لكن، بعيدا عن أناقة النجمات والتي تهم بشكل أكبر مجلات الموضة، ماذا عن أزياءهن على الشاشة؟ أيها أكثر تأثيرا على سير الدراما؟ هل هو فستان صباح في فيلم "شارع الحب" أم ميرفت أمين في "حافية على جسر الذهب"؟ أم أنها صفية العمري مؤدية دور نازك السلحدار في "ليالي الحلمية"؟
من المفترض أن تكون كل العناصر المكونة للعمل الدرامي في خدمة الدراما، سواء تصوير أو ديكور أو إضاءة أو أداء ممثلين. وهناك مقالات تحليلية كاملة تحاك حول المغزى من أزياء ميشيل فايفر في فيلم Scarface أو تأثير أزياء النساء وحلل الرجال في مسلسل Mad Men على السياق الدرامي. ماذا عن السينما والدراما المصرية –وبصورة أعم العربية ومدى تأثرها وتأثيرها بالدراما المصرية- ومدى تأثير الأزياء فيها ومدى تأثر الدراما بما تمثله الأزياء واختيارها الموفق أو غير الموفق؟
في التقرير الآتي نستعرض أكثر ٢٥ رداءً أثروا الدراما، فأضافوا إليها وخلدوا في أذهان المشاهدين باختلاف مشاربهم.
الحديث عن الفنانة صباح يطول. فهي من أكثر الفنانات العربيات أناقة وإثارة. إطلالاتها تقطع الأنفاس لدرجة أن هناك أكثر من فستان صمموا خصيصاً من أجلها، وكانت أول فنانة عربية يصمم لها المصري هاني البحيري أزياءها. في فيلم مثل "شارع الحب" وضح جداً اختيار صباح بعناية للأزياء التي سترتديها، ربما مع مشاورة الستايلست، لكنها في المجمل عرفت كيف توظف كل قطعة ملابس ارتدتها في المشهد المناسب. في بداية تعرف المشاهدين بها، كان الأسود العصري الذي يبرز شخصية "كريمة" الكاسحة.
في مشهد إغواء مدرس الموسيقى العجوز، كان الفستان الذي أطلقت عليه "الأسلحة الذرية" فستان أسود مصمم من أعلى بشريط حول الرقبة، يبرز جمالها ويجنسن شخصية كريمة إلى أبعد حدود. أما الفستان الذي وقع علينا اختياره، فهو فستان الانتقام الأبيض، وهو فستان انتقام لأنه قلب موازين المشهد رأساً على عقب. فانتقمت كريمة لكرامتها من الحبيب الذي أتى غادراً منتوياً إنهاء العلاقة، وأدارت عجلة الروليت لصالحها. عرفت صباح بكونها امرأة شديدة الإثارة، وقيل أن موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب ارتبك وهي تغني الأغنية المصاحبة للفيلم من تلحينه، بسبب طريقتها المغرية في الغناء، والتي جعلت عبد الحليم يرتبك بينما يؤدي المشهد أمامها. وكان الفستان الأبيض ذو الذيل الطويل هو وسيلة كريمة لتثأر لأنوثتها المغدورة على يد حبيبها المطعون بيدها هي شخصيا.
ما الذي يصنع شخصية فنية ناجحة؟ الحقيقة لم يتوصل أحد بعد للسر الذي يجعل دور لعبه فنان يبقى حياً في أذهان الناس. أهي دقة المخرج؟ أم براعة الممثل؟ أم سيناريو كتب بحرفية عالية؟ أم السر كما قال المخرج الأمريكي مايك نيكولز هو "تعليم الممثل كيف يقطع شرياناً بينما يوفر له المخرج سبل الأمان أثناء النزيف"؟
في حالة إستر بولينسكي، الدور الذي لعبته الفنانة المعتزلة إيمان الطوخي، كان رد فعل المشاهدين ليختلف كثيرا لو لعبت الدور ممثلة غيرها. لم يكن من السهل أبدا أن يتصالح المشاهد المصري المحافظ الوطني مع امرأة إسرائيلية سكيرة خائنة لزوجها لو لم تكن التي تلعبها هي فنانة بجمال وموهبة إيمان الطوخي.
المشهد: حفل أقامته إستر بولينسكي على شرف عشيقها ديفيد شارل سمحون. إستر هستيرية، تسكر بلا مواراة، وديفيد مازال غائبا. فستانها مزيج من الألوان التي –كالعادة- تتماشى ولون عينيها الجميلتين. المشهد يمثل باختصار، محاولة أخيرة من امرأة عاشقة حتى الثمالة استعادة حبيبها أو حتى استيعاب السبب الذي دفعه لهجرها.
التايورات والفساتين التي ارتدتها إستر، مطعمة إياهم بالمجوهرات والماكياج المتناسب حتى الكمال، جعلوا منها أسطورة حية للمرأة العاشقة الهستيرية والمثيرة في آن واحد. وبالرغم من أن مشهد انهيار إستر كان يمكن أن يكون قمة في الابتذال والمغالاة، إلا أن إيمان بفستانها الأنيق المحتشم، وأسلوبها الصارخ الملتاع، جعلت منه مشهداً أيقونياً، لم يعد مسلسل رأفت الهجان من بعده، كما كان قبله. يكفي أن نعرف أن المشاهدين كانوا ينتقدون رأفت الهجان ويطلبون منه أن يبقى مع إستر، ضاربين عرض الحائط كل الاعتبارات الدرامية التي حتمت عليه قرار هجرها.
