قصة قصيرة
التوائم
(8) الحلقة الثامنة و الأخيرة
القسم الثاني و الأخير
أرسل صلاح جثمان نادية على أنه جثمان نادين إلى دمشق مع بالغ الأسى و الحزن ... و بقي هو و نادية التي هي نادين في رومانيا، فقد تعرّضت نادية الجديدة إلى أزمة نفسية حادّة و هو يعالجها هناك .... و هكذا أمضت نادية الجديدة فترة في العلاج النفسي الذي تطلّب أن يكون صلاح بالقرب منها يحيطها بحبه و حنانه ... دون أن يعاشرها معاشرة الأزواج لفترةٍ طويلة، فقد كانت نادية حزينة و مكتئبة جداً لموت أختها .... و خاصةً أنها شق توائم .... حيث كان وقع الحادثة عليها شديد .... هكذا أفهمه الأطباء، و أن حالتها تحتاج لزمنٍ ليس بقصير لتعود إلى حالتها الطبيعية، و لرعاية و حنان فائقين من قبله، و خاصةً أنه بات لها الآن كل عائلتها و كل ناسها ....
و مرّت شهور طويلة ... و كانت شديدة و مرهقة جداً بالنسبة لصلاح ... و هو يقسّم وقته بين عمله و نادية الجديدة و التي كان يظنها زوجته الحقيقية، قد تكون قد اختلفت قليلاً بسبب الأزمة التي مرّت بها ... و لكن تبقى زوجته و حبيبته التي أحبّها من قلبه .... أما نادين التي أصبحت نادية بفعلتها الشريرة .... فقد عانت الكثير بداية الأمر من الحزن و الاكتئاب و تأنيب الضمير ... و لكن قرب صلاح منها و حبّه و حنانه كانا يخففان عنها الكثير ... و خاصةً عندما تجلس معه و هو يحدّثها كثيراً عن عمله و أحلامه و طموحاته، و هي تكتفي بالصمت أغلب الأحيان .... بل كانت تقلّد نادية بكل شيء تقريباً، و مرّت سنة و أكثر، و كلما حاول صلاح أن يقترب من زوجته من أجل العلاقة الزوجية كانت تتهرّب منه نادية الجديدة، و هو يعزو ذلك إلى أنها غير مهيئة نفسياً بعد..... و عندما أهداها في عيد ميلادها آلة الكمان الموسيقية التي تحبها جداً و تحب العزف عليها على حدِّ علمه و معرفته بزوجته .... رفضت أن تعزف عليها و لم تحاول حتى في الأيام التالية ..... و استغرب صلاح وقتها كثيراً، فقد اعتقد أن هذه الهدية ستفرحها و تساعدها على التغلُّب على حزنها و اكتئابها، و لكن لم يجدها متحمسة لها أبداً و لم تحاول حتى العزف عليها و هي من أحب هواياتها ؟؟؟؟؟؟؟ و لكن أهمل الموضوع ... و اعتبر ذلك أنها لا تريد العزف بعد موت أختها .....
و هكذا..... إلى أن جاء يوم ... كان فيه صلاح نشيطاً و لطيفاً جداً، و أعدّ لزوجته أمسية منزلية رومانسية بامتياز، فقد حضّر لها العشاء و جاء بالشموع و الورود.... و كان كلامه أكبر بكثير من أن تتحمّله نادين التي كاد الشوق له أن يقتلها ..... و نجح صلاح ليلتها أن يصل إلى زوجته عبر العلاقة الحميمية التي كانت صادمة جداً ..... فقد انتبه صلاح أثناءها.. و انتفض من سريره و هو بقمّة الدهشة و الاستغراب ... و هو يتوجّه بالسؤال .... و يشير بأصابع الشك و الاتهام لها .... قائلاً مستغرباً ...... عذراء ؟؟؟؟؟؟ عذراء، كيف كيف ... ردّي علي ... ردّي، أأنت نادين .... أنت نادين .... كثيراً ما شكّ قلبي بك و كنت أغالطه ..... أيتها اللعينة الشقيّة الشريرة .... ماذا فعلت بأختك ... ماذا فعلتي ..... و مسكها بقوة من أكتافها، و هو يصرخ في وجهها و يهزّها بعنف .... قولي ... قولي ... ماذا فعلت .... هنا كانت نادين بمنتهى الغضب و الحزن و الكآبة بآنٍ واحد، فقد ذكّرها بفعلتها الشنيعة و هي بقمة النشوة معه ... لقد ذكّرها بنادية و وجه نادية .... و هي بقمّة الحب، فلم تشعر إلا و هي تصرخ بوجهه و تقول له : نعم أنا نادين ..... نادين التي أحبّتك أكثر من نادية .... نادين التي أهملها كل الناس و اهتموا بنادية ...... نعم نادين السيئة المجرمة المحرومة ..... فلقد أعماني حبّي لك ... عن كل شي ء ... كل شيء .... في هذه الدنيا .... فأنا لم أعد أرى أحد سواك .... ثم قالت و هي تجهش ببكاءٍ شديد و تغطّي وجهها بكلتا يديها .... أكره نادية .... أكره نادية .... فهي تأبى أن تفارقني ... لا هي حيّة و لا هي ميتة .........
سمع صلاح الاعتراف كاملاً .... و هو مشدوهاً .... يكاد يغمى عليه من هول المشهد ... و لكنه تماسك بكل قوة ... و فوراً اتصل بالشرطة ..... دون أن يفكّر كثيراً .... فهو أمام قاتلة زوجته الحقيقية ...... مهما كانت ؟؟؟ بالفعل جاءت الشرطة فوراً و أخذت نادين ...... حيث تعرّضت هي و صلاح للكثير من التحقيق ... و استطاعت الشرطة من خلال هذه التحقيقات الحصول على اعتراف كامل من نادين أنها قتلت أختها ... و مثّلت الجريمة كاملة ... و في هذه الأثناء راسل صلاح أهل زوجته، و طلب منهم الحضور بأقرب و أسرع وقت لرومانيا، فقد كانت مأساة أخرى تنتظرهم .... فقد دخلت نادين إلى مصحٍّ عقلي هناك .......
تمت