الفيلم تدور أحداثه في أوائل القرن التاسع عشر عن قصة حقيقية للمستكشف هيو جلاس الذي يتعرض إلى هجوم من قبل دب ويسبب له العديد من الجروح وأثناء محاولة إسعافه يتعرض جلاس لخيانة من قبل زميله في رحلة الاستكشاف جون فيتزجيرالد الذي يحاول دفن جلاس والتخلص منه.
فيلم The Revenant واحد من أصعب الأفلام التي من الممكن إن تشاهدها كمشاهد, ستشعر طوال الفيلم أنك داخل المغامرة " العنيفة " التي يخوضها بطل الفيلم من أجل النجاة وهذا نابع من القرار العبقري للمخرج إينياريتو لكيفية إخراج الفيلم والتي سيتم مناقشتها بالتفاصيل لاحقاً.
الفيلم أيضاً يحتاج إلى كم كبير من الصبر من المشاهدين فبالرغم من أن مدة الفيلم تبلغ ما يقرب من ساعتين ونصف إلا أنك ستشعر أن المدة أكتر من هذا الرقم بكثير بسبب الإيقاع البطيء للفيلم الذي كان موفقاً للغاية في الساعة الأولى من الفيلم، والتي تم عرض فيها الشخصيات الهامة وتقديمها بشكل جيد وبعض من خلفياتهم وسبب وجودهم في الرحلة وموقف كل الأشخاص تجاه بعضهم البعض، كل هذا تم في أول ساعة تحديداً بشكل عبقري لينتهي الفصل الأول بشكل مثالي.
مع بداية الفصل الثاني تنازل اينياريتو عن الإيقاع بالبطيء وبدلاً من تسريع الإيقاع قليلاً قرر المخرج المكسيكي أن يبطئه أكثر، وجهة نظر إينياريتو كانت موفقة ولكنه وقع في فخ وهو " طول مدة الفصل الثاني " التي جعلت المشاهد يشعر ببعض من الملل والتكرار في بعض المشاهد، الفصل الثاني بلغت مدته ساعة كاملة كان من الممكن تقديمها في 40 دقيقة فقط دون أن يتأثر الفيلم، خاصة فصل النهاية الذي أستغرق 30 دقيقة عاد فيه إينياريتو إلى ما بدأه في الفصل الأول وأختتمه اينياريتو بمشهد نهاية طويل مميز من ناحية التمثيل والتصوير والتنفيذ.
ليوناردو دي كابريو: ليو تغاضى عن منافسة الآخرين وقرر في هذا الفيلم أن ينافس نفسه، دي كابريو قدم في هذا الفيلم أداء تعبيري وجسدي يفوق أي أداء قدمه من قبل، أداء يجعله منافس بقوة على جائزة الأوسكار كأفضل ممثل هذا العام.. بإمكاني أن اجزم أن هذا الدور هو أحد أصعب الأدوار السينمائية في السنوات الأخيرة وعدد الممثلين القادرين على تنفيذه يمكن عدهم على أصابع اليد الواحدة وبالتأكيد ليو في مقدمتهم، أداء كبير ومتكامل وخالي من الأخطاء من دي كابريو.
توم هاردي: واحد من أفضل الأدوار المساعدة في هذا العام، توم هاردي يجعلك بأدائه المميز أن تكرهه بشدة طوال أحداث الفيلم، نعم ستشعر بأنك تريد أن تكسر الشاشة كلما شاهدت توم هاردي وأن تصل يدك إلى رقبته وتخنقه، وتاريخياً في الأفلام هناك سببان يجعلوك كمشاهد تكره الممثل الشرير في الفيلم، السبب الأول هو تعاطفك مع البطل "الضحية"، السبب الثاني هو التجسيد العبقري للممثل الذي يقوم بدور الشرير الذي يشعرك كمشاهد بأنك "أنت الضحية " وأن صراعك معه كشرير صراع شخصي.. الفارق كبير للغاية بين شرير السبب الأول و شرير السبب الثاني . الثاني يكسب، لذلك توم هاردي يكسب.
ويل بولتر: بخطوات ثابتة يسير هذا الممثل الشاب صاحب الـ22 عاماً الذي يختار أدواره بعناية ويقدم أداء مميزاً يجعله مرشحاً بأن يكون في المستقبل من أهم الممثلين في هوليوود، بولتر الذي جسد في الفيلم شخصية "بريدجر" قدم ثالث أفضل أداء تمثيلي في الفيلم خلف ليو وتوم هاردي، انفعالاته محكمة وتمثيله ممتاز ويتطور في كل فيلم، موهبة شابة مميزة في هوليوود تستحق أدوار أكبر في الفترة القادمة.
الفيلم من تأليف مارك أل سميث إينياريتو، سيناريو الفيلم به جمل حوارية قليلة، طبيعة الفيلم جعلته يعتمد على المواقف والارتجال من المخرج أكثر من الاعتماد على النص المكتوب، الفصل الثاني على سبيل المثال أعتقد بأن أكثر من 50% من مشاهدة لم يتم كتابتها منذ البداية بل تم كتابتها وتنفيذها أثناء أيام التصوير.
إذا كُتب لهذا الفيلم النجاح وتحقيق عدد أكبر من الجوائز سيكون السبب الأول في هذا النجاح هو مخرج العمل أليخاندرو جونزاليز إينياريتو ومدير التصوير إيمانويل لوبزكي، إينياريتو يثبت للعالم الثاني علي التوالي أنه حقاً من أفضل المخرجين في العالم أما لوبزكي فللعام الثالث على التوالي يصعب المهمة على أي مدير تصوير أخر بأن يلاحقه وينافسه.
في التعاون الثاني على التوالي لإينياريتو ولوبزكي بعد Birdman أرادوا تكرار تجربة المشاهد الطويلة المصورة كلقطة واحدة، ربما كان أقل في الصعوبة في Birdman لأن الفيلم تدور أحداثه في مبنى واحد، أما في The Revenant طبيعة الأجواء والأحداث مختلفة وصعبة للغاية الأمر أشبه بالدخول وحيداً دون سلاح وسط غابة مليئة بالأسود محاولاً ترويضهم، وهذا ما فعله الثنائي الذي أستطاع ترويض الظروف الصعبة المحيطة جميعها وجعلها سلاح لصالح الفيلم وليس ضده. الفيلم أيضاً جميل بصرياً واللقطات الطويلة تجعلك جزء من الحدث وليس مجرد شاهداً عليه.
إينياريتو يستحق التواجد بين الخماسي المرشح للأوسكار والمنافسة بشراسة على الفوز بالجائزة للمرة الثانية على التوالي.
فيلم The Revenant لا يقدم لكل المتعة التي تقدمها لك باقي الأفلام، فهو فيلم وتجربة مختلف تحتاج إلى صبر والتدقيق في تفاصيل عديدة، ربما ليس الأفضل في 2016 ولكنه بكل تأكيد من أفضل 5 أفلام هذا العام. أداء تمثيلي وإخراج وتصوير عبقري، يعيب الفيلم طول مدته خاصة في الفصل الثاني ووجود بعض المشاهد المكررة التي كان من الممكن التغاضي عنها.
Please enable JavaScript to view the comments powered by Disqus. comments powered by