الارشيف / ثقافة و فن

لا عزاء للرجال - الحلقة السابعة و الأخيرة

قصة قصيرة


لا عزاء للرجال

 

(7) الحلقة السابعة والأخيرة
 

حزن أحمد لما سمعه من شقيق نهلة الشاب المراهق ... كانت ضربة في الصميم في كرامته و قلبه و روحه ... لم يتصوّر أنه كان يعيش مع إمرأة سيئة بهذا الشكل، و هو من أحبّها أكثر من روحه ... و كافح و تعب من أجلها ليوفّر لها حياة كريمة و مستقرة، و هي باعته بأرخص الأثمان ... فقد كانت تمثّل له الحب بينما هي تطعنه في ظهره .... ليتها ماتت ... أو مات هو قبل أن يعلم قصتها و قصة اختفائها، فقد بدأت خطوط القصة المبهمة تتضح و تتفكك.. فإذا هي و الرجل السيئ أبو صافي من كان وراء اعتقاله و عذابه و هوان كرامته ..... لم يكن يتوقع في يوم من الأيام أن يوضع بهذا الموقف و بيد من ؟؟؟ ...... أقرب إنسانة لقلبه ؟؟ ... يا للأقدار .... و مضت أيام كثيرة تقوقع أحمد فيها على نفسه، و بات لا يحب أن يخالط أحد من الناس و انعزل تماماً، حتى أهله لاحظوا حالته التي لا تسر أحد ... لا قريب و لا بعيد ... و قررت والدته أن تزوجه، فهو ما زال شاباً في مقتبل العمر، و لن ينسيه زوجته و مأساته معها إلا أمرأة أخرى .... و عندما فتحت والدته موضوع زواجه ... طلب فوراً أن تؤجله، فهو في حالة لا تسمح له بأن يرتبط بإمرأة أخرى مهما كانت ... في ظروفه و نفسيته الحالية ....

 

 

و بعد فترة ... قام أحمد بزيارة أهل نهلة، و كان قد قرر طلاقها قانوناً و شرعاً ... و قد وكّل محامياً من أجل هذا الطلاق الذي سبقه طلاق روحي بامتياز .... و لكن ابن الأصل لا يتصرّف إلا بأصله .... فقد قدّم لأهلها المقدّم و المؤخّر، و كل متعلقات نهلة و حقوقها كاملة و أمام المحامي الذي وكلّه لإتمام قضية الطلاق ... و فوق كل حقوقها مبلغاً لا بأس به، فإمساكٌ بمعروف أو تسريحٌ بإحسان، و لو أنها لا تستحق هي ذلك ... و لكن مستواه و أخلاقه هي من تستحق أن تبقى كما هي ؟... فلا يمكن أن يؤثر على تربيته و أخلاقه إمرأة مثلها .... و من ثم قال لأهلها : هذه حقوق نهلة كاملة، وضعتها بين يديكم ليس من أجلها .... فهي إمرأة ناشز ... و لكن من أجل إنسانيتي و كرامتي و رجولتي، فلست ممن يستفيد من الرخص و الظروف .... و من أجل طفلتي ... التي سأربيها بنفس مستوى خلفيتي و أخلاقي .... و في يوم من الأيام عندما تكبر و تشب، ستقدّر لي ذلك كثيراً ..... فأنا أنظر إلى الأمام دوماً ... و لا أنظر إلى الخلف .... و لكن لي رجاء وحيد ... هو أن تتصلوا بابنتكم و تردوها إليكم و تستروا عليها ... فإن كانت قد أخطأت أخطاء جسيمة بحق نفسها أولاً و بحق كل من حولها و خاصةً أنا و طفلتها، هذا لا يعني أن ترموها بالشارع لكل ضالٍّ و فاسق .... و هذه حقوقها المادية تساعدكم على ذلك ... و لا أريد أن أراكم، و لا أن أراها بعد هذه الساعة ....

 

 

و مضى أحمد و خرج مع محاميه من بيت أهل نهلة، التي كانت في يومٍ من الأيام زوجته و حبيبته ... لتصبح أكره و أبعد إنسان عن قلبه .... حزن أهل نهلة كثيراً لما آلت إليه الأوضاع ...... فهم يحبون أحمد و يحترمونه.... بل و موقفه هذا الأخير جعلهم يشعرون بالصغر و الدونية أمامه، فقد كان رجل و لا كل الرجال ..... و وجدوا بأن نصيحته و رأيه بأن يستروا على ابنتهم، و يردّوها إليهم فكرة حكيمة ... و قاموا بالبحث عنها، و بالاتصال بأشخاص كثيرة حتى يصلوا إليها .... و لكن للأسف، كان القدر و العقاب الإلهي قد سبقهم إليها، فقد قامت بحرق نفسها في خيمتها منتحرةً بعد أن أصبحت ملطشة لكل كلبٍ ضال ... لتنال عقوبة في الأرض قبل عقوبة السماء .... و انتهت نهلة.... بسم الله الرحمن الرحيم : (( ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئاً أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم لهم في الدنيا خزيٌ ولهم في الآخرة عذاب عظيم )) ..... صدق الله العظيم (الآية 41 المائدة ) ....

 

 

أما أحمد فقد تزوّج بإمرأة فاضلة تقية، ذات أخلاق و سيرة حسنة و من عائلة محترمة ... و طبّق حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم ( فاظفر بذات الدين تربت يداك ..... فخير متاع الدنيا المرأة الصالحة ).


تمت 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

قد تقرأ أيضا