فستان إستر كتب سطر النهاية على علاقة ملتبسة مجنونة، تداخل فيها الشغف بالرغبة بالهوس، وفستان انهيار حبها المتوحش كان أبلغ ستار أسدل على قصة حبها لديفيد/رأفت.
أحياناً يغفل الناس عن جمال مشهد ما أو مدى تغلغله في الأذهان إلا عندما يرى محاولة لمحاكاته أو تقليده. بعد مشاهدة المطربة دوللي شاهين، والتي عرفت بالإثارة والشبق تقدم اسكتش إيرما لادوس في فيلم "خيانة مشروعة" للمخرج خالد يوسف، شعرت بأهمية شادية في الفن المصري والعربي بوجه عام، وبمدى عبقرية هذا الاستعراض الذي قدمته في فيلم "عفريت مراتي" عام 1968 إخراج فطين عبد الوهاب، بمقارنة بما فشلت فيه دوللي.
لحن الاستعراض الموهوب دائماً منير مراد والذي عمل دوماً على استخراج الطاقات الكامنة في حنجرة شادية الذهبية. الفستان الذي ارتدته شادية وهي تقوم بدور الزوجة المخلصة المحتشمة عايدة والتي تعشق السينما وتتقمص أدوار البطلات من كل فيلم تشاهده هروباً من حياتها المملة كربة منزل، هو بمثابة ثورة على هذا الدور الذي تلعبه عايدة في الحياة، دور الزوجة المطيعة المخلصة والتي لا تفعل شيئاً سوى الجلوس لانتظار زوجها بعد عودته من عمله. عايدة وهي تلعب دور إيرما الغانية، بتحررها وغنجها ومرحها، تكسر القالب الذي تمثله صورة عايدة الرتيبة المحافظة والتي تلقى استحسان ضيوف زوجها المهمين. مع خفة دم الاسكتش وحلاوة لحن أغنية "إيرما لادوس" تمكن فستان عايدة/إيرما الأسود القصير من أن يكون صرخة ساخرة على وضع عايدة كزوجة وعلى ترتيب الأدوار الرجالية والنسائية في المجتمع، كل هذا بنكهة خفيفة ولحن يعلق بالذهن من أول مرة.
هل الإثارة تحدد بنوع معين من الملابس؟ بالطبع لا. على الأقل، هذا هو ما أثبتته هند رستم في فيلم "باب الحديد" أحد أهم أفلام السينما المصرية في تاريخها، وأحد أهم الأفلام المصرية التي تحدثت عن الهوس الجنسي والشغف واقترانهما بالاضطراب النفسي.
في هذا الفيلم، لم تغير هند رستم ملابسها سوى مرتين، جلباب يتيم ممزق أكثر من نصف مدة عرض الفيلم. في بعض الأفلام، ينتقد النقاد ممثلة ما لتغييرها الملابس بين كل مشهد وآخر، دونما مبرر درامي، ودون أن يكون للفيلم علاقة بالموضة من قريب أو بعيد. تتناسى هاته البطلات أن أحياناً قطعة ملابس واحدة قد تعلق بذاكرة المشاهدين أكثر من مليون فستان حملوا توقيع أفضل مصممي الأزياء. هذا ما حدث مع جلباب هنومة الفاتنة والتي نطقت كل سكناتها وحركاتها بالغواية والإغراء، دون أن تفقد طابع ابنة الشارع الشرسة التي عركتها الحياة.
على الرغم من كون الفستان يفتقر للجمال أو الإبهار في تصميمه، إلا أن كل المشاهدين وقتها –خاصة من الجنس اللطيف- كادوا يموتون فضولاً لمعرفة كيف سيكون فستان "عروس البحر" الذي سترتديه تهاني، التوأم المدللة واللعوب في حفل افتتاح المطعم الخاص بها. لا داعي للقول أيضاً أن تهاني ارتدت الفستان يوم مقتلها، وكأنما فستان عروس البحر ماهو إلا كفن، أو نذير شؤم، تنبأ بمقتل تهاني قبل حتى أن تشعر هي باقترابه.
الجدير بالقول أيضاً أن ليلى علوي الفاتنة كانت سبباً كافياً لتجعل كل المصريين يجلسون مسمرين أمام شاشة التليفزيون ليتابعوا مسلسل تقليدي للغاية شخصياته أحادية الأبعاد وإيقاعه شديد البطء.
في فترة ما، كانت مسلسلات السيناريست منى نور الدين عن المجتمع المخملي من أكثر الأعمال إثارة للجدل في المجتمع المصري، خاصة بين أوساط نساء الطبقة المتوسطة والراقية. ممثلات مثل ندى بسيوني، وحلا شيحة، وبثينة رشوان وإيمان وصفية العمري أصبحن خالدات في أذهان المشاهدات بأزيائهن وقصص حبهن العذري المعذبة مع رجال كانوا دوماً أكبر منهن عمراً بكثير؛ مثل حسين فهمي، ومحمود قابيل، وعزت أبو عوف.
