تغيّرت المفاهيم في هذا العصر و تغيّرت معه الرموز حيث أضحت هذه الإشارة دليلاً قاطعاً على وجودنا في هذا العالم ... بعد أن كان هذا اللون يرمز للطبيعة ..
فالإيقاع السريع الذي نعيشه الآن حمل معه مفردات و مفاهيم جديدة .. و تسللت إلى حياتنا اليومية و أصبحت من البديهيات ..
فـتنوّع وسائل الاتصال الاجتماعية من صوت و صورة و كتابة و محادثة .. جلب معها الكثير من المزايا .. من خلال تمكيننا من الاتصال بأصدقائنا و أحبائنا و سماع أخبارهم بغضِّ النظر عن مكان تواجدهم الجغرافي .. فكنا منذ زمن ليس ببعيد نجهل أخبارهم لحظة خروجهم من البلاد ... و لكننا الآن نرصد شئنا أم أبينا جميع تحركاتهم .. و صورهم .. و مناسباتهم .. و جميع أخبارهم ..
فهذه النافذة الصغيرة قلبت جميع الموازين بعد أن كان المغترب منسياً على الصعيد الاجتماعي ...
و من ناحيةٍ أخرى جلب هذا التلاحم الإلكتروني معه أيضاً سلسلةً جديدةً من الواجبات و البرتوكولات.. التي أصبحنا نتعامل بها و نتبناها .. و نتسابق في تطبيقها .. و التي لا تخلو من مجاملات سطحية ... و عبارات مكررة ... و إعجابات مزيّفة .. و تعليقات منمّقة.... و لكننا و مع علمنا بسطحيتها نسعد بها .. لأنها تعطينا إحساساً بالوجود ..
و من جهةٍ أخرى لا نستطيع التغاضي عن الأضرار التي تسببت به هذه الوسائل من وحدةٍ و انعزال و تزييف و تهميشٍ للمعنى الحقيقي للصداقة ..
و لكنني و مع هذه الأضرار لا زلت أجد كفة الإيجابيات راجحة .. ذلك و لأن المغترب هو الأكثر إستفادةً من هذه الوسائل .. حتى لا يصبح في طيّ النسيان و يختفي من الوجود .. فإذا كان التفكير بالنسبة لـديكارت هي علامة الوجود ... فإن التواجد على الشبكة العنكبوتية هو دليل الوجود...