القصة التالية قد تجري أحداثها في سنة ٢١٠٠: شاب مصري في غرفته يستمع إلى أغانٍ قديمة من تراثه بلده، فتلفت انتباهه أغنية تحت اسم "ما شربتش من نيلها" لمطربة كبيرة كان سمع من والده عنها أنها كانت فنانة رائعة بكل معنى الكلمة.
اسمع "ما شربتش من نيلها" لشيرين عبد الوهاب
" frameborder="0">
يستمتع هذا الشاب بالأغنية ويعيدها أكثر من مرة، ويقرر أن يبحث في أرشيف الملحن ذاته عن أغانٍ أخرى قام بتلحينها، فهو يعلم من خلال والده أيضا أن صاحب اللحن كان واحدا من أهم الملحنين في عصره وساهم بقوة في الصناعة الموسيقية آنذاك.
الطريف في الموضوع أن الشاب سيجد ضمن بحثه في تاريخ هذين الفنانين أنهما رشقا بعضهما بعبارات قاسية وقاما بالتجريح بإمكانياتهما. قد يتفاجأ هذا الشاب من تصريح شيرين عبد الوهاب لعمرو مصطفى "روح يا حبيبي اتعلم مزيكا وتعال كلمني"، وهو من أغنى الموسيقى العربية بأرشيف قد يتجاوز ألف أغنية.
وقد يضحك مستغربا عندما يصادف تصريح عمرو بأن الجمهور طالبه أن يعيد غناء "جنودنا رجالة" بصوته لأنه غناها بشكل أفضل. برأيكم ما الذي سيقوله هذا الشاب حينها عن أسماء دخلت التاريخ في الموسيقى العربية؟
اسمع "جنودنا رجالة" لشيرين عبد الوهاب
" frameborder="0">
الخلاف الذي نشب أخيرا بين الفنانة شيرين والملحن عمرو مصطفى لم يكن مهنيا على الإطلاق، والطريقة الإلغائية التي استخدمها الإثنان في نقد بعضهما لا ترقى لمكانتهما في الوسط الفني أبدا. وملخص الخلاف لمن لا يعلم عنه شيئا أن شيرين انتقدت صوت عمرو مصطفى وقالت عنه أنه لا يعجبها. هذا رأيها ويمكن احترامه، ولكنها أخطأت حين قالت أنه "وحش" وضحكت بطريقة مستفزة.
شيرين عبد الوهاب عن عمرو مصطفى: "أكتر واحد ودانا في ٦٠ داهية.. وصوته وحش جدا جدا"
بهاء الدين محمد يدافع عن شيرين عبد الوهاب ويوجه رسالة إلى عمرو مصطفى
بالفيديو- عمرو مصطفى: شيرين لا تصلح أن تكون عضو لجنة تحكيم بعد حركة "الجزمة"
عمرو مصطفى يعلن مسامحته لشيرين: "خطبة الجمعة كانت عن التسامح والعفو"
ورد عمرو مصطفى على شيرين عبد الوهاب، وقال إن أغنية "جنودنا رجالة" لا تليق على صوتها، وأنه كان عليه أن يعطيها لمطرب. هذا رأيه أيضا ويمكن احترامه، ولكنه تابع مستفزا بأن شيرين عبدالوهاب يجب ألا تخرج علينا في برامج المواهب، لأن الفنان "هيبة" على حسب قوله، وانتقد عدة تصرفات لها من جملتها التصرف الشهير بــ "الجزمة". مرة أخرى آراؤه تُحترم، ولكن طريقته في النقد كانت مستفزة لدرجة أن شيرين قالت عندما سمعت تعليقه على موقف الجزمة "روح يا حبيبي اتعلم مزيكا وتعال كلمني "، وشرحت أنه عندما يأتي عمرو ليزورها يطبل على الغيتار من الخلف في إشارة أنه لا يعرف العزف على الغيتار، وهو التصريح الذي لم يكن في محله لأنها كان عليها أن ترد على انتقاده في ما يتعلق بتصرفاتها لا أن تلغي موهبته كلها.
كلام شيرين عبد الوهاب دفع عمرو مصطفى لكتابة رد قاسٍ جدا، أخذ منحنىٍ سوقيا بعض الشيء لن نورده هنا لأنه سارع ومسحه من على صفحته.
بهاء الدين محمد الشاعر الكبير تدخل بدوره حين علم أن عمرو مصطفى زج باسمه في التدوينة الممسوحة. وتصرف الشاعر بإلغائية أيضا، حين قال إن عمرو مصطفى لم يكن موجودا عندما بدأت شيرين بالغناء. وهذا بالطبع كلام غير دقيق، لأن عمرو قدم أول أغنية له في سنة ١٩٩٩، في حين كانت بداية شيرين الحقيقة في أغنية "آه أي ليل" في سنة ٢٠٠٢، وبهذا نخسر تعاونا بين "ثنائي" عبقري مثل بهاء الدين محمد وعمرو مصطفى، كما سنخسر نفس الثنائية بين عمرو وشيرين، والجمهور المستمع هو المتضرر الأول والأخير.
اسمع "آه يا ليل" لشيرين عبد الوهاب
" frameborder="0">
ملخص القول: نتمنى من جميع الفنانين احترام إمكانيات بعضهم، وعدم الانجرار إلى هذه المهاترات التي ستدخل تاريخهم الفني وتترك فيه ندبا يصعب محوها. إذ أنهم - شئنا أم أبينا- دخلوا تاريخ الموسيقى المصرية، وهم من سيذكرهم الأجيال المستقبلية.كما نذكر اليوم فايزة أحمد ومحمد الموجي ومرسي عزيز مع فارق التشبيه وبُعد المقارنة.
- غزوان الميداني، صحفي سوري مقيم في الولايات المتحدة الأميركية، ولديه اهتمامات في الصحافة الفنية.
Please enable JavaScript to view the comments powered by Disqus. comments powered by