مسلسل هوانم جاردن سيتي بالذات كان من أكثر المسلسلات التي علقت في أذهان المشاهدين، وخلدت أبطاله شهرت وشوكران وعمر وشاهندة في القلوب، يمكن القول أنه كان نسخة قديمة قليلاً من المسلسلات التركية التي تتحدث عن صراعات أهل البيت الواحد في الطبقات المترفة، وما يتضمنه هذا من خيانات زوجية، وقصص حب وهجر غالباً غير متكافئة. في المنتصف دوماً امرأة جميلة شبقة ورجل وسيم دونجوان، في حالة هوانم جاردن سيتي كانا شهرت التي قامت بدورها صفية العمري، وعمر الذي قام بدوره حسين فهمي.
على الرغم من أن وجود صفية العمري في أي عمل فني كفيل بسرقة الأضواء من أي فنانة أخرى، إلا أن صابرين في الجزء الأول من مسلسل "هوانم جاردن سيتي" استطاعت سرقة الأضواء وبقوة منها في مشهد الفرح والذي ارتدت فيه فستان –قيل وقتها أنه فستان زفافها الشخصي- أصبح مثار حديث كل نساء مصر في اليوم التالي لعرض المسلسل.
قيمة فستان فرح منيرة أنه بمثابة Grand Entrance لها في سرايا محمود باشا، وما فيها من دسائس ومؤامرات وجميلات ماكرات أمثال شهرت ونجوى. فستانها شديد الأناقة والملائمة لتركيبتها الجسمانية كان بمثابة برهان لهوانم سرايا محمود باشا على كونها ليست مجرد فتاة صغيرة تزوجها الباشا، إنما هانم على سن ورمح، وأهل للمقارنة بهن بل وللتفوق عليهن أحيانا.
عالم آخر سمح الراحل أسامة أنور عكاشة للمشاهدين بأن يتلصصوا عليه، وهو عالم البرجوازيين السوقيين بكل انهياره من الداخل، وتماسكه الظاهري من الخارج وعفونة أصحابه وإن بدوا براقين. مسلسل الراية البيضا من أعظم ما كتب للتليفزيون، ويكفي أنه مسلسل استبصر المستقبل بصورة مرعبة، وختم حلقاته الخمس عشر بمشهد يثير القشعريرة من فرط روعته وجلاله. من الشخصيات التي لن ينساها المشاهدين، فضة المعداوي، والتي أدتها القديرة سناء جميل بكل ما تحمل من موهبة وجموح وتوحش وأيضاً ضعف.
بعد ثلاثة عشر حلقة من الوجه القبيح لفضة، فوجئ المتابعين للمسلسل بفضة تسفر عن وجهها الأنثوي الخفي. مرتدية عباءة بلون النبيذ وقد زينت وجهها بماكياج صارخ وأضافت وردتين لغطاء رأسها المزركش، لم تصدم فضة الدكتور مفيد أبو الغار وحده، بل صدمت الملايين بينما هي تتنازل عن كبرياء معلمة السوق الثرية وتطلب منه الزواج.
سناء جميل نفسها علقت على هذا المشهد وعلى اختيار ملابس فضة ساخرة "عملت في رأسها جونينة"، لولا هذه الجونينة التي زينت بها نفسها لما أصبح المشهد خالداً كأحد أغرب مشاهد طلب الزواج في تاريخ الدراما العربية.
غرابة هذا المشهد تتلخص في كون أحدهم يحذفه بدأب كلما تم عرض فيلم "رد قلبي" على التليفزيون المصري، وهو حدث ولو تعرفون دائم التجدد والاستمرار. المشكلة تكمن في أنه ليس أول ولا آخر مشهد تظهر به البطلة بالمايوه على الشاشة، وبالتأكيد ليس أكثرهم سخونة، سر حذفه المتكرر ربما يلقي الضوء على نفسية مسئولي الرقابة بالتليفزيون وقتها، وما سببه جمال مريم فخر الدين لهم من ضيق أوصلهم إلى الرغبة في منع تمتع المشاهدين برؤية هذا المشهد الرقيق.
يحدث هذا أحياناً مع فيلم "أغلى من حياتي" لشادية وصلاح ذو الفقار، وعلى عكس مشهد رد قلبي الذي لا يتعدى دقيقة واحدة فإن مشهد "أغلى من حياتي" كان طويلاً، وشديد العذوبة مما يلائم الجو الرومانسي الكلاسيكي للفيلم أصلاً، لكن يبدو أن نفس مسئول الرقابة في التليفزيون، أوقعنا حظنا العاثر تحت مقصه الرقيبي الأحمق مما جعله يحذف المشهد كاملاً ويفاجأ المشاهدون بوجوده بعدها في الفضائيات.
