علاقة بدأت بين مخرج شديد الموهبة والتوهج وممثل من طراز نادر، ممثل يقع في منطقة -اسماها النقاد- "منطقة ما بعد الكمال"، ومخرج شغله الشاغل تقديم سينما حقيقة تحمل بصمته ورؤيته علاقة امتدت إلى خارج الاستوديوهات لتجمعه برباط صداقة قوي لم يتأثر رغم كل الخلافات التي نشبت بينهم.
لم تكن علاقة محمد خان بأحمد زكي علاقة مخرج بفنان بل إن أحمد زكي أكثر من مرة وصف علاقته بخان بعلاقة أخوية، بل وتجاوز ذلك قائلا إن ما يربطه بخان هو "حبل سُري" واحد، فكانت الأعمال تعرض على أحمد زكي فيرشح محمد خان كمخرج للعمل فإن كان خان مشغولا أو رافضا للعمل يبدأ زكي في التفكير في مخرج أخر، والعكس صحيح.
ولكن هل كانت تلك العلاقة رائقة دائما على هذا النحو؟ الإجابة لا، فخلال التجهيز لفيلم "الحريف"، الذي عرض في عام 1983، وقع خلافا كبيرا بين خان وزكي بسبب شكل الشخصية، فخان كان يرى أن الحريف مازال في وجهه براءة أطفال باقية، بينما رأي زكي أنه من الأفضل أن يكون متجهما خاليا من البراءة التي يريدها خان، كان خان يري أن شعره لابد وأن يكون طويلا، بينما فاجأه زكي حينما جاءه أول يوم تصوير وقد قص شعره "زيرو" - وفق رواية الصحفي محمد الوزيري.
ولأن كلاهما يتسمان بالعناد، لم يتخل أحدهما عن موقفه فطلب خان من زكي أن يتصل له بعادل إمام لكي يقوم بالدور، ويبدو أن هذا الأمر أثر على العلاقة بين زكي وإمام لفترة من الوقت، خاصة حينما تعرف خلفيات التنافس والعلاقة المركبة بين عادل إمام وأحمد زكي، على أي حال ظهر الخلاف بين خان وزكي في توقف التعامل الفني بينهم حتى عام 1988 حينما عادا للعمل في فيلم زوجة رجل مهم وأحلام هند وكاميليا.
أما خان الذي روى سابقا في أكثر من حوار صحفي كل تلك المناوشات بينه و بين زكي، روى أيضا أن السبب الرئيسي وراء عدم تقديم زكي للمسرحيات بعد مسرحية "العيال كبرت" كانت نجومية عادل إمام، فأحمد زكي كان يعلم مدى ومقدار تألق عادل إمام على خشبة المسرح، ولا سيما أيضا تألق سعيد صالح هو الآخر، الأمر الذي جعل التنافس على زعامة المسرح يشير إلى هزيمة زكي إذا حاول الدخول في المنافسة، ولكن زكي طالما تمني تقديم دور هاملت على المسرح.
في فترة الانفصال الفني بين خان وزكي تعامل زكي مع مخرج أخر يحمل بداخله شعلة الوهج والتفرد وهو الراحل عاطف الطيب وقدم معه في تلك الفترة ثلاثة أفلام من 1984 وحتى 1986 وبعدها ظل زكي يتعاون مع الطيب وخان وقدم للطيب فيلمين آخرين وهما الهروب 1991 وضد الحكومة 1992، والذي شهد خلافا كبيرا بين الطيب وزكي.
من المعروف عن زكي أنه كان يفرض في كثير من الأحيان أسلوبه وطريقته على المخرج ويضع شروطا لبعض المشاهد كان يطلب مثلا من طارق العريان في فيلم "الأمبراطور" أن تكون طريقة تصوير مشهد الخناقة بينه وبين رغدة أن بكادر واسع ومفتوح وأن يصور المشهد لقطة كاملة، حتى يستطيع أن يؤدي المشهد كما يراه و يتمناه، وهو الأمر الذي لم يكن ممكنا مع عاطف الطيب، وقد طلب زكي من عاطف أن يأخذ مشهد المرافعة النهائية في فيلم "ضد الحكومة" بطريقة اللقطة الكاملة، وذلك خلافا على رؤية عاطف والذي قام بتقطيع المشهد إلى لقطات عدة، مما أرهق زكي في التصوير كثيرا.
وقد روى لي المخرج "معتز المفتي" نقلا عن أحد عمال الماشينست الذين عملوا مع عاطف الطيب أنه في يوم التصوير طلب أحمد زكي إعادة أخذ لقطة التقطها الطيب، بينما كان الطيب قد صاح "اطبع" معلنا رضاه الكامل عن اللقطة، وحاول الطيب إثناء زكي عن قراره، ولكن زكي أصر، فما كان من الطيب إلا أن طلب من مساعد المخرج أن يظل مع زكي وان يأخذ اللقطة الذي يريدها دونما "كلاكيت" أو أي استعداد وأعلن أنه "فركش" اليوم، ورحل عاطف بالفعل وترك الأستوديو، ليجد زكي نفسه بمفرده بدون عاطف لينصرف هو الأخر غاضبا.
على الرغم من كل هذا وكل الخلافات التي شهدتها علاقة زكي بخان التي وصلت إلى أن قام أحمد زكي بالجري وراء خان بالسكين في كواليس فيلم "أيام السادات" 2001، حينما تجرأ خان على تقديم ملاحظة على أداء زكي أمام الجميع، وهو ما جعل زكي يشتعل غضبا ونهض يركض خلف خان بالسكين وفق ما رواه الصحفي محمد الوزيري.
ويقول خان عن أحمد زكي في حوار صحفي في جريدة "المصري اليوم" في ذكرى وفاة أحمد زكي العاشرة " كلانا عناديين، ونتعامل مع بعض زي العيال ونتخاصم ونتصالح، يمكن لأن كل منا عارف قيمة الثاني، لدرجة إننا كنا نردد دائما "لو زكي نفسه يكون مخرج فهو نفسه يكون زيي وأنا لو نفسي أكون ممثل فأنا نفسي أكون زيه".