الجزء الأول من الثلاثية شهد العديد من المشاكل والصعاب التي كانت من الممكن أن تغير مساره ومسار السلسلة بالكامل، صراعات على أدوار في الفيلم، وصراعات على الإخراج، تهديد من أكبر عصابات المافيا الأمريكية بقتل صناع العمل، أزمات مالية كادت أن تنهي الفيلم مبكراً، وغيرها من الكواليس والأحداث التي كانت خلف ظهور أول أفلام السلسلة للنور.
البداية كانت في عام 1967 أي قبل صدور الفيلم بـ 5 سنوات، حيث رشح أحد الكشافين عن الروايات والسيناريوهات في أستوديو Paramount السينمائي لنائب رئيس الشركة حينها بيتر بارت رواية مازالت تحت الكتابة حينها للمؤلف ماريو بوزو تحمل اسم The Godfather لكي يقوم بشراء حقوقها.
الرواية في هذا الوقت كانت عبارة عن مجرد 60 صفحة بالإضافة إلى 20 صفحة ملخص للرواية، وقام بيتر بارت بقراءة المخلص وأبدى إعجابه الشديد بها وقرر شراء حقوق الرواية فوراً مقابل 12 ألف دولار واعطى لماريو بوزو الوقت الكامل للعمل على روايته وإنهائها، ورغم معارضة وكيل أعمال ماريو بوزو للعرض إلا أن بوزو قرر الموافقة خاصة انه في حال تحويل الرواية إلى فيلم سيحصل بوزو على 80 ألف دولار إضافية.
استغرقت الرواية من بوزو عامين للكتابة وصدرت في عام 1969 واستمرت لمدة 67 في قائمة الأكثر مبيعاً، وبيعت أكثر من 9 ملايين نسخة في عامين فقط، النجاح الكبير للرواية منذ الشهور الأولى حمس المسؤولين في شركة Paramount على التعجيل بالعمل على تحويل الرواية لفيلم خاصة أن الشركة حينها كانت تعيش في فترة انتكاسة وخسائر كبيرة بعد فشل أكثر من فيلم من إنتاجها، وكان قرار Paramount حينها هو اقتباس أحداث الرواية لكن تغيير الأحداث لتحدث في الحاضر لتقليل التكاليف، وبدأوا البحث عن مخرج ذو أصول إيطالية لكي يخرج الفيلم بنفس روح وتفاصيل الرواية.
أول الأسماء التي طرحت لإخراج الفيلم هو المخرج الإيطالي سيرجيو ليوني الذي يعتبر واحد من أهم المخرجين الإيطاليين في التاريخ، وكان ليوني حينها في قمة نجاحاته بعد النجاح الكاسح لفيلمه The Good، the Bad and the Ugly ثم تلاه نجاح فيلمهOnce Upon a Time in the West ، وعرضت الفكرة على ليوني الذي كان يعمل حينها على فيلم عصابات أخر كان يعتبره فيلم العمر بالنسبة له وهو فيلم Once Upon a Time in America ومن اجله قرر ليوني الاعتذار عن عدم إخراج The Godfather ، وبعد رفض ليوني عرضت الشركة الفيلم على أكثر من مخرج من بينهم بيتر بوجنداوفيتش، بيتر ياتس، ريتشارد بروكس وغيرهم من المخرجين لكن جميعهم رفضوا إخراج الفيلم.
في نفس الوقت وعلى جانب آخر، كان المخرج الإيطالي الشاب فرانسيس فورد كوبولا يعاني من ديون عديدة بعدما شارك في إنتاج أولى أفلام صديق عمره المخرج الجديد حينها جورج لوكاس THX 1138 وكان بحاجة إلى المال، عندها طرح على بيتر بارت اسم كوبولا وتحمس له للسببين، الأول هو كونه إيطالي شاب ولديه طموح عالي يناسب الفيلم، ثانياً أن أجره مناسب لظروف الشركة التي تحاول أن تخفض ميزانية الإنتاج قدر المستطاع، وبالفعل عرض بيتر بارت الفيلم على كوبولا الذي لم يكن متحمساً في البداية لكن حاجته للمال لسد ديونه التي بلغت نحو 400 ألف دولار بالإضافة إلى إلحاح عائلته وأصدقائه الذين دفعوه للموافقة على إخراج الفيلم مقابل 120 ألف دولار بالإضافة إلى 6% من الأرباح.
بعد تعيين كوبولا نشب الخلاف الأول بينه وبين Paramount بسبب اعتراضه على أن تدور أحداث الفيلم في الحاضر (السبعينات)، وتمسك كوبولا بأن ينقل الرواية بزمنها (الأربعينات والخمسينات)، كوبولا كان محظوظاً بسبب النجاح المتزايد للرواية الذي أعطى أمالا كبيرة للمنتجين بأن يستفيد الفيلم من هذا النجاح وبعد مناقشات وافقوا على طلب كوبولا، ليبدأ ماريو بوزو كتابة النسخة الأولى من السيناريو والتي بلغت 150 صفحة.
وكان قرار كوبولا هو أن يقوم كل منهما منفرداً بكتابة النسخة الخاصة به من السيناريو ومن ثم يجتمعا سوياً لتحديد الشكل النهائي، بعد 7 شهور انتهى الثنائي من الكتابة النسخة الثانية للسيناريو لتأتي الخطوة الأخيرة وهي النسخة الأخيرة للسيناريو والتي احتاجت إلى شهر كامل من العمل المستمر من بوزو وكوبولا حتى انتهوا منها في 163 صفحة، والجدير بالذكر أن كوبولا وبوزو استعانوا بالمؤلف روبرت تاون لكي يكتب مشهد واحد في الفيلم وهو مشهد دون فيتو وابنه مايكل في حديقة المنزل.
مع الانتهاء من السيناريو كانت الأسماء المرشحة لبطولة الفيلم سببا في بدء الصراعات الحقيقية بين كوبولا و Paramount بسبب إصراره على ممثلين محددين بالرغم من رفض المنتجين لاختياراته للحد الذي جعل ستانلي جيف رئيس Paramount حينها يقول أنه لن يحصل هذا الممثل على دور "فيتو كورليوني" طالما أنا على مقعد الرئيس لهذه الشركة"، ذلك الممثل هو مارلون براندو الذي حصل على الدور بعد معانة وقصة درامية طويلة.
Please enable JavaScript to view the comments powered by Disqus. comments powered by