مايوه الأميرة إنجي ربما سجل اللقاء الأكثر سخونة بينها وبين حبيبها علي. وعلى الرغم من قصر المشهد، إلا أن رؤية إنجي وقد خلعت عنها رداء الأميرات وأصبحت امرأة عادية تلهو مع حبيبها على الشاطئ، يقربها من المشاهد أكثر، ويعطي فكرة عن طبيعة الحياة المتحررة التي تتمنى إنجي لو عاشتها بعيداً عن قيود القصر.
في السبعينيات، كل النساء المصريات اللاتي ذهبن لمشاهدة فيلم "خللي بالك من زوزو"، خرجن بعدها إلى الكوافير، وطلبن نفس فورمة الشعر التي ظهرت بها سعاد حسني في الفيلم؛ كحكة زوزو.
في هذا الفيلم الأيقوني، والمشهد الميلودرامي الأيقوني أيضاً، تظهر زوزو التي تترك شعرها الأسود الجميل منطلقاً جامحاً، وقد رفعت شعرها وارتدت فستان سواريه أسود وأكملت زينتها بجاكت أحمر لامع. مع تطور المشهد وإذلال أمها العالمة العجوز نعيمة ألماظية، تأخذ زوزو مكان أمها وترقص ببراعة، متغالبة على حزنها ومرارتها الداخلية، وقد اكتسى وجهها بحزن غريب بينما جسدها انطلق من عقاله، ضارباً عرض الحائط بكل احتجاجات حبيبها ابن الأكابر على رقصها.
نادراً ما يتفوق الفيلم المأخوذ عن عمل درامي على العمل الأصلي، ولكن في بعض الحالات وباعتراف المؤلفين أنفسهم –إبراهيم أصلان عن كتابه "مالك الحزين" الذي أصبح فيلم "الكيت كات"، وصنع الله إبراهيم عن كتابه "ذات" الذي أصبح مسلسلاً بالاسم نفسه- يتفوق المصنوع على الصانع. في حالة هذا المسلسل فإن السيناريست الراحل محسن زايد برع في استقراء ما وراء رواية نجيب محفوظ الملغزة، ونسج عمل فني بديع متماسك، عده معظم النقاد أفضل عمل درامي عرض في ٢٠٠١.
رغم تألق ليلى علوي في دور هدى هانم بنت الحسب والنسب، وتميز أزيائها التي لفتت الأنظار، خاصة فستان زفافها على عطا المراكيبي والذي كان واحد من أهم أحداث المسلسل، إلا أن المشهد الذي طلبت فيه فوزية –الممثلة الناشئة وقتها جيهان راتب- من زوجها أحمد – أحمد زاهر- أن يشتري لها بذلة رقص حمراء بترتر، كان حديث مصر كلها ثاني يوم عرض الحلقة. المشهد الذي ترقص فيه فوزية لأحمد مرتدية بذلة الرقص أيضاً ساهم بشكل كبير في أن يجعل أحمد زاهر فتى أحلام الفتيات أوائل الألفينات، وساعد على صعود نجوميته بشكل كبير، حيث أدى دور زوج رومانسي رقيق يحب زوجته ويحنو عليها رغم ضعف شخصيته أمام أخيه الكبير.
لايمكن إغفال أهمية الدور الذي لعبته فريدة فهمي في الوعي المصري، فهي أول راقصة جامعية في تاريخ مصر الحديث، وربما أيضاً القديم. وبالقياس على أهمية النسوية كحركة تكفل للمرأة الوعي الكامل بجسدها وبقدرتها على كسر القوالب الجامدة التي صبت خصيصاً من أجل تقييد حريتها، فإن فريدة فهمي عن غير قصد وضعت حجر الأساس في حركة تحرير المرأة، كونها جامعية ابنة دكتور يعمل بالتدريس الجامعي، لم تمنعه مكانته الاجتماعية من تشجيع موهبة ابنته، بل على العكس، أثبت أن كلما ارتقى الانسان علمياً، وجب عليه ضرورة كسر القوالب الجامدة التي فرضها عليه مجتمعه.
فيلم "غرام في الكرنك" يحكي عن صعود فرقة رضا للفنون الشعبية، والمصاعب التي واجهت الراقصين حتى أقاموا أول عروضهم في الأقصر. ورغم امتلاء الفيلم بالرقصات الرائعة، إلا أن التابلوه الاستعراضي "حلاوة شمسنا" يتفرد عنهم لجمال الأغنية وحلاوة فريدة فهمي وهي ترتدي بذلة رقص أشبه بجلباب الفلاحة، خصوصاً وأن الاستعراض جاء رداً على كابوس البطل صلاح والذي يحاول فيه أن يفهم لماذا يكره الناس الفن رغم تقديس أجدادهم الفراعنة له.
في وقت ما، كانت كلمة "يا قطة" التي ينادي عادل أدهم بها ميرفت أمين في فيلم "حافية على جسر الذهب" لازمة تثير الرجفة لما تعكسه من هوس رجل سادي بامرأة جميلة. الآن أصبحت الكلمة إيفيه يثير السخرية والتندر ويكثر استخدامه في memes انتشرت على Facebook وTumblr. يعتبر فيلم "حافية على جسر الذهب" واحد من أفضل أدوار ميرفت أمين، وربما أحد أشهر أدوار الراحل عادل أدهم، في أداءه لدور ضابط مراكز القوى عزيز، المهووس جنسياً بامرأة مما يحيل حياتها لجحيم يدفعها في النهاية لقتله والانتحار.
