ففي أول حوار صحفي أجراه عقب توليه المنصب مع صحيفة "المصري اليوم" أكد أنه سيخاطب المسؤولين في الدولة من أجل الارتقاء بالذوق العام واحترام المشاهد والأجيال الجديدة، مدللًا على ذلك بأن الفن سلاح خطير جداً لابد من استغلاله بشكل صحيح.
نقابة الموسيقيين بالفعل حصلت على صفة الضبطية القضائية في نوفمبر الماضي، والتي تمكن النقابة من تحرير محاضر للمخالفين وإرسال المحضر لقسم الشرطة ليحصل على رقم ومن ثم يحول المحضر إلى النيابة، وقتها أثير الكثير من الجدول حول منح النقابة هذه الصفة فاعتبرها مجلس النقابة "انتصارًا للشارع الموسيقي"، في حين رأى معارضو القرار ومن بينهم المنتج محمد العدل أن قرارًا كهذا من شأنه تقويض حرية الإبداع.
هاني شاكر يسعى لترسيخ صورته كراعِ للفن الراقي والساعي للارتقاء بالذوق العام، حصل على ضبطية قضائية لأعضاء مجلس نقابته، وعليه أن يحسن استغلالها من أجل أداء هذا الدور على النحو المثالي، إلا أنه يوم السبت 20 فبراير الجاري، أعلن أن النقابة منعت حفل "عبدة الشيطان" بوسط البلد، قاصدًا بذلك مجموعة حفلات موسيقى الـ Black Metal، الذي أعلن عنها عازف الميتال نادر صادق، لتحييها 4 فرق، هم فريق Inquisition الأمريكي، وPerversion الإماراتي، وSmouldering In Forgotten البحريني، وفريق "العزيف" المصري.
وموسيقى الميتال هي لون من ألوان موسيقى الروك تطور في سبعينات القرن العشرين، ويمتاز بقوة الموسيقى وحريتها من القيود، مع استعمال الدرامز والباس جيتار Bass Guitar.
ويبدو أن نقيب الموسيقيين، لم يتحقق جيدًا من ملابسات الحفل فأكمل تصريحاته "الأبوية" والتي أكد خلالها أن النقابة أبلغت الأمن بضرورة منع هذا الحفل: "إيمانا بدورها في الحفاظ على شباب مصر من المؤامرات التي تحاك حولنا، ولحماية الفن، والحفاظ على النشء من الوقوع في يد مثل هذه الشبكات باسم الفن والموسيقى".
سرعان ما حاول هاني شاكر استغلال الواقعة لترسيخ نفس الصورة التي يصدرها لنفسه كـ"نقيب للأخلاق"، فكتب عبر صفحته الرسمية على فيسبوك، أنه "لم يكن غافلًا عما يدور حوله في الساحة الموسيقية، واستطاع إلغاء حفل لعبدة الشيطان، والقبض على القائمين عليه، ليضرب مثالًا للمواطن المصري الذي يهاب الله في كل خطواته"، ووصف تحركه بأنه لم يكن انطلاقا من مكانه كنقيب للموسيقيين بل كان تحرك أب تحمل أن يكون سفيرًا لكل أولياء الأمور حفاظًا على أولادهم من هؤلاء الذين وصفهم بـ"الكفرة".
تصريح هنا ومداخلة هناك، اعتبر هاني شاكر ما فعلته النقابة إنجازا غير مسبوق، وفي مداخلة هاتفية ببرنامج "حضرة المواطن" على قناة العاصمة، قال إن النقابة تلقت اتصالات من مواطنين بإقامة حفلات عبدة الشيطان يتزعمها قطري وأمريكي وبحريني ومصري، وأن النقابة تحركت لمنع الحفلين بالتعاون مع مديرية أمن القاهرة.
"كانوا يرتدون ملابس غريبة ووضعوا على ظهورهم علامة ماسونية، ويضعون ماكياج مخيف"، هكذا وصف شاكر العازفين الذين أحيوا حفلًا بالفعل وكانوا يستعدون لإحياء حفلين آخرين، مؤكدًا أن ما وصفه بعودة ظهور عبدة الشيطان مرة أخرى في مصر يعود إلى الحرب التي يخوضها الغرب على مصر، لإشاعة الفوضى والفحشاء والمنكر.
" frameborder="0">
لم يكن هاني شاكر وحده من وقع في فخ إلقاء التهم على أصحاب الحفل دون دليل مادي، شاركه في ذلك المتحدث الإعلامي للنقابة طارق مرتضى الذي أكد أنه تم "ضبط" نوع من موسيقى الميتال التي ترمز لعبادة الشيطان وتؤدي للفتن الدينية بين الشباب، يقدم بشكل غريب، ويحيي الحفل عازفون يرتدون ملابس تشبه بزي عبدة الشيطان، مزينة بنجمة داوود وشعارات أخرى، بالإضافة إلى الماكياج الذي يميز عبدة الشيطان".
