في نظر محبيه هو الزعيم، الذي يكفي أن يوضع اسمه على فيلم أو مسلسل ليضمن مشاهدة ممتعة وضحك متواصل وعبث لا محدود، ولهواة كسر القواعد والتمرد، يكفي أن يذكر اسم عادل إمام حتى يدافعون عنه فناناً وقف أمام التطرف الديني بكل أشكاله، وسخر منه في العديد من أعماله، من نكات لاسكتشات ضاحكة، وحتى عن طريق إظهار الشخصيات المتدينة بصورة كاريكاتورية أقرب للفارص.
كما أنه أيضاً أكثر من سخر من المعارضة المصرية السياسية سواء اليسارية أو الشيوعية، وصورها بأكثر الصور الكوميدية فجاجة والتي دفعت الكثيرين لاستخدام قفشاته السياسية في الحوارات العادية والميمز (memes) خصوصا مع تبلور الحياة السياسية المصرية في الخمس سنوات الأخيرة.
وبالنسبة للنقاد، فاختلفنا أو اتفقنا على أسلوبه التمثيلي ومستواه الفني، إلا أنه يتمتع بقبول وكاريزما غير عاديين، نتجت من كونه يمثل المواطن المصري بكل مجونه وبؤسه وملامحه العادية الأقرب للغلظة منها للجمال.
ما جعل لعادل إمام تلك الشعبية الجارفة سواء مدحاً أو قدحاً، نتجت من كونه الذكر المصري العادي بكل إدعاءه الزائف للبطولة والفحولة والفهلوة، ومحاولته لمشاكسة الحكومة والنظام –على خفيف- وحتى التعامل بذكورية مع النساء المثيرات، وعلى عكس الواقع، فإن يسرا وإلهام شاهين وشيرين سيف النصر وشمس البارودي وغيرهن من جميلات السينما يقعن في هواه في النهاية، مما يحقق للمواطن المصري نوع من الـ Self-satisfaction ويدفعه لمغادرة السينما سعيدًا.
لأفلام مثل "المنسي" (١٩٩٣)، و"بخيت وعديلة" (١٩٩٥)، و"الإرهاب والكباب" (١٩٩٢)، و"اللعب مع الكبار" (١٩٩١) و"الإرهابي" (١٩٩٤) و"الواد محروس بتاع الوزير" (١٩٩٩) تأثير أفلام الحركة الأمريكية التجارية على الشاب العادي الذي لا يملك شيئاً في حقيقة الأمر سوى حلمه؛ لا يتمتع بوسامة أو قوة جسدية أو ذكاء خارق ولا يمتلك أموالاً تتيح له الاقتران بواحدة من الفتيات اللاتي يراهن في الإعلانات. لكنه يتوحد مع عادل إمام على الشاشة، وهو يسخر من ضباط الشرطة، ويخرج لسانه لإمام المسجد، ويقبل الفتاة الجميلة، ويضحك على العصابة ثم يخرج في نهاية الفيلم منتصراً.
لا مجال لإنكار أن أفلام الزعيم كانت ذات توجهات سياسية واضحة، ومشروعه الفني كان مدعوماً من النظام السياسي إبان حقبة الرئيس مبارك، فهنا وقت لعب دور الإرهابي، وذاك وقت التخبيط في الحكومة، والآن يمكنك لعب دور ضابط شرطة مصاب بالعجز الجنسي، لكن هذا أيضاً لا يقلل من موهبة عادل إمام في اجتذاب حب الناس من أقصى الوطن العربي لقلب موطنه في مصر. ولا يقلل من ذكاءه الفني، والذي مكنه من تصدر عرش الكوميديا حتى هذه اللحظة، وضمن له استمرارية أكثر من آلاف نجوم الكوميديا الذين يرى النقاد أنهم أكثر منه خفة ظل وقدرة على انتزاع الضحكات.