شخصية كاميليا هي التجسيد الرائع لتعبير "الفراشة التي اقتربت من الضوء أكثر من اللازم فاحترقت بناره" وهي تجسيد لكثير من النساء على مدار التاريخ سواء الحقيقي أو الدرامي، ومارلين مونرو خير مثال.
بعد استنفاذ قوتها في صد عزيز، تلجأ كاميليا للحيلة. تستخدم السلاح الأكثر تأثيرا وفتكا بأعتى الرجال؛ أنوثتها. وتنجح في مهمتها، يخر عزيز عند قدميها ويشرب الخمر من حذائها في مشهد يتنافس فيه الحذاء والفستان الأحمر على سرقة الكاميرا من ميرفت أمين.
يعد "أنت عمري" هو أكثر الأعمال هدوءاً للمخرج خالد يوسف، وتجربته الوحيدة في مجال الأفلام الرومانسية. نختلف أو نتفق على الفيلم ككل، إلا أن نيللي كريم تألقت فيه وبدأت أولى خطواتها الاحترافية كممثلة ونجمة استعراضية تؤدي دور باليرينا مصابة بالسرطان. استعراض "بتميل" من غناء محمد بشير أعاد لأذهان الجمهور تاريخها الفني كباليرينا، حتى وهي ترقص رقصاً شرقياً مثيراً للحواس، ظلت خفيفة كالفراشة، وعذبة بالضبط كما الأغنية النوبية الجميلة التي ترقص عليها.
نجلاء فتحي نجمة تميزت بالجمال والرقة وكونها خليفة فاتن حمامة. وفي البداية، توقع الجميع لها أنها لن تخرج من عباءة البنت الرقيقة الحالمة ابنة الطبقة الراقية، لكنها صعدت لقمة النضج الفني في الثمانينات، ومثلت مع كوكبة من أعظم مخرجي مصر من يوسف شاهين لمحمد خان مرورا بعلي عبد الخالق وأشرف فهمي وإيناس الدغيدي وغيرهم.
في فيلم سوبر ماركت، تلعب نجلاء فتحي دورا من أهم أدوارها، بل وفي رأيي، من أهم الأدوار النسائية على الشاشة في المطلق. إذ أنه يكسر أسطورة الأمومة المنزهة عن كل دنس، والتي يدأب الوعي الجماعي العربي والديني على تقديسها حتى يحيلها إلى كاريكاتور لا وجود له على أرض الواقع. الابنة هنا تركت أمها من أجل ثراء أبيها، وأمها من أجل استعادتها لم تستخدم أسلحتها الغريزية، بل لجأت لاستخدام نفس السلاح الذي استخدمه طليقها ضدها ليسرق ابنتهما؛ المال. على العكس من رمزي الحالم الذي لا تشترى روحه الحرة بمال، كانت أمومة أميرة سبباً في سقوطها، وفي النهاية بينما هي تسير في فستان غير متأقلمة مع لبسه، وقد كسرت كعب حذائها، يبدو وكأن رمزي عزف سيمفونية انساحقها وإياه أمام المادة، وإن بقى هو حرWا، وفقدت هي حتى حريتها كانسانة كونها عبدة لأمومتها.
حتى الآن لا أعرف فتاة لم تتمن أن تكون في موضع نادين لبكي، المخرجة اللبنانية الموهوبة، بينما هي تراقص حبيبها تانجو على نغمات أغنية "يمكن لو" لرشا رزق. صحيح أن الرقصة متخيلة في ذهن آمال والحقيقة أن الحب الذي تكنه لحبيبها يقف دينها ودينه حاجزاً كبيراً أمامه، وفي الخلفية صراع طائفي محتدم بين مسلمي ومسيحيي ضيعة لبنانية هادئة، إلا أن المشهد ظل عالقاً في قلوب فتيات كثيرات استخدمن الصورة الدعائية لنادين بفستانها الأزرق وشالها cover photos لبروفايلاتهن على الفيسبوك، ربما حلماً برقصة مثيلة، أو بحثا عن الشغف.
الفستان الأزرق، والشال الأبيض، وعيني آمال الكحيلتين، ووشم ربيع، والمقهى الخاوي؛ كل هذه عناصر صنعت من المشهد نقطة ارتكاز تبنى عليها علاقة آمال وربيع المحكوم عليها بالفشل، وتخلد هذه الرقصة.