ولم تنصف وزارة الداخلية أمير الغناء العربي، إذ قالت مصادر أمنية لصحيفة المصري اليوم إنها ألغت حفل واحد بناء على طلب شاكر، لكنها اكتشفت بعد ذلك أنّ قرابة ٤٠ شخصًا بينهم سيدات أطفال وسيدات تواجدوا بشكل طبيعي جدًا داخل أحد ملاهي وسط البلد من دون ممارسة أي طقوس تذكر، وأكدت المصادر أن أجهزة الأمن حصلت على كاميرات الملهي وفرغتها وأتضح عدم وجود ما يلفت الانتباه.
وبعيدًا عن القدر الكبير من التعليقات الساخرة التي نالها هاني شاكر ومجلس نقابة الموسيقيين، والتي سخرت من كونه نقيبًا للموسيقيين ورغم ذلك لا يعرف الأنواع المختلفة من الموسيقى، اعتبر عمرو حسن أحد مؤسسي موسيقى الروك في مصر، أن ما حدث ما هو إلا عودة لملابسات واقعة مشابهة جرت في تسعينيات القرن الماضي وتحديدًا عام 1997 واتهم فيها عدد من الشباب، مهاجمًا في الوقت نفسه نقابة المهن الموسيقية على قرارها المتسرع.
وقال إن في عام 1997 حفظت قضية "عبدة الشيطان، لعدم وجود قضية من الأساس والمتهمون فيها كانوا محبوسين احتياطيا، لذا لم يكن هناك من الأساس ما يدعى بعبادة الشيطان.
" frameborder="0">
وساوى حسن بين الـ"make up"، الذي يستخدمه العازفون لموسيقى الميتال وبين قيام مشجعي كرة القدم على مستوى العالم بدهن وجوههم وأجسامهم بألوان فرقهم المفضلة، قائلًا: "الحاجة الجديدة على المجتمع تكون في الغالب مرفوضة، فوسائل الإعلام لم يسبق لها وأن قامت بتغطية حفل روك أو ميتال، لذا فهو عار وعيب على الإعلام".
وأكد أنه لا يوجد ما يسمى بعبدة الشيطان، معلقًا على الخبر الذي تم نشره بمنع إحدى الحفلات الخاصة بعبادة الشيطان، موجهًا حديثه لهاني شاكر نقيب الموسيقيين قائلًا: "كيف علمت بأن هذا الحفل هو لعبادة الشيطان؟"، الحفل معلن عنه على فيسبوك منذ أكتر من شهرين، ونقابة المهن الموسيقية من المفترض أن تقوم بمراقبة الحركة الموسيقية في مصر كلها، ومن ضمن عملها أن تتابع مسألة استخراج تصاريح الحفلات منذ وقت كاف، لكن مجرد الارتياب في حفل واعتبار أنه طقس لعبادة الشيطان، لعدم معرفة النقابة بهذا النوع من الموسيقى.
وأضاف أن ما حدث كارثة خاصة أننا في سنة 2016، وعلى الجاهل بشيء أن يذهب لمحرك البحث جوجل ليقوم ببحث عنه، بدلًا من إلقاء تهمة عبادة الشيطان على أشخاص بغير علم.
ويرى أستاذ الموسيقى بكلية التربية النوعية جامعة القاهرة، محمود الحلواني، أن ما حدث هو إجراء احترازي ليس مفاجئًا أو غريبا، اتخذه النقيب هاني شاكر خوفًا من حدوث أية ملابسات، أو ممارسة بعض الحضور طقوس تشبه ما يقوم به عبدة الشيطان عند سماع هذا النوع من الموسيقى.
"من الطبيعي أن يتصدى هاني شاكر الخارج عن تقاليدنا وأصول الفن المصري والعربي الأصيل" يقول الحلواني في تصريحات خاصة لـFilFan.com، هناك تجاوزات كانت قد حدثت في حفل سابق لإحدى فرق الميتال في ساقية الصاوي، وقررت على أثرها إدارة الساقية عدم استضافة فرق الميتال مرة أخرى.
وأكد الحلواني أن هذا النوع من الموسيقى ارتبط عالميا بطقوس عبدة الشيطان، "وحتى لو لم تكن الفرق التي نحن بصدد الحديث عنها مرتبطة بهذه الطقوس، فإجراء النقابة جاء حفاظًا على سمعتها وخوفًا من قيام أي من الشباب الحاضرين بممارسة هذه الطقوس، لذا هاني شاكر اتخذ هذا الموقف تأمينًا لسمعته وسمعة مجلس النقابة".