الارشيف / ثقافة و فن

التوائم - الحلقة الثالثة

قصة قصيرة

 

التوائم

 

(3) الحلقة الثالثة

 

و في أحد الأيام ... و في أثناء العطلة الصيفية لاحظت نادية أن أختها تعد لشيء ما ... فقد اشترت ملابس فاضحة خلسةً عن أهلها ... و أخفتها في خزانتها، و هي تدري بأن نادية لن تشي بها فهي أضعف من ذلك، فقد كانت تعرف تماماً كيف تتعامل مع أختها البريئة... تارةً بشخصيتها القوية و تارةً بالعاطفة... و كانت خطتها أنها تريد أن تسهر خارج المنزل مع صديقتها تلك التي كانت تمثل الشق الثاني من نفس الشخصية المتهورة، و قد دُعيت الصديقتين لـبارتي أو حفلة صاخبة مع شلة بنات و صبايا في إحدى الديسكويات أو الأماكن الشبابية الخاصة بالرقص و قلة الأدب .....

 

 

و كما هي العادة قررت الصديقتان الذهاب فور نوم أهل نادين، فقد كانوا أصلاً ينامون باكراً، أما أهل الجارة الغير محترمة كان الأمر كله لا يهمهم .... و بعد أن تأكدت نادين أن والديها غطّا في نومٍ عميق ... لبست الثياب التي أعدّتها لهذا المشوار ... و تسللت خارج المنزل .... بينما نادية كانت مندهشة و خائفة إلى أقصى حد ... و حاولت كثيراً أن تثنيها عن الذهاب هكذا ليلاً لوحدها ... و لكنها لم تفلح، و قالت لها : لا تخافي علي، هناك من سيقلّنا بسيارته و يرجعنا، اطمئني ... و هو ابن عائلة و أكابر جداً ؟؟؟ .... هنا نزل الكلام على نادية نزول الصاعقة، و بدأت تتوسل أختها و بكل وسيلة بأن لا تذهب ..... و لكن لا حياة لمن تنادي .... و خرجت نادين بكل إصرار و وقاحة .... و بقيت نادية في غرفتها تنتظر أختها و هي كالهائمة على وجهها، كانت بحالة خوف و هلع شديدين .... مع حرصها على عدم إصدار أي صوت أو حركة خوفاً من أن يشعروا أهلها بشيء .... فقد خافت على الطرفين ...... أهلها من جهة، و نادين من جهةٍ ثانية .... و كادت أعصابها أن تتلف، و هي تحصي الدقائق و الساعات .... حتى عادت نادين من سهرتها و هي تعبة و لكنها سعيدة جداً .... و وضعت رأسها على مخدتها و غطّت في نومٍ عميق .... غير مبالية بساعات القلق التي عاشتها أختها التوائم ... يكفي أنها هي سعيدة .... و من بعدها لا ينبت حشيش كما يقال ......

 

 

و تكررت هذه السهرات عدة مرات خلال العطلة الصيفية التي تسبق صف البكالوريا أو سنة البكالوريا التي تعتبر من أهم سنوات الدراسة في حياة الطالب، و التي يستعد لها كل الطلاب من بداية العطلة الصيفية و حتى نهاية العام الدراسي ... و هذا ما كانت نادية تفعله في هذه العطلة، هي حضور دورات مكثّفة في الرياضيات و الفيزياء و الكيمياء و مراجعة المنهاج بالكامل كمرحلة أولى خلال العطلة، و ذلك يساعدها كثيراً فيما بعد في الدراسة و التحصيل الجيد..... بينما نادين كانت غارقة باللهو و النوم و التسلية مع الأصدقاء الذين باتوا من الجنسين، و لم تفتح كتاباً واحداً معتقدةً أن الفرع الأدبي سهلاً و لا يحتاج لأي تحضير ؟ ...... و كم نصحتها نادية بأن تقرأ مادتي اللغة العربية و الفلسفة .... على الأقل .... و لكنها كانت لا تبالي بكلام أختها ..... و مضت أيام الصيفية، و نادية مثابرة على الدرس و نادين مثابرة على حفلات اللهو...... و بدأ العام الدراسي الجديد ... و واجهت نادين صعوبات شتّى في المدرسة، فقد كانت لا تفهم و لا تتابع، و قد انقلب مزاجها و سلوكها و لم تتعوّد على البقاء لساعاتٍ من أجل الدراسة، فعوضاً أن تروّض نفسها لتبقى منكبّه على كتبها و دراستها ... كانت منكبّه على الرقص و الخلاعة و قلة الأدب .... و أصبحت تطلب من أختها باستعطاف أن تلخص لها بعض المواد و بعض الأفكار، لم يكفيها أنها هدرت كل وقتها خلال الصيف ... بل جاءت الآن لكي تتطفّل على وقت أختها نادية التي هي بحاجة لكل دقيقة من وقتها فالوقت يمر ... و المنهاج يحتاج للشيء الكثير ... و مع ذلك فقد ساعدت نادية نادين كثيراً و لو على حساب وقتها، لعل أختها تعود إلى جادة الصواب .... و لكن كان ذلك يثقل كاهل نادية كثيراً و يعرّضها لإرهاق و تعب كبير ...... و كان ذلك كله لطلب طلبته نادية من نادين أن تلتزم بالمراجعة قدر ما تستطيع، و لا تخرج و لا تذهب لصديقتها الجارة فقط في الشهور القليلة قبل الامتحان ... و التزمت نادين مع نادية بهذا الطلب فهي بحاجة فعلاً لذلك .... و لكن ليس من أجل مستقبلها ...... و لكن خوفاً من فشلها أمام أهلها .... أتنجح نادية و تسقط هي ..... أتنجح الحبيبة و تسقط الغريبة ؟؟؟؟؟ هذا ما كان يجول بخاطرها ...... الخوف من المقارنة و لا شيء غير المقارنة .... إنها غيرة دفينة منذ الصغر .... غيرة قاتلة ..... و لكن لا تقتل إلا صاحبها ..... هذا ما لم تكن تدركه نادين أبداً ..... و مضى العام الدراسي ببطء و اقتربت الامتحانات العامة للشهادتين ...؟

 

 

يتبع  

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

قد تقرأ أيضا