وذكاء عادل إمام يعتمد أيضاً على تبلور مشروعه الفني، والذي استطاع أن يجذب الشباب حتى هذه اللحظة، كونه يعلم جيداً ما يفضلون، ويستطيع بفضل مكانته أن يستعين بالكاتب والمخرج اللذين يحققان له الصورة الذهنية التي ينشد تثبيتها في أذهان المشاهدين؛ ففي البداية كان الشاب الساذج الذي يحصل على الفتاة الجميلة في النهاية أيضاً رغم عبطه وبراءته الفطرية "البحث عن فضيحة"، ثم بدأت شخصيته تتبلور، فأصبح الشاب الحمش الجدع الذي يضرب ويجري، ويسرق قبلة من فتاة جميلة ويشاكس الحكومة "اللعب مع الكبار"، مروراً بالزوج المطحون الذي لا يمانع أن يخون زوجته التقليدية مع امرأة جميلة وينقذها من الأشرار بالمرة "الإرهاب والكباب"، حتى وصل للأدوار القيادية والسياسية في تصوير لمرحلة صعود المواطن العادي من القمة للقاع "طيور الظلام"، "النوم في العسل"، "بخيت وعديلة"، حتى أصبح رجل في منتصف العمر يتخلى عن وقاره أحياناً لينقذ اليوم (Save the day) ويجاري الصغار في دعاباتهم وقفشاتهم بل وينافسهم على الفتاة الجميلة "التجربة الدانمركية"، "عريس من جهة أمنية"، "السفارة في العمارة". وحتى في أدواره الأكثر كسراً للنمطية، نجح الزعيم في انتزاع الإشادة النقدية والتعاطف الجماهيري سواء كفارس "الحريف"، أو بولس الأب كاهن الوقور خفيف الظل في "حسن ومرقص"، أو محمود شعيب، الأب الذي نبذه أبناءه وعانى الأمرين مع الزهايمر في "زهايمر" أو الجاسوس المصري جمعة الشوان في "دموع في عيون وقحة".
نظرية الـ أيضًا تتبلور في مجمل أدوار عادل إمام، فهو ليس أجمل رجل ولا أذكاهم، وليس شخصية محببة للنفس أصلاً، غتت وصايع، يسكر ويتصعلك ويتهرب من عمله ويتشاجر مع والديه ويضرب حبيبته "علقة ساخنة"، لكنه مع هذا ينتزع الضحكات، ويفرغ شحنات انتقامية كثيرة لدى مشاهديه، خصوصا من الذكور.
منتقدي عادل إمام وكارهيه ينتقدون فيه شخصه كانسان، فالمعروف أن عادل كان من الفنانين شديدي القرب للزعماء والرؤساء، يمثل للكثيرين الصورة الذهنية لديهم عن مضحك الملك jester والذي يلقي بالنكات والقفشات حتى يطرب الملك ويزداد قرباً له، وينال من بركاته وإغداقه عليه بالمال والنفوذ. كما أن كثير منهم يرونه لم يصل للمكانة الفنية العالية إلا كونه تقرب لنظام مبارك السياسي، وكان أحد كوادر مشروعه في تصدير أسماء في جميع المجالات (السينما، والأدب، الثقافة، والنسوية) لتصدر المشهد الفني والسياسي والاجتماعي وقتها، مما يدفع بالجميع للتسليم بنجومية هؤلاء واستحقاقهم لهذه المكانة العالية دون وجود فرصة لمنازعة آخرين لهم.
بعيداً عن هذا وذاك، فلا غبار على أن عادل موهوب؛ ممسوس بكاريزما من طراز آخر لا تنتمي لعالم أحمد زكي ولا أيضاً لعالم محمود عبد العزيز أو لنجوم العصر الكلاسيكي السينمائي أمثال أحمد مظهر ورشدي أباظة وأحمد رمزي وعمر الشريف، منبعها أن شخصياته شديدة القرب من التركيبة المصرية الجسمانية والشكلية وحتى الروحية؛ وربما هذا هو ما جعله نموذج مصري رومانسي مثالي في محاكاة الواقعية. في أي من أدوار الزعيم الرومانسية، يمكن أن نلمح مشاعر فياضة على الرغم من العنفوانية والمشاكسة التي تتميز بها الشخصية في بداية الفيلم.
في التقرير الآتي؛ اخترنا ٧ وجوه للحب مميزة للزعيم، وبحثنا فيما يمكن أن يجعل هذه الأدوار الرومانسية أيقونية وليست مجرد أفلام كوميدية أو اجتماعية تحتوي على قصة حب كخط فرعي من الخط الرئيسي الذي دوماً ما تحتل فيه أزمة الزعيم المحور الرئيسي للصراع.
