قصة قصيرة
التوائم
(5) الحلقة الخامسة
تمنّت نادين كل الصور و الظروف التي حول نادية أن تكون لها هي .... أو تكون هي بدلاً من نادية .... فالشكل موجود حتماً، أما المضمون و الروح فمختلفين بكل تأكيد، و أخذت تحلم و تحلم أن تكون مكان نادية .... و لكن كيف ....؟؟ لا تدري .... و مرّت الأيام و نادين تقترب من نادية أكثر فأكثر، بل باتت ملاصقة لها في كل حركة و هذا ما أثار استغراب نادية الشديد، و لكن بقلبها الطيب و سريرتها النقية عزت ذلك إلى ارتباطها بشخص آخر، و هذا ما قد يؤدي لانفصالها عن أختها التوائم .... مما يثير خوف نادين من بعدها عنها... هذا ما كان في خاطر نادية .... أما نادين فقد كان تفكيرها بعيداً عن هذا كل البعد .... فقد بدأت تعجب بخطيب نادية صلاح أيما إعجاب ... فقد كانت تراقبه عن بعد كلما جاء لعندهم، و حتى عندما يكون مع نادية لم تفارقهما نظراتها و متابعتها لهم بكل تركيز و اهتمام ... و كثيراً ما كانت تطلب من نادية أن تكلمها عن دقائق الأمور بينهما، و عن صفات صلاح و ميوله بشكلٍ تفصيلي ....
كانت نادية أحياناً تضيق بأسئلة نادين ... و أحياناً تترك العنان لأحلامها الوردية مع صلاح و هي تحدث أختها و قد أسكرتها اللحظات الحلوة الجميلة ... فلا تشعر بنفسها إلا و قد أباحت لأختها بكل شيء عن غير قصد .... و إنما الفرحة و السعادة أحياناً تجعل الإنسان يبوح من أجل إعادة نشوة اللحظة و جمالها .... أما صلاح فكان هو الوحيد الذي يكنُّ لنادين الاحترام و المودة كأخت لخطيبته و حبيته فقط ... و كثيراً ما كان هذا الاحترام و الود و اللباقة في التصرُّف معها يخلق لديها مشاعر دفّاقة و أحاسيس لا تستطيع أن تكبحها ... بينها و بين نفسها طبعاً ....
و مرّ شهران على الخطوبة، و نادية كانت تزداد حباً لصلاح و تعلُّقاً به ........ و كذلك نادين ؟؟؟ و لكن لا أحد يدري بها ..... فقد أحبّته هي الأخرى و باتت لا تمر دقيقة دون أن تفكّر به و هي تكتم هذه المشاعر و الأحاسيس المحرّمة عليها ... و تتعذّب بصمتٍ قاتل .... و هي في حيرةٍ من أمرها ... و السؤال الوحيد الذي كان يدور و يلف في مخيلتها كيف تستطيع أن تسرقه و تذهب به بعيداً ! ..... هذا هو الحب المستحيل و الصعب .... كم هو صعب ؟ ..... و بقيت نادين تعاني بصمت مما جعلها تفقد شيئاً من وزنها ... فباتت بنفس وزن نادية .... و التي كانت أنحف منها بخمس كيلو غرامات تقريباً، فبات الشبه بينهما مطابقاً أكثر .... و لاحظت نادية و أهلها ذلك و كانوا سعيدين بهذا، فقد بدت نادين أجمل و أهدأ و أروق من قبل .... و كانت لا تخرج من المنزل كسابق عهدها .... و تركت شلّتها الفاسدة، بل كانت تتهرّب منها دائماً و هذا أيضاً ما راق للعائلة كلها ... و الجميع فرحين بأن نادين قد عاد عقلها لها أخيراً، و أصبحت تدرس و تداوم بشكلٍ طبيعي كأي فتاة تريد أن تحصل على شهادتها الجامعية .....
و لكن ؟؟؟ لا أحد يعرف الحقيقة .... لا أحد .... و لا أحد يعرف أن نادين تعاني من مشكلة نفسية حقيقية .... فقد أحبّت خطيب أختها بكل جوارحها و هي تخطط الليل و النهار من أجل أن تستأثر به لوحدها ..... فقد أعجبها شكلاً و مضموناً، و الأهم من ذلك أنه خطب نادية و لم يخطبها هي !..... و أصبحت نادين تستعير من أختها ملابسها و هي مختلفة تماماً عن الستايل الذي كانت تحبه سابقاً، فهو بسيط و محتشم و عادي .... فكانت تبدو بملابس أختها ...؟؟ نادية نفسها .... و العين نفسها .... و لكن ما داخل العين ؟؟؟؟؟ لا يميزه إلا كل ذكي و فطين و قريب جداً من الأختين .... والديهما .... و صلاح فقط !... فطريقة التفكير و الكلام و ردّات الفعل مختلفة ... مهما تطابق الشكل هذا بالإضافة إلى الإحساس تجاه كل واحدة على حدى ؟ .... و لكن هل كان صعباً كثيراً على نادين أن تتكلّم بنفس أسلوب نادية، و أن تحاكي طريقة تفكيرها و أن تقلّد ردّات فعلها ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟.........
يتبع