بينما يتحدث الناس في شهر ابريل عن الربيع وتتفتح الزهور، نقرأ في الجرائد ونسمع عبر الراديو كلاما كثيرا عن "كذبة ابريل"، وعن أنواع الطرائف التي حدثت لهم بسبب الأكاذيب الملونة في ابريل.
ويسرد أحدهم بصوت مرح عن أول "كذبة ابريل" في التاريخ فيقول: "في عام ١٨٠٥ وصل إلى بارون فرنسي رسالة عاجلة من الامبراطور نابليون بونابرت بالسفر من بلده البعيد للمثول أمام الامبراطور.
وبعد رحلة البارون الطويلة فوجئ بدهشة نابليون الذي لم يطلبه، كما فوجئ الامبراطور نفسه بحضور بارون آخر من بلد بعيد بناء على طلبه.
وبتحقيق المسألة اتضح أن هذين البرونين كانا يشاهدان مسرحية موليير "البخيل" ويضجان بالضحك بصوت مرتفع مما أثار استياء ابن الامبراطور الذي كان يشاهد المسرحية أيضا وضاق من البارونين وقرر أن يسقيهما مقلبا ونفذ هذه الكذبة.
وعندما عرف الامبراطور بحقيقة الأمر ضحك من قلبه وقال لابنه: "(كذبة ابريل) هذه لطيفة جدا يا ولدي".
وهكذا أصبح للكذب عيد مثل عيد الربيع وعيد الأم!
وفي رأيي أن كذبة ابن الامبراطور لا هي لطيفة ولا يحزنون، فأنا لا أرى لطفا أو ظرفا في أن أدفع بإنسان للسفر من بلد بعيد لمجرد الدعابة.
كما أني اتساءل.. ما الذي دفع الامبراطور لأن يسمي كذبة ابنه بـ"كذبة ابريل" نسبة إلى شهر ابريل؟ فأكاذيب الناس لا تحدد بالشهور ولا الأيام ولا حتى بالساعات والثواني؛ فهناك من يكذبون وهم يتنفسون.
وعن "كذبة ابريل" هذه، لا أعتقد أن الناس أصبحوا يذكرونها أو ينتظرون ابريل لكي يتبادلو الكذب، مثل انتظار شهر مارس لتقديم هدية للأم. فانشغال الناس بالحياة المرهقة ومشاكلهم هنا وهاك لم يعد يعطي مكانا لما يسمي بكذبة ابريل.
وليس هناك كذب لطيف وكذب سخيف؛ فالكذب هو الكذب.
وإن كان في الحياة أكاذيب بيضاء يقوم بها بعض الناس لمصلحة الآخرين حتى لا يجرحوا مشاعرهم.
ولا اعتراض لي على هذه الأكاذيب البيضاء، ولكن ما أريد أن أقوله إنه لم يعد هناك اهتمام أو ذكرى بين الناس عن "كذبة ابريل" إلا في سطور المجلات والجرائد والإذاعة عن طرائف التاريخ.
لقد اندثر عيد الكذب من شهر ابريل كل عام وتحول إلى عيد داخل نفوس بعض الناس في كل ثانية.
Please enable JavaScript to view the comments powered by Disqus. comments powered by