قصة حب مصرية شديدة الخصوصية، رومانسية السجون والتي يمكن تأويلها بصفة المجتمع نفسه سجن كبير لأي قصة حب، فما بالك بقصة حب لسجينين، أحدهما في قضية دعارة، والآخر في قضية تخريب ممتلكات. في نظر المجتمع هذان الاثنان لا يستحقان الحب، وقد لا يعبأ بهما المشاهد، لكن عادل إمام وسعاد حسني، في دوري صلاح وفايزة، يستطيعان أن يأسراك منذ المشهد الذي يريان بعضهما فيه لأول مرة. رغم ابتعادهما عن بعض بمسافة كبيرة، ورغم السياج والقضبان والمباني التي تفصل بينهما، إلا أن قلبك يخفق بينما صلاح يشير لفايزة بمنديله، بينما هي تلوح بالإيشارب الأخضر الذي كانت ترتديه. نظرات عيني عادل إمام وهما تحملان لهفة الدنيا كلها، هي أكثر تأثيراً من نظرات عشاق شديدي الوسامة على الشاشات المصرية أو الأوروبية، لأن أياً منهم لا يحمل دفء عينيه، ولا لهفته.
العينان هما مرآة الممثل، وعادل إمام يعرف جيداً كيف يستخدمهما في الإضحاك، نظرته المميزة هي ما جعلته يرسخ في قلوب الناس كصاحب مدرسة متميزة ومختلفة في الكوميديا، لكن صلاح في مشاهده مع فايزة، أبعد كل البعد عن الكوميديان ذو النظرة الثاقبة، والحاجبين المعقودين على الدوام.
ليس جديدًا على السندريلا الراحلة تمثيل أدوار العشق والغرام، لكن الزعيم يجعلك تصدقه بينما يحتضن جواب حبيبته حتى يصل به لزنزانته ويقرأه بمفرده، أو وهو يرى وجه حبيبته مقرباً لأول مرة بينما تتسلم الخبز من سجنه لسجنها، وتعبيرات وجهه تحمل العشق والوله والانكسار. مع موسيقى عمار الشريعي، يشعر المشاهد بالاندماج الشديد في قصة الحب الحقيقية تلك، والتي يقوم فيها عادل إمام بالبطولة بجدارة، فلا يكسر الإيهام ولو مرة، ولا تطغى عليه شخصيته الكوميدية سوى في لحظات معدودة، ليست أياً منها مع السندريلا.
يعد هذا الفيلم من أيقونات السينما الرومانسية المصرية الحديثة، كيف لا والبطل الأول فيه الساوندتراك الذهبي الذي يحمل توقيع عمر خيرت، البيانيست العظيم صاحب الأصابع الذهبية. يمكن المراهنة على أن عادل إمام أثبت جدارته كممثل رومانسي في هذا الفيلم، كونه لم يكن لينجح سوى بفتى أول جدير بأن تحبه شريهان وتتشابك أصابعها في أصابعه من وراء قضبان مستشفى الأمراض العقلية.
يمكنني هنا أن أكتب قصيدة غزل في عادل إمام، فمن هي الفتاة التي لا تريد رجلاً يحارب مؤسسة بأكملها من أجلها، يتحدى النظم والقوانين والعائلة والتمرجية وأهلها كل هذا لأجل أن يرتبط بها ويخرجها من السجن الذي تحاول هي باستماتة مقاومته؟ ليس عادل إمام عمر الشريف ولا محمود عبد العزيز، لكنه في هذا الفيلم يبدو أكثر وسامة منهما بصدق مشاعره التي يترجمها على الشاشة، والتي بالتأكيد وصلت لآلاف المشاهدين، وتمت ترجمتها في عيني الجميلة شريهان. قصة الحب بين وائل وسلوى هنا منصهرة في المعاناة، ويدعمها خط درامي شديد الأهمية عن النظرة المجتمعية الموصومة بالعار للمريض النفسي والتي يحاول العالم بأكمله الآن تخطيها من خلال حملات Destigmatizing mental illness.
في المشهد الذي تخلع فيه سلوى ملابسها، وتطلب من وائل أن "يأخذ اللي هو عايزه" بعد أن تزوجا وامتنعت عنه، فيقوم وائل بتغطيتها ويخبرها بأنه ليس مراهقاً، وليس حيواناً تحركه شهواته، بل أن الحياة الزوجية ليست فراش ينام فيه اثنان، يكسر نمط عادل إمام في معظم أفلامه، ممثلاً الرجل الشهواني الذي لا تحركه سوى غريزته في النساء ورغبته فيهن، لو لم يكن عادل إمام ممثلاً بارعاً لما صدقته بينما يحادث وائل سلوى بكل الحنان والرغبة والانكسار الذين يحملهم، ويطمأنها لاحترامه مشاعرها الملتبسة ورغبتها في عدم التقدم بعلاقتهما من حيز الحب العذري الرقيق لممارسة هذا الحب.
