الارشيف / ثقافة و فن

وكم من نعم الله قد أحاطت بنا من حيث لا ندري ... لم نعد نراها

جلست على مائدة الطعام ... أتأمل فرحة طفلي وهو يتذوق نوعه 

المفضل من الساندويش ... 
 

كم أصبحت طفلاً وديعاً ولطيفاً ومسالماً 
 

أراك تردد عبارات شكر وثناء لا نسمعها إلا بمناسبات كهذه .... كيف 

يلتهمها بكل طاقة وحيوية على الرغم من أن وجبة الغداء تكون عندنا 

كارثة حقيقية ....!! ابتسمت

 

كم كنا سعيدين لسعادتك يا ولدي التي اشتريناها ببضع ليرات ...!؟ 
 

وبينما أنا كذلك ....
 

طاف بي الزمان إلى صور حية قد عشتها يوماً ولا زالت ملازمتني 
 

لا أدري كيف تذكرتك أيها الصغير عندما كنا في الجامعة في زمن ليس ببعيد ... لا زالت دموعك 

تحفر في قلبي وذاكرتي ...

 

ذاك اليوم المشمس الرائع في وقت مستقطع بين المحاضرات مع صديقاتي .... نتناول فيه 

الساندويشات التي تعودنا على تناولها آنذاك من مقصف الجامعة ...

 

خاطبتني ..... أريدها ... أريدها 
 

أعرف أن طعمها شهي .... أنا متأكد ....!!;??
 

في البداية لم أكن أفهم شيئاً ....
 

ماذا تريد يا ولد ... خاطبته باستنكار 
 

أريد ما تأكلينه .... لا أعرف اسمها ولم أذقها يوماً ولكني متأكد بأنها لذيذة .... أرى كثيراً منكم يأكلها 

... أريدها أرجووك ... 
 

آااااااه صدمتني كلماتك أيها البائس ... لا أدري لم نتغافلكم أحياناً .... هل فعلاً نحن لا نراكم .... أم 

أننا لا نريد أن نراكم

.....!!!
 

.... لم يكن ثمنها بكثير لقد كان زهيداً .... أخبرته بعد أن هزتني كلماته 
 

تفضّل أيها الولد الطيب هذه ثمنها اذهب وقل له أعطيني مثلها .... وستأخذ واحدة كاملة 
 

عاود الترجي والبكاء أرجووووك أريد وعداً ... اكتبي لي اسمها على ورقة أخاف أن أنسى ...
 

أخرجت قلمي وبدأت أخط تلك الكلمة وأخط آلاماً في قلبي لم يكن ليحتملها ....
 

ووقفت جانباً أنتظره رأيته يخرج من بين شباب وبنات الجامعة بثيابه المتسخة البالية يمسكها بيده 


ويأكلها بطريقة رهيبة


.... لازلت أتذكر ابتسامته الرائعة فكم كان فرحاً بها .... وكان بكائنا بحجم فرحته .....! 
 

قاطع مخيلتي صوت ولدي وأحاديثه الغير منتهية .. بابا أحضر لنا منها دائماً ... ..... 
 

كم من آباء وأمهات لم تدخل هكذا فرحة على بيوتهم .... كم من شقاء حولنا نتعامى عنه ... كم من 

أب مسكين يبكي على بكاء أولاده لأنه لا يستطيع أن يؤمن لهم أولى احتياجاتهم ....

 

كم من أناس عاشوا حياتهم وهم يعلمون أنهم أناس غير كل الناس ... إنهم نخب ثاني لا يجب أن 

يشتهوا شيئاً لأنهم لن يحصلوا بالنهاية على شيء ....

 

وكم من نعم الله قد أحاطت بنا من حيث لا ندري .... لم نعد نراها حتى ....
 

وكم سنحاسب ...،،!!!

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

قد تقرأ أيضا