يمكن اختيار سامية جمال كأكثر الراقصات المصريات أناقة على مر العصور. وجلسة تصويرها الشهيرة في مجلة لايف الأمريكية خير دليل على تربعها على عرش الجمال والأناقة إضافة إلى كونها واحدة من أكثر النساء إثارة. في فيلم الرجل الثاني، تعتمد سامية على موهبتها التمثيلية أكثر من موهبتها الاستعراضية، وعلى الرغم من أن الفستان الأسود الساحر ذو الفيونكة البيضاء الضخمة لم يكن في المشهد الافتتاحي لتعريف المشاهدين بشخصية سمراء التي تلعبها سامية، إلا أنه كان فعلياً المشهد الحقيقي الذي أطلعهم على طبيعة العلاقة ما بين سمراء وأفندينا ولمياء، مثلث الصراع الدرامي في الفيلم، والذي قد يلقي بالضوء من قريب أو بعيد على مثلث الصراع الدرامي في الحقيقة؛ سامية جمال ورشدي أباظة وصباح.
لا شك في أن ناهد شريف السمراء كانت أيقونة للإثارة في السبعينيات، خاصة وهي تتمتع بجسد ممشوق وبشرة سمراء مصرية أصيلة، مكنتها في العديد من الأفلام من سرقة قلوب المشاهدين وخطف أبصارهم. فيلم "البحث عن المتاعب" أحد الأفلام التجارية الخفيفة التي صعد على أكتافها النجم عادل إمام حتى يصل لمكانته كممثل من العيار الثقيل وليس مجرد نجم كوميدي. في الفيلم التوليفة المعتادة لأفلام عادل إمام في هذا الوقت؛ شاب ساذج يتورط في مخالفة قانونية ما، حسناء ساخنة تقوم بغوايته، حبيبة مخلصة، إلى آخره.
الحسناء في هذا الفيلم كانت ناهد شريف، وسلاحها كان البكيني الأسود الجريء والذي حاولت به غواية البطل الساذج شعبان، واللحظة التي ظهرت بها ناهد مرتدية البكيني، توقف عندها المشاهد بضع ثوان متأملاً جمالها وسحرها، ومتناسيًا ولو للحظة ركاكة الفيلم. وبعيداً عن هذا، فإننا لو قمنا بتقييم أفضل إطلالات للنجمات بالبكيني على الشاشة، فلن أندهش لو احتلت ناهد المرتبة الثانية أو الثالثة، إن لم تكن الأولى.
كيف تصنع أسطورة للجمال تبقى في ذهن المشاهد طالما حيا؟ فعلها من قبل Charles Vidor في "Gilda" (١٩٤٦) وGiuseppe Tornatore في "Malena" (٢٠٠٠) ويوسف شاهين في "باب الحديد" (١٩٥٨)، وحديثا المخرج يحيى الفخراني والسيناريست عبد الرحيم كمال في مسلسل "الخواجة عبد القادر" (٢٠١٢).
حكاية الخواجة المتصوف الباحث عن الحب، والحب وحده، لم تكن لتكتمل سوى بامرأة تحمل في قلبها جمالاً وبراءة مثله وأكثر. وزينب، التي أدت دورها ببراعة السورية سلافة معمار، شكلت محطة من أهم محطات الخواجة المسافر في أرض الله بحثاً عن الحب في قلوب خلقه. وكان فستان زفافها الذي طلبته خصيصاً من الخواجة كشرط من شروط موافقتها عليه، شديد الجمال وإثارة للدهشة في آن واحد، نظراً لكونه غير تقليدي على الإطلاق وإن كان لونه يبرز جمال عينيها السماويتين.
فاتن حمامة من أكثر النجمات تأثيراً على الموضة سواء في حياتها الخاصة أو في أفلامها. التايورات التي ارتدتها في مسلسل "ضمير أبلة حكمت" عام كانت عنوان أناقة كل العاملات بالتربية والتعليم وقتها. فساتين الزفاف التي ظهرت بها في الأفلام كانت عنواناً لموضة الخمسينيات والستينيات. تسريحات شعرها وقلادات اللؤلؤ، كل هذه المتعلقات جعلت منها سيدة الأناقة التي تعبر عن المرأة المصرية العصرية آنذاك.
فستان زفافها في فيلم "سيدة القصر" يبقى أحد عناوين التميز والأناقة كونه شديد البساطة وشديد الملائمة لتركيبتها الجسمانية حتى أنه استخدم في ملصقات الدعاية السينمائية للفيلم نفسه، كما أنه درامياً بمثابة البوابة التي عبرت منها السندريلا سوسن إلى عالم عادل الوجيه الأمثل، وقصره الفخم، البراق من خارجه بينما ينضح من الداخل بالعفن. بدت سوسن في فستانها الأبيض أشبه بالملاك الحارس الذي أرسلته العناية الإلهية لإنقاذ عادل من الأصدقاء المتآمرين.
أسمهان فنانة حياتها يحيطها الغموض وتفوح منها رائحة المؤامرات، جمالها أخاذ وصوتها راق، وفيلم "غرام وانتقام" كاد يكون شهادة عبورها لعالم الفن السابع، لولا الحادثة المؤسفة التي تعرضت لها وأدت إلى وفاتها قبل استكمال التصوير.
طبقاً للاستايلست خالد عبد العزيز في مقابلة أجراها مع الإعلامية رغدة شلهوب، فإن السينما المصرية كانت تصدر الموضة للشارع من الثلاثينات إلى السبعينيات، أما من أوائل الثمانينات حتى الآن، فالسينما أصبحت ناقلة للموضة من الشارع، ربما لهذا أصبحت أفلامنا عن الطبقة المتوسطة تغص بالفتيات المحجبات اللاتي يرتدين بادي كارينا أسفل ملابسهن العادية، بينما خلعت المرأة المصرية الملاية اللف تأثراً بفنانات مثل أمينة رزق وراقية إبراهيم وما كن يرتدينه من فساتين.
فيلم "غرام وانتقام" هو ثاني افلام أسمهان وآخرها، وقد نجح نجاحا منقطع النظير في صالات السينما. ارتدت فيه أسمهان أكثر من زي في غاية الروعة والأناقة، يبرز منهم على وجه الخصوص الفورير الذي ارتدته وهي تستقبل خبر إصابة زوجها، والتايور الأسود الأنيق الذي ارتدته بينما تتهم يوسف بك وهبي بقتل زوجها، لكن الفستان الذي سحر الألباب بحق كان الفستان الذي ارتدته وهي تغني أشهر أغانيها "ليالي الأنس في فيينا" وطعمته بمروحة ريش وعقد من الؤلؤ أزادها حسنا وشموخا.
بكيني آخر يحتل القائمة ربما لما أثاره من عاصفة انتقاد ودهشة وإعجاب أيضاً كون المرأة التي ترتديه هي فنانة مصرية صعدت للقمة في أوج موجة السينما النظيفة والتي كانت تحتم على الفنانة المصرية إطار معين في انتقاء الأدوار وارتداء الملابس. فخرجت كل ممثلة تعلن رفضها ارتداء المايوه وتؤكد على رغبتها في عدم تأدية أدوار الإغراء أو خدش حياء المشاهدين. لكن داليا البحيري بأدائها لدور رشا تمردت على القوالب التي وجب على الممثلة الامتثال لها لو كانت تبغى نجاحاً جماهيريا.
فكان مشهد رشا وهي تعوم في نهر النيل بالبكيني بينما أهل القرية يتفرجون عليها بينما هي في نظرهم "بتعوم عريانة ملط" مشهد للتاريخ، أنزل بعواصف الهجوم على رأس داليا وقتها لكنه حجز لها مقعداً في مصاف النجومية. لم يكن المشهد يمثل تحدي لجوهر الصراع في الدراما مثل مشهد إيرما لادوس في فيلم "عفريت مراتي" على سبيل المثال، لكنه عام ٢٠٠٢ وفي ذروة تألق موجة "السينما النظيفة" كان أشبه بصرخة احتجاج صامتة على مفاهيم بالية فرضت على نجمات هذا الجيل، خاصة أن داليا وقتها واجهت الهجوم بشجاعة ولم تتبرأ من ارتدائها المايوه ولم تدع أنها كممثلة ترفض أدوار بعينها حرصا على مشاعر المشاهدين.
لا شك بأن شويكار هي أول ممثلة مصرية تكسر قاعدة الكوميديانة التي تفتقر للجمال أو الأنوثة، فهي امرأة غاية في الجمال والأناقة هذا غير أنها خفيفة الظل للغاية، استطاعت أن تقف أمام عتاولة المسرح المصري دونما ارتباك بل وتسرق المشهد من عبقري الكوميديا فؤاد المهندس. في فيلم "مطاردة غرامية" قدمت شويكار والمهندس استعراض "قلبي يا غاوي خمس قارات" والذي برعت فيه شويكار في تقمص شخصيات ورقصات من جميع بلدان العالم. وفي النهاية، ظهرت بالملاية اللف كأي مصرية بنت بلد جدعة، وهي ابنة المدارس الفرنسية والأصول الشركسية. أثبتت من خلال هذا المشهد –لحبيبها على الأقل- أن المرأة المصرية تغلب مليون امرأة أجنبية، وكانت هذه الملاية اللف سبباً في أن قرر منير (المهندس) أن يظل مخلصاً لمنى حبيبته المصرية ويعتزل نزواته الغرامية العابرة للقارات للأبد.
صفية العمري تعد سارة جيسيكا باركر الدراما العربية بلا منازع. أزياءها غيرت وجه الموضة في العالم العربي كله، وكانت لها نفس شهرة الشخصيات التي لعبتها، بالضبط مثلما كانت لأحذية كاري برادشو نفس شهرتها في مسلسل "الجنس والمدينة".
نازك السلحدار، وشُهرت، شخصيتين فريدتين من نوعهما؛ الأولى بنسبة أكبر بالطبع، فهي شخصية مركبة إلى أقصى حد، تلعب الأنوثة والأناقة في حياتها ركناً هاماً وإن كان ضئيلاً مقارنة برحابة ما تمثله هذه الشخصية التي تحتاج إلى دراسة تحليلية كاملة في رصد مشاعرها وتأثيرها على الدراما ومجرى الأحداث، مما يعزز من كونها شخصية نسوية من الدرجة الأولى مؤثرة وفعالة في مجرى الأحداث، دون شيطنتها أو فيلينتها –نسبة إلى villain- حتى تتسق وهوى الجمهور العربي المحافظ.
صفية العمري شددت على اهتمامها بالاكسسوارات والتوربانات التي تصنع من نفس قماشة الفساتين، والتي –وإن لم تعلنها صراحة- تبرز جمال عينيها أكثر وتضفي على شخصية نازك المتآمرة المتجبرة نوع من الألق يجعلها بعيدة، غير سهلة المنال، حتى بالنسبة للمشاهد، مما محا تاريخ صفية العمري قبل هذا الدور، وجعل صورتها الذهنية دوما الهانم الأنيقة.
فساتين نازك كانت تصنع المشاهد،في معظم الأحيان يغلب عليها اللون الأخضر بدرجاته، مما يوحي باتزانها وثقتها في نفسها وقراراتها، كما أن اللون الأخضر أيضا يعكس النماء والبعث والتجدد، فنازك امرأة تغير من جلدها سواء بزيجاتها المتكررة، أو بعملية التجميل التي أعادتها ولو صورياً لمجدها الأنثوي القديم، أو بعلاقتها الملتبسة بأبنائها.
رمضان 2003 كان العالم العربي كله على موعد مع قصة حب ستغير وجه الدراما العربية. حسنات الغازية الجميلة، ورحيم، الرجل الذي تخلص من أزمة منتصف العمر بقصة حب ولا في الأحلام. عند عرض هذا المسلسل، كان معظم الرجال في الأربعين والخمسين، ممن عاشوا حياة تقليدية جداً، قد ارتبطوا به ارتباطاً وثيقاً، حتى أن معظمهم غيروا رنات هواتفهم المحمولة إلى نغمات الأغنيات التي كانت تؤديها نرمين الفقي في دور حسنات –وفي الأصل تغنيها مي فاروق- والتي اشتهرت بعد عرض المسلسل شهرة واسعة المدى.
ربما يكون الجلباب البنفسجي الذي ارتدته حسنات أثناء غنائها أغنية "يا شمس يا منورة غيبي" هو الزي الأشهر في دراما "الليل وآخره"، فهو يمثل أول مرة رآها فيها رحيم، وقد يكون السر وراء قلبه الذي خطفته وهيامه فيها، لكن الجلباب الوردي الذي ارتدته بينما تغني "سلم عليّ" وهو يراقصها بالعصا كان أيضاً مشهداً من أهم مشاهد المسلسل، وحديث جميع المشاهدين اليوم التالي، غير أنه كان ختماً على ميثاق قصة حب حسنات ورحيم، التي تحدت الفراق والتسلط ومرور الزمن.
لو أن الموضة في الخمسينيات كانت تعرض في مصر ثم تنتقل لأوروبا، فالثمانينات والتسعينات كانت الموضة تبدأ عند شريهان ثم تنتقل لبقية النساء في مصر والعالم العربي.
تميزت شريهان بجسد راقص ممشوق، يتشكل كيفما اقتضى الزي؛ سواء أكان طرحة وجلباب صعيدي في "الطوق والأسورة" أو عباءة المجاذيب في "خللي بالك من عقلك" أو كرنفال الألوان الذي كانت تطل على المشاهدين به كل رمضان في الفوازير وألف ليلة وليلة.
لفوازير "حاجات ومحتاجات" مكانة خاصة، فهي أول عمل فني يعيد شريهان للأضواء بعد الحادثة المفجعة التي تعرضت لها وأدت إلى إصابتها بكسور في العامود الفقري وتناوب الشائعات عن إصابتها بالشلل وعدم مقدرتها على العودة للأضواء مرة أخرى.
لو كانت حياة شريهان عملا دراميا، لكانت ذروة الصراع منطقياً تمثلت في إصابتها وشبح الشلل الذي يتهدد حياتها، لكن النجمة الاستعراضية المقاتلة، فاجأت الجميع بعودتها مرة أخرى للأضواء بموسم جديد من الفوازير، شكل إبهاراً غير مسبوق من حيث الأزياء والاكسسوار والكوريوجرافي. فوازير "حاجات ومحتاجات" كانت البداية التي انطلقت من بعدها شريهان لتقدم تابلوهات استعراضية من أروع ما قدمت؛ سواء بعد ذلك في فيلم "كريستال" أو مسرحية "شارع محمد علي" التي حطمت بها الإيرادات وتربعت بها على عرش المسرح المصري لما يقرب من خمس سنوات.
في "حاجات ومحتاجات" أخرجت شريهان كل طاقتها الإبداعية في الرقص، كما أضافت لمساتها الشخصية لأزياء فؤاد سركيس، المصمم اللبناني الشهير، والتي بهرت بها جميع نساء العالم العربي؛ فستان الريش الأحمر الذي صمم خصيصاً من أجلها، الفستان الأخضر والأصفر الفوسفوري والذي يشبه تقاسيم الكرة الأرضية، والفستان الأبيض في نهاية تتر مقدمة الفوازير والذي قلدته جميع العرائس في التسعينات، وفستان الزفاف الأخضر، وفستان النجفة الذي ختمت به تتر نهاية الفوازير فسرقت القلوب وخطفت الأبصار.
Please enable JavaScript to view the comments powered by Disqus. comments powered by