فيلم سيمون صالح شديد العذوبة والأتموسفيرية (Atmospheric) عن الموت والحياة والوحدة والعزلة، يطل فيه عادل إمام بشخصيته المعتادة؛ الشاب المصري الفهلوي ابن النكتة، المواطن الذي يعمل موظفاً بالحكومة مما يتيح له أكبر قدر من العبث بها مع الكثير من سوء الحظ المترتب على هذا.
يقع هاني مدرس التاريخ مدمن القمار، والمنقول إلى السلوم رغم إرادته في غرام الطبيبة الجميلة أمل التي هربت للسلوم بحثاً عن نفسها وطلباً للتكفير عن ذنب لم ترتكبه. قصة الحب التي جمعت بين الشاب ذو اللسان اللاذع والتعبيرات القاسية، والطبيبة الرقيقة التي جعلها الحزن أكثر هشاشة، تجذب المشاهد من اللحظة الأولى، خاصة وهي تبدأ وتتبلور على شاطئ البحر. كعادة عادل إمام ويسرا، الكيمياء التي بينهما ذات سحر مختلف، خاصة وأن ملامح يسرا الأوروبية وملامح الزعيم المصرية القحة قد تبدو شديدة التنافر، وقد يكون هذا هو سحرها وسر شعبية هذا الثنائي عند المشاهدين.
الفيلم الذي كان يدعى في البداية "قانون ساكسونيا"، أثار ضجة عند عرضه، نظراً لإسقاطاته السياسية الشائكة وقضيته الحساسة والتي تحمل إدانة لمنظومة القضاء وفكرة العدالة. حمل "الغول" خطاً درامياً جانبياً شديد العذوبة والرومانسية. قصة الحب التي بين المذيعة مشيرة التي تنتمي لعالم ذوي النفوذ العاجي وعادل الصحفي الصعلوك المتمرد على كل شيء، قصة تثير الشهية، وتخفف من حدة فيلم غلبت عليه القتامة ولم يترك فيه بصيص ضوء من الأمل.
في البداية، يبدو انبهار مشيرة بعادل المتمرد حتى على فكرة الغنى والفقر، ورفضه أن ينتمي لأيا من العالمين، ومع تطور الأحداث، تطلعه على سرها، ويتداخل عالميهما ببعض، حتى يصبحا نسيجاً واحداً، غير قادرين على الفكاك مما أدخلا أنفسهما فيه.
لكن عادل يتمرد حتى على قصة حبه لمشيرة، وفي آخر مشهد يجمعهما، والذي يعترف فيه بحبه لها، تظل الرغبة في الفناء هي التي تحركه، فيختار الموت متمثلاً في قتله لفهمي الكاشف على الحياة والتي تمثلها قصة حبه لمشيرة.
جدير بالذكر أيضاً مدى الحساسيىة والرهافة التي يؤدي بها الزعيم مشاهده مع الأطفال، والتي تجعل منه أباً غير تقليدي لكنه ينضح بالمشاعر، تقريباً مثل أغلبية الآباء المصريين والذين قد يشبهون عادل إمام أكثر بكثير من أن يشبهوا حسين رياض أو جمال إسماعيل، على الأقل في هذه الفئة العمرية. نلمح هذا بشدة في مشاهده مع ابنته في "الغول"، وفي مشاهده أيضاً في أفلام مثل "كراكون في الشارع"، "اللعب مع الكبار"، "النمر والأنثى"، و"الحريف".
أحد أفلام عادل إمام الكلاسيكية المقتبسة من أفلام أجنبية -مع التمصير الجيد إلى حد كبير- في بدايات مشواره، والتي تجمع خلطته الشهيرة في ذلك الوقت؛ المصري البسيط العابث –ممدوح- الذي يتغرب وينتج عن تفاعله عن الأجانب –في أكثر صورهم كليشيهية طبعاً- مواقف وطرائف، تنجذب إليه امرأة مصرية شديدة الجمال –حنان- والتي يتضح أن ورائها كوارث متمثلة في زوج أو أب أو حبيب غيور. دوماً عادل من الطبقة الكادحة، والتي تقضي حياتها بالفهلوة ولعب الثلاث ورقات، وتأخذ حقها من الدنيا يوماً بيوم. ودوماً الحبيبة جميلة ومثيرة، وهي في هذا الفيلم شمس البارودي، أيقونة الإثارة في السبعينيات، والتي تؤدي دوراً خفيفاً أمام الزعيم، فتنتزع الضحكات وأيضاً تثير مشاهدها معه مشاعر رقيقة محببة للنفس.
يخلد في الذهن مشهدهما بينما هما نائمان على الشاطئ ليلاً في العراء، فيقارن ممدوح بين نوم الزوجين في بلاد العالم، وتطلب منه حنان أن يفعلا كما يفعل المصريون، فيناما وقد أعطيا ظهريهما لبعض، توالد العاطفة بينهما ممتزجاً بالمرح الذي تخلقه تعليقات عادل إمام، يضع المشاهد في قلب الحدوتة الرومانسية، على سذاجتها ولامعقوليتها، وكل هذا لأنه يتورط بشكل أو بآخر مع الزعيم.
هذا الفيلم البسيط يعتمد على الكاريزما بين البطلين، وكوميديا الموقف شديدة التلقائية. يضع الزعيم في دور مدحت مشاكساً عزة التي تقوم بدورها نورا، ويوضح مدى تطور العلاقة التي بدأت برجل يريد مجرد الإيقاع بامرأة جميلة لينام معها، ثم يغلب عليه حبه، وتتحول مشاعره من القوة بحيث يحاول استبقائها حتى وهي تحاول الخلاص منه ومن الفقر الذي يغلف حياتهما سوياً.
الفيلم جريء أيضاً في قرار اثنين ناضجين أن يعيشا ك roommates على طريقة الأجانب، ولكن دون علاقة جسدية، ويمثل الصراع الذي قد يحدث بين رجل وامرأة قررا الحياة سوياً خارج إطار الزواج أو الجنس، وما قد يترتب على هذا من مشاكل والتباس، لكن الفيلم ينتصر للحب، وللفكرة الراسخة في الأذهان بأن "ما اجتمع رجل وامرأة، إلا وكان الحب ثالثهما."
على العموم، بغض النظر عن أي شيء، فإن مشاهدة عزة توبخ مدحت على الدوام، يستحق أن يضع هذا الفيلم اللايت رومانس في صدارة قائمة أدوار الزعيم الرومانسية المؤثرة.
الفيلم الأكثر شعبية من حيث الإيفيهات. حتى الآن مازال الجميع يستخدم إيفيه "قصة ولا مناظر" قبل مشاهدة أي فيلم سينمائي، ورغم أن مشروع عادل إمام التمثيلي هنا كان اختلف كلياً عن بقية الأفلام المطروحة، وبدأت شخصيته تنحى إلى الذكر المصري القح، شديد العدائية والفتونة والمعاناة مع الكبت الجنسي على عكس حقيقته البائسة، إلا أنه مازال معبراً عن لسان حال كثير من المصريين، يمثل أحلامهم، ورغباتهم.
فهو يوسف المنسي في وظيفته بعيداً عن العمران، يقضي أوقاته في الشرب وتخيل الفتيات الجميلات والتحسر على حياته المنقضية في اللاشيء، لا يستطيع أن يتزوج ولا يجد وظيفة أفضل من قضاء لياليه وحيداً يعدل مسار القطارات.
لكن خيالاته تنقلب حقيقة يوماً، عندما يقابل امرأة جميلة في فستان أحمر –يسرا مرتدية أحد أكثر الفساتين أيقونية في تاريخ السينما المصرية- تكسر عليه وحدته وتغير نمط حياته الراكدة، ويقضي معها مغامرة لم يكن يتوقعها. أليس أفضل من ستالوني وشوارزنجر؟ على الأقل هو يستخدم دعاباتنا، ويغازل النساء بطريقة كل شاب مصري في وقته. بتحقيقه لمعادلة البطل الذي لا يقهر على الرغم من كونه عادياً للغاية، حقق الزعيم لشباب مصر ما كانوا يحلمون به ولا يقدرون على البوح، خاصة في زمن لم يعرف الانترنت ولا المدونات له طريقًا.
مشاهده مع يسرا على الرغم من كونها شديدة الجنسنة، إلا أنها تحمل في باطنها رقة وعذوبة ابن البلد، الذي مهما أثارته امرأة جميلة، إلا أنه مازال يحمل روح الجنتلمان المصري القادم من الستينيات في أعماقه، فيغلب العاطفة على الشهوة، ويجبرها بنبله على أن تقع في هوى حقيقته وسط عالم كامل من الزيف.
Please enable JavaScript to view the comments powered by Disqus. comments powered by