الارشيف / ثقافة و فن

البديل - الحلقة السابعة

قصة قصيرة


البديل


(7) الحلقة السابعة

 

و ما أن دخلت أم فتون الحمام حتى رأت ابنتها تسبح ببركة من الدماء .... فصرخت و اقتربت منها فوجدتها غائبة عن الوعي تماماً، و لا تبدي أية حركة أو ردة فعل ... و بسرعة مجنونة اتصلت بالإسعاف و بعد دقائق كانت فتون في المشفى و بعد فحص سريع تبيّن أنها تعاني من نزيف و التهاب رحمي شديد على ما يبدو أنه نتيجة عملية إجهاض .... و تجريف شديد أكثر من المطلوب بكثير .... مما جعلها بحاجة إلى عملية جراحية فورية و نقل دم سريع .... و هنا كادت الأم أن تنهار و يغمى عليها من هول الصدمة و المفاجأة ... و لكن ليس لفتون غيرها و يجب أن تكون قوية و متماسكة و تتصرّف بحكمة، لأن حياة فتون في خطر و هي بين الحياة و الموت. فقامت بالاتصال بإحدى قريباتها و صديقتها المقرّبة ليقفوا بجانبها في هذا الوضع المأساوي ... و لبت القريبة و الصديقة فوراً النداء ... و كانتا في المشفى إلى جانب الوالدة المكلومة الخائفة ... بينما تخضع فتون لعملية جراحية إسعافية في غرفة العمليات .... خرج الطبيب بعد ساعتين من غرفة العمليات .... و وجهه أحمر و مكفهر و متعب و على ما يبدو أنه كان يتصبب عرقاً ... و ركضت الأم و المرأتان لملاقاة الطبيب و هم بغاية القلق و الاضطراب و الحزن .... فقال الطبيب لأم فتون أأنت والدتها .... قالت : نعم و الدموع بعينيها .... فقال أريد التحدث معك في مكتبي على انفراد ... و مشى نحو مكتبه و قد بدى عليه الأسف و الغضب بوقتٍ واحد ... و ما أن دخل مكتبه و معه والدة فتون ... حتى أغلق الباب بهدوء ... ثم قال : أرجو أن تتمالكي نفسك، أريد أن أقول أن ابنتك قد تمّ إنقاذها في اللحظة الأخيرة ... و أرجو أن تكون العملية الجراحية ناجحة ... و هذا لا يظهر قبل مرور ثماني و أربعون ساعة على الأقل على العملية .... فإذا مرّت هذه الساعات بسلام نستطيع أن نقول أن ابنتك كُتب لها حياة جديدة.... فذلك بيد الله وحده بعد أن بذلت كل جهدي ..... ابنتك يا مدام تعرّضت لعملية إجهاض و تجريف رحم قاسية جداً ... جعلها تنزف حتى الموت .... هذا بالإضافة إلى التهاب شديد في بطانة الرحم .... مما اضطرنا أن نستأصل الرحم بالكامل و للأسف لإنقاذ حياتها ... كم يؤسفني و يحزنني أن تتعرّض فتاة صغيرة بعمر الورود لمثل هكذا مأساة .... و لكن ؟؟؟ كانت حياتها أولى من الرحم الذي تحمله ؟ ..... و لولا أني أشعر أنك بحالة يرثى لها و لا تسمح بتحميلك على الأقل بهذه اللحظة المسؤولية كاملة ..... كان لي معك كلام آخر .... أين كنت يا مدام ؟؟؟؟؟؟ ...

 

 

سقطت أم فتون مغشيّاً عليها على كرسي بالقرب منها، فلم تستوعب هذه المصيبة بل الكارثة التي حلّت بطفلتها الجميلة ... و استفاقت بعد قليل على إنعاش الممرضة لها ..... و صديقتها و قريبتها ... يقفان و الدموع تملأ عيناهما .... و ظلّت أم فتون تبكي طوال الليل ... و أحست أنها أهملت ابنتها إهمالاً شديداً أدّى إلى هذه الحال الكارثية.... و في صباح اليوم التالي ... وقفت أم فتون أمام غرفة العناية المشددة و هي ترتجف ... تنتظر حضور الطبيب ... حتى جاء و دخل ثم رجع و قال : للآن نحمد الله أن وضعها مستقراً، و استطعنا أن نسيطر على النزيف و نعطيها دم ... و قد تقبّله جسمها حتى الآن .... و العلامات الحيوية لا بأس بها حتى الآن، ندعو الله أن تمر 24 ساعة أخرى بسلام .... و ذهب الطبيب لمريضٍ آخر بعد أن أوصى ببعض الأدوية و الإجراءات و الفحوصات المستمرة و الضرورية لمراقبة حالة فتون تماماً .... و مرّت الساعات ببطءٍ شديد ... و ارتقاب مقيت .... و خرج الطبيب من غرفة العناية الفائقة في اليوم التالي ... و علامات الإرتياح على وجهه ... و قال للأم : الحمد الله الآن أستطيع أن أقول لك الحمد لله على سلامتها ... و لو أني حزين من أجل مستقبلها ... فقد حُرمت أن تكون أمّاً للأبد .... لا حول و لا قوة إلا بالله ..... ثم أن هناك شيء آخر يجب أن تعلميه .... عندما تتماثل فتون للشفاء .... سوف يحقق معها لمعرفة الفاعل .... لأنها قاصر .... و هذه تعتبر عملية اغتصاب كاملة و واضحة، و أدّت إلى أذى كبير و مباشر لصحة و حياة هذه الطفلة .... فهذا حق عام و قانون ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ هنا تجمّدت الأم .... لا يكفي أن ابنتها قد خسرت شيئاً ثميناً كفتاة و إمرأة ...... و ستُفضح أيضاً ...... يا للعار الذي سيلحق بهما ....؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

 

 

يتبع 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

قد تقرأ أيضا