف ماذا تفعل، و كيف توقفه و هي بهذا الضعف الشديد، و ما أن دخلت الحمام حتى أغمي عليها ... و سال دمها في أرض الحمام ..... بشكلٍ مخيف .... سمعت والدتها باب الحمام قد فُتِحَ و من ثم صوت ارتطام ... فنهضت مسرعةً .... و فتحت باب الحمام بسرعة لتشاهد مشهد رهيب ....